رواية منال كاملة

موقع أيام نيوز


فاقتربت من نفس الرجل الذي كان يحادث المحامي قبل لحظات متسائلة
بأقولك يا بني سي منذر موجود
رد عليها نافيا بهدوء
لا والله يا ست عواطف ده مسافر

تعجبت عواطف من إجابته مرددة پصدمة خفيفة
اييه مسافر! خلاص نجيله وقت تاني!
لمحها المحامي من الداخل فأسرع في خطواته ليلحق بها هاتفا بنبرة عالية ليجذب انتباهها
حاجة عواطف!
التفتت برأسها نحوه متمتمة بهدوء
ايوه!
التقط أنفاسه متابعا بابتسامة عريضة
بنت حلال والله أنا كنت لسه هاجيلك
تبادلت هي نظرات حائرة مع ابنة أخيها وهي تتساءل بقلق
خير في حاجة
أجابها المحامي بصوت جاد موضحا بيده
اه الأستاذ منذر مبلغني أسلمك باقي الأمانة
قطبت جبينها مرددة
أمانة!
فسر مقصده محافظا على نفس ابتسامته
حقك في بيع نصيبك من الدكان!
انزعجت أسيف من تذكرها لتلك المسألة التي نغصت عليها سكونها ولم ترغب في متابعة الحوار بينهما لذا بتأدب واضح في نبرتها اعتذرت لعمتها قائلة
طب يا عمتي أنا أنا هاتمشى شوية كده هنا لحد ما تخلصي ونتقابل عند الدكان بتاعي!
فطنت عواطف لضيقها من تلك المسألة وضغطت على شفتيها قائلة بحذر
ماتخليكي معايا ده 
قاطعتها أسيف بإصرار وهي تتحرك مبتعدة عنها
لا معلش بلاش!
فهمت عدم رغبتها في التواجد كي لا تثير ضيقها أكثر فاستسلمت لرغبتها مرددة
طيب يا بنتي! اللي يريحك!
عبست أسيف بوجهها وهي تسير مبتعدة عن الوكالة أحزنها تخلي عمتها عنه بسهولة في تلك الظروف العصيبة ودت لو تريث في قرار بيعها وأمهلتها الفرصة لتشتريه هي منها لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن فكرت بإجهاد في طريقة تستعيد بها ملكية دكانها بالكامل 
بالطبع لن يكون الأمر باليسير خاصة مع شراء منذر لحصة عمتها بمبلغ ضخم وما معها حاليا من أموال لا يكفي لسداد ما دفعه

واسترداده 
تعبت من كثرة التفكير ولم تشعر بقدميها وهما تسوقاها إلى الزقاق الجانبي المؤدي لورشة النجارة المملوكة للحاج زقزوق 
توقفت عن السير متلفتة حولها ثم تنهدت بتعب ولكن أضاء ذهنها فجأة بشي ما أصابها بحماس كبير هي فكرت في الاستعانة بالصبي حسن الذي يعمل بالورشة ليعاونها في توضيب الدكان وإزالة ما به من مخلفات متهالكة بدت الفكرة جيدة إلى حد ما وقررت أن تشرع في تنفيذها خاصة أن باستطاعتها الآن دفع أجرته 
أسرعت في خطاها نحو الورشة ووقفت عند عتبتها متسائلة بحرج
لو سمحتوا ممكن أكلم حسن!
نظر إليها العاملون بالورشة باستغراب وأجابها أحدهم بجدية
برا مع الحاج زقزوق في مصلحة ولو مستعجلة امشي هو احتمال يتأخر!
ابتسمت بتكلف وهي ترد
طيب متشكرة!
استدارت بجسدها مستعدة للرحيل لكنها فكرت في ترك رسالة للصبي حتى يتواصل معها عندما يعود من عمله الخارجي فهتفت قائلة بهدوء موجهة حديثها لذلك الشاب الذي أجابها قبل ثوان معدودة
طب ممكن بس أما يجي تقوله صاحبة دكان خورشيد عاوزاه في شغل
رد عليها الشاب بجدية
ماشي يا ست!
تحركت بعدها في اتجاه الدكان وهي ترسم في مخيلتها عدة تصورات حماسية لما يمكن أن تفعله كي تستثمر أموالها في مشروع مربح يعود عليها بالنفع من خلاله 

ألقى بإصبعيه سيجارته المنتهية بعد أن لفظ منها أخر دخان يمكن أن ينبعث منها ثم تحرك في اتجاه المحال الجديدة فقد أصبحت هذه المسألة شاغله الشاغل مؤخرا فهي الذريعة التي سيقضي بها على غريمه منذر
لم ينكر إعجابه بفكرة إنشاء مطعم للمأكولات البحرية في المنطقة ولكن ما لم يرضيه هو نسبة الربح حينما اطلع على العقود شعر بالاستغلال وبتحكم عائلة حرب في كل شيء 
انتصب مجد في مشيته وهو يدب بقدميه على الأرضية الإسفلتية  
أدار رأسه للجانب ليحدق في أوجه المارة بنظرات مشمئزة وغمغم مع نفسه بازدراء
وشوش تقطع الخميرة من البيت!
حرك رأسه للأمام فوقعت عيناه مصادفة على إحداهن تلك التي تتهادى في خطواتها المنظمة 
ثبت نظراته الحادة عليها نعم هو عرف هويتها فوجهها مألوف له 
ضاقت نظراته المخيفة نحوها وتقوس فمه بإلتواءة مريبة مرددا لنفسه بنبرة ليست مريحة مطلقا
هه وأخيرا!!!
يتبع الجديد
الفصل الخامس والأربعون
ضړب بقبضة يده على الطاولة الزجاجية لاعنا حظه العثر الذي انعكس أيضا على حياته العملية نظر له رفيقه ناصر متسائلا باهتمام وهو يناوله زجاجة المشروب
وهتعمل ايه دلوقتي
أجابه حاتم بقلة حيلة
مش عارف المصلحة دي كمان باظت وأنا كنت متعشم إني أطلع منها بقرشين!
لمعت عيناي ناصر ببريق طامع وهو يضيف مقترحا
طب ما ترجع تاني للتهريب
وضع حاتم يده على فمه قائلا بتوجس ومتلفتا حوله
ششش وطي صوتك! محدش يعرف ده!
هز الأخير رأسه عدة مرات مرددا بإعجاب
ماشي بس انت سالك فيها وليك سكتك ومعارفك
لوى حاتم ثغره مبررا تراجعه عن القيام بتلك النوعية من العمليات الغير قانونية
عارف بس معدتش عندي اللي يخلص!
غمز له ناصر قائلا بمكر وهو يلكزه بخفة في ذراعه
اها قصدك على المدام
تجهمت قسمات وجه حاتم بالكامل ورد بامتعاض شاتما إياها بوقاحة
ماتجبليش سيرتها ولية !!
عقد ناصر مابين حاجبيه قائلا
ده انت لسه معبي منها على الأخر
فرك رفيقه وجهه بغل وأرجع ظهره للخلف مجيبا عليه بسخط ظاهر في نبرته ونظراته
جدا! وعلى رأي أمي جايبة النحس للبيت كله بس أنا مضطر أتكلم معاها عشان بنتي
أثارت جملته الأخيرة اهتمامه فسأله بفضول
هي البت مش معاكو
حرك رأسه نافيا وهو يوضح بفتور
لأ البت لسه صغيرة والحضانة معاها!
تجرع ناصر رشفة كبيرة من زجاجته التي أوشكت على الانتهاء وتجشأ قائلا
أها! قولتي بقى!
تابع حاتم حديثه بنبرة ممتعضة
عاوز أشوفها بس شايل هم الزيارة دي!
اقترح عليه رفيقه بنبرة عادية
طب ما تبعت أمك ولا أختك عندها!
التوى ثغره بابتسامة تهكمية وهو يبرر بسخرية
أمي! إنت بتهزر دي تطيق العمى ولا تشوف وشها انت عارف دي عاوزة تولع في البت نفسها عشانها منها!
ثم نفخ بحنق وهو يشير بيده مرددا بتبرم
قفل قفل على القرف ده كله وخلينا نشوف شغلانة تانية نقضيها 
وافقه ناصر الرأي هاتفا بابتسامة غير مريحة
طيب! اشرب وانسى يا معلم!
ثم الټفت برأسه للخلف ليراقب أوجه تلك الفتيات لم يهتم حاتم بما يفعله رفيقه فباله الآن مشغولا في البحث عن وسيلة جديدة يتحصل منها على أموال إضافية 
ذرعت غرفة نومها الخاصة جيئة وذهابا تفكر في تلك الکاړثة التي اكتشفتها بغرفة ابنها البكري رفضت إلقاؤه في القمامة تحسبا من شړ ذلك الشيء القابع به والذي تظن أنه سيصيبه بالسوء إن أهملته لذلك احتفظت به في أحد أدراج المطبخ ثم عادت لغرفتها لتختلي بنفسها بعد رحيل الأختين من المنزل 
ضړبت كفا بالأخر هاتفة لنفسها بقلق ظاهر في نبرتها
يا خۏفي يطلع كلامها صحيح طب أتصرف ازاي واكلم مين يفيدني في الحكاية دي
جلست مستاءة على طرف الفراش تهز جسدها بعصبية مضطربة عجزت عن التفكير بذهن صاف وغفلت عن إطعام الصغيرين ولج زوجها إلى الغرفة متعجبا من حالتها الواجمة تلك 
ألقى عليها التحية لكنها لم تجبه كانت تمتم لنفسها بكلمات مبهمة وكأنها لم تره 
صاح بها بصوت قوي
سرحانة في ايه يا جليلة عمال أكلمك من بدري وإنتي في التوهان كده!
انتبهت لصوته المرتفع ونهضت عن الفراش مرددة باضطراب قليل
معلش يا حاج دماغي مشغولة حبتين!
تفرس في وجهها متسائلا باهتمام
خير إن شاء الله
توجست خيفة من إخباره فربما يرفض تصديق تلك الخرافات ويتهمها بالجنون ففكرت سريعا في إجابة مقنعة 
خرج صوتها مترددا وهي تقول
هه حاجة البيت ومشاغله اللي مابتخلصش! ما إنت عارف يا حاجوخصوصا طلبات العيال!
رد عليها بعدم اقتناع وهو يشير بعينيه المجهدتين
أها طيب شوفي الأكل بتاعهم لأحسن أعدين برا يقولولي جعانين!
لطمت على صدرها بعفوية مرددة بضجر
ده أنا نسيتهم خالص!
ثم أسرعت في خطاها تاركة الغرفة لتطعم الصغيرين 
تابعها طه

بنظرات متعجبة وهز رأسه قائلا باستنكار
مالها الولية دي شكلها مش طبيعي خالص!
همست جليلة لنفسها بامتعاض ظاهر على محياها
منك لله يا بنت حوا وآدم ډبرها من عندك يا رب هو ابني ناقص!
تمددت على الفراش شاعرة بلذة انتصارها الساحق في تلك الجولة الجديدة في معركتها معها هي لا تعدها ابنة خالها بل عدوتها التي تتنافس معها في الاستحواذ على محبة الأخرين خاصة من جذبها بشهامته إليه لم تعبأ برضيعتها التي تبكي صاړخة لتناول الطعام وظلت شاردة تفكر فيما فعلته 
لقد أتقنت دورها ببراعة وتفننت في خداع أمه الساذجة بأبسط الطرق 
همست نيرمين لنفسها متباهية
زمانها دلوقتي قايدة ڼار إياكش الڼار دي تاكل اللي ما تتسمى! 
اندفعت أختها بسمة إلى الغرفة هادرة بضيق
ايه يا نيرمين مش سامعة عياط بنتك
اتجهت للفراش لتحمل الرضيعة بين ذراعيها وقامت بهدهدتها برفق لتكمل ټعنيفها لأختها الكبرى قائلة
مش معقول كده! أعدة ولا على بالك بنتك مفلوقة من العياط وانتي هيمانة على نفسك! 
عبست نيرمين بوجهها قائلة بتذمر
يووه لازم تعكري مزاجي كل شوية!
نظرت لها بسمة مدهوشة وهي تردد مستنكرة
أعكر مزاجك! عياط بنتك مش فارق معاكي ربنا يرحمها من قسوتك!
ردت عليها بسخط جلي
خدت ايه منها غير غلب أبوها وبوزه الزفت!
وهي ذنبها ايه ارحميها
نهضت نيرمين على مضض من على الفراش مقتربة منها ثم مدت يديها قائلة بتجهم ساخر
طيب يا أم قلب حنين هاتيها!
رمقتها بسمة بنظرات حادة متمتمة بصوت شبه هامس
خدي وربنا يرحمها منك!
كانت حذرة في خطواتها المتباطئة نحو دكانها العتيق حتى لا ټؤذي قدمها اليسرى أكثر تماثلت للشفاء بنسبة كبيرة لكنها حرصت على عدم الضغط عليها بالسير مطولا أو بإرهاقها 
لم تشعر بذلك الذي يتربص بها وهو يدنو منها بخطاه المتعجلة فلم تأخذ حذرها تماما أصبحت على بعد مسافة قصيرة من دكانها شردت في اللافتة القديمة متأملة حروفها الغير واضحة 
انتفضت في سيرها فزعة حينما شعرت بيد تتلمس كتفها فاقشعر بدنها بالكامل وشهقت مذعورة ملتفتة برأسها للجانب زاد هلعها حينما رأت وجهه المقيت يبتسم لها بصورة أرعبتها كثيرا عرفته توا إنه نفس الرجل الذي قابلته من قبل ذاك الذي أثار حنق منذر للغاية وأوصله للعصبية في لحظات 
هوى قلبها في قدميها من فرط الخۏف 
تراجعت تلقائيا مبتعدة عنه لتزيح يده المتلمسة لها عنوة 
كانت كمن لدغها عقرب بلمسته المحرمة على جسدها رغم أنها لم تدم سوى لثوان لكنها كانت كافية لإشعارها بالنفور منه 
نظر لها مبتسما باستخفاف مزعج ثم تحرك قبالتها ممددا يده نحو وجهها متعمدا تلمسه فذعرت منه وأرجعت رأسها للخلف لتتحاشاه قبل أن يمسها 
ابتسم قائلا بلهو
وأدينا اتقابلنا يا حلوة!
زاغت أبصارها من كلماته المقلقة واستشعرت أنها على شفا الوقوع في مأزق كبير 
دنا منها ليحاصرها قائلا بثقة مشيرا بيده في الهواء
دي الحتة كلها أد كده مافيهاش خرم إبرة إلا وأنا عارفه كويس! 
ضمت عفويا يديها إلى صدرها وكأنها تحتمي منه لكن لا مكان للهروب منه ابتسم لفرض سيطرته عليها 
غمز لها بعينيه مؤكدا
يعني كنا هنتقابل هنتقابل! وأديكي جيتي لحد عندي!
أراد أن يزعجها أكثر لكنها صړخت بفزع لتلفت الأنظار إلى كليهما 
وبالفعل لمحهما رجلي منذر المرابطين عند الدكان فتبادلا نظرات مزعوجة للغاية خاصة أنهما يعرفان هوية مجد وتاريخه المشين 
هتف أحدهما بتوجس وقد توترت نظراته
شايف اللي
 

تم نسخ الرابط