رواية امل الجزء الرابع
المحتويات
الفصل العشرون
في الجلسة التي جمعتهم حول الجدة الكبيرة ولديها بجوارها تتحدث معهما بسجيتها غير عالمة بما يحدث حولها والاثنان يتجاوبان معها في حديث يبدوا عادي حتى لا ينتابها الشك في شيء نظرا لزيارتهما المفاجأة لمنزل العائلة اليوم.
اتخذ غازي جلسته في الطرف بعيدا لينفرد بالحديث الخاڤت مع صديقه
شوفت عمك يا عارف كانه الموضوع جاله على هواه وما صدج يلاجي جنازة عشان يشبع فيها لطم.
رد يجيبه برزانة كعادته رغم ثقل ما يحمله بداخله من مشاعر قاټلة وأبصاره موجهه نحوها تلك التي جلست بزاوية وحدها بوجه منطفئ ذهب عنه الاشراق المعتاد لا تقوى على رفع نظرها نحو أحد منهم ولكنها مرغمة على مشاركتهم الجلسة حتى لا تثير بقلب جدتها الشك
مع وصول أونصة الذهب إلى مستويات قياسية تجاوزت 2500 دولار، يجد المواطن المصري نفسه مضطراً لموازنة استثماراته بين الذهب واحتياجاته الأخرى، خاصة مع ارتفاع أسعار السيارات مثل تويوتا، هيونداي، وبي إم دبليو، مما يزيد من التحديات المالية التي يواجهها.
تحمحم غازي شاعرا بالغصة التي جرحت حلقه باستدراك جلي لتلميح ابن عمه رغم علمه بحسن نيته حتى عقب له ينكر بكذب مكشوف
تركيب وغش يا عارف انا بس اعرف اللي عملها وربنا لاكون معرفه مجامه زين
بس انا عرفت اللي عملها
انتفض غازي يردد سائلا له بتحفز
مين يا عارف ابن الكلب ده وجولي إنت عرفته ازاي
خرج صوته عاليا بانفعال لم يقوى على كبته حتى لفت انظار الرجلين ووالدتهما اليه حتى مال نحوه عارف هامسا بخفوت وحذر
وطي صوتك يا عم الحج بنجولك المرة تعبانة ولو على اجابة السؤال انا عرفت باسلوبي اسم صاحب الرقم
تتأثر أسعار السيارات من شركات مثل مرسيدس بتقلبات أسعار الذهب وسعر صرف الدولار، مما يؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج والاستيراد.
وجاعد جمبي ساكت يا عارف!
زم شفتيه الأخير نحوه باستياء ثم رفع شاشة الهاتف امام عينيه يرد
يا عم افهم انا عارف جبل ما اجي هنا على طول وبرضك صراحة مش عارفة اتصرف ازاي مع صاحبة الرقم اصله كمان مش بأسمها دا بإسم جوزها المېت
ضيق غازي عينيه ليغمغم بقراءة الأسم المدون على الشاشة بتفكير عميق
عبادي السناري...... وه
ارتفعت رأسه متسائلا باستدراك فوري
دا المرحوم عبادي جوز البت نفيسة الحفافة...... يا بت ال......
توقف فجأة يستعيد بذهنه مشهدها وهي تهرول من باب المنزل الخلفي بخطواتها المسرعة وكأنها تهرب من جرم فعلته......
بسيوني انت يا واد يا بسيوني تعالي عايزك حالا يا واد.
القت فاطمة بالسؤال نحو حفيدها عارف
واد عمك ماله النهاردة شكله مش طبيعي
أومأ يجيبها على عجالة وهو ينهض ليلحق به
مفيش يا جدة حاجة بسيطة كدة انت عارفة غازي جلبه حامي في أي حاجة.
صمتت المرأة لتتفحص وجهي ابنيها اللذان كانا يتبادلان النظرات الغامضة بوجوم يعتلي تعابيرهم قبل أن تلتف نحو فتنة التي أتت تحمل أصغر بناتها
امال غازي راح فين مضړوبة الډم مش عايزة تنام غير في باطه.
عقبت فاطمة ضاحكة تفتح ذراعيها للصغيرة
يؤدي ارتباط أسعار الذهب وسعر صرف الدولار بتكاليف المواد الخام والاستيراد إلى تأثير مباشر على أسعار السيارات في الأسواق.
وقبل ان يخرج رد الأخيرة تهكمت فتنة والشماتة تتراقص في عينبها نحو تلك التي تدعي التماسك وهي في موقف لا تحسد عليه
لاه يا جدة سيبي روح في حالها لتكون مصدعة ولا حاجة انا مش عايزة احمل عليها وهي شكلها مضابج كدة.
اكتفت روح بنظرة حاړقة تحدجها بها فهي لن تسمح بأن تجرها لمشاجرة في هذا الوقت الحساس يكفيها إجهاد التفكير المتواصل بالهواجس والمخاۏف التي تضج بها رأسها وهي لا ينقصها.
تأفف بضجر ليغلق الهاتف نهائيا عن هذه الاتصالات الملحة والتي مل واصابه القرف منها ثم ما لبث ان يستقيم واقفا عن جلسته أعلى المصطبة الرخامية خارج المنزل فور أن رمق بعينيه شقيقته تلج امامه من مدخل الشارع الضيق في طريقها إليه حاملة على يدها بنتها ساحبة معها هذه الفتاة السمراء الغريبة تحمل هي الأخرى حقيبة يد بلاستيكية من خلفها تبدوا أنها ثقيلة
مساء الخير
القت التحية بعد أن اقتربت تنهج من ثقل السير بابنتها والتي تلقفها الاخر ليحملها عنها مرددا خلفها تحيتها
مساء الفل انت برضك جايا شيلاها البنت دي مش تعوديها تمشي على رجليها احسن امشي على رجلك يابت وخففي عن امك.
جلجلت الصغيرة بضحكاتها المرحة تأثرا بالدغدغات المتواصلة من خالها والذي انشغل
بها حتى انتبه على قول الأخرى
عامل ايه يا استاذ عمر
رفع رأسه عن الصغيرة ليجيبها بروتينية يحاول تذكر اسمها
اهلاا يااا يا
هدير.
تدخلت جميلة مخاطبة الفتاة بامتنان
دخلي السلة جوا يا هدير ربنا بعدلهالك يا بتي دايما مساعداني
همت ان تنفذ مطلبها وما ان همت لتتحرك خطوتين حتى الټفت برأسها تخاطبه بوجه واجم قبل ان تكمل طريقها نحو المنزل
الف مبروك يا استاذ عمر ربنا يتمملك بخير.
قالتها ولم تنتظر الرد منه لتجفله بارقا عينيه من خلفها متفاجئا لقولها حتى نقل بنظره نحو شقيقته التي التوى ثغرها بحرح منه وقد أجفلها فعل هذه المتهورة ليخاطبها باستياء معاتبا
كدة برضوا يا جميلة لحجتي تنشري الخبر دا انا لسة حتى مدخلتش البيت.
بررت تدافع عن موقفها
يا حبيبي والله ما جولت لحد غير امها ودي صاحبتي وجارتي كنت فرحانة ومعرفتش اخبي عليها هي بجى سمعتنا بالصدفة.
واهي مسكت في الكلمة ومش بعيد تنشرها في البلد كلها. طب استني حتى لما ناخد خطوة رسمية.
همت لترد ولكن بخروج الفتاة اغلقت فمها تنتظر مرورها اولا والتي سألتها وهي لا ترفع بصرها عنه
طب انا ماشية بجى مش عايزة مني حاجة تاني
نفت جميلة على الفور تربت على كتفها باضطراب حتى تتحرك
لا يا حبيبتي متشكرين روحي انتي كملي خبيز مع امك روحي ربنا يعدهالك.
كالعادة كانت خطواتها متباطئة وهذه النظرات المكشوفة نحوه رغم تغيرها هذه المرة لأخرى متشبعة باللوم وكأنه اخلف بوعده معها!
حينما غادرت اخيرا تختفي من الشارع امامه التف نحو شقيقته يردف باستدراك متأخر
جميلة انت جصدتي تجولي جدام البت دي خبر الخطوبة ومهياش سمعت بالصدفة ولا حاجة صح ولا لاه
اومأت تحرك رأسها باستسلام تجيبه
بصراحة أيوة ومتزعلش مني البت زي ما انت شايف كدة عجلها خفيف وانا جولت اخليها تعرف عشان متعشمش نفسها ما هي البنتة في السن ده بيبجى خيالهم واسع وو.... وكدة احسن يعني.
زفر بحنق ولم يعلم ماذا يفعل معها أيوافقها على وجهة نظرها أم يغضب لأفشاءها الأمر قبل حدوثه في الاخير حينما يأس منها علق بتهكم متأثرا بقلق بدأ يزحف داخله من بكرة الصباح
ناصحة يا اختي طب اهي بركات الست هدير نشعت علينا كانها وروح من الصبح جافلة معايا من وجت الرسالة اليتيمة اللي بعتتها ليلة امبارح تجول انها هنام بدري ومصدعه.
رددت هي الأخرى بارتياب
وه دا حتى انا كمان مبتردش عليا رغم اني اتصلت بيها خمس مرات هنروحلهم كيف دلوك من غير ما نعرفوا منها الميعاد المناسب للزيارة
إنتي كمان!
تمتم بها ليتناول الهاتف يحاول مرة أخرى مخاطبا نفسه بانزعاج داخله
هيكون ايه اللي عطلها بس دي معملتهاس وانا في الغربة بعيد عنيها تعملها في يوم زي ده
مجرد مواقف شهدت حضوره بها ورأت حزمه وصرامته في إصدار الأحكام التي تسري على رجال اكبر منه عمرا ومقاما ومع ذلك يفرض سيطرته وكلمته تنفذ على رؤوس الجميع فما بالها هي الان في حضرته وذبذبات الخطړ تنتشر في الأجواء حولها مع نظراته المسلطة عليها بوجه مظلم يرعب الجنين ببطن امه وصمت مريب قطعته هي بالسؤال الذي عادت تكرره للمرة الثانية
انا كنت بسألك يا غازي بيه هو انت بعتلي ليه بسيوني سحبني على هنا من غير ما يبلغني بالسبب وانت بجالك لحضة طويلة من ساعة ما جيت بتبصلي......
اصنطي.....
قاطعها بحدة جففت الډماء قي عروقها لتبتلع في ريقها بارتياع متعاظم حتى اقترب بخطوتين رافعا سبابته نحوها بټهديد مباشر
هي كلمة ومش هاعيدها هتجاوبي ع السؤال اللي أجهولك من سكات لإما يا نفيسة عقابك هيبقى اضعاف وساعتها متلوميش الا نفسك.
سؤال ايه يا بيه انا معرفش حاجة
هتفت بها بدفاعية مسبقة قبل ان يقطع عليها عارف ليضحض حجتها
اسمعي الكلام يا بت انتي النصيبة لابساكي لابساكي ولا مفكرانا هينين ومش هنعرف بصاحب الرقم اللي بعت الصور على تليفوتنا
جحظت عينيها بړعب حتى
دلوك هتجاوبي على كل الأسئلة وأولها سبب دخلتك البيت هنا كنتي بتعملي ايه في بيتي يا بت
خرج صوتها بفزع
الست فتنة يا بيه.... هي اللي سلطتني اعمل كدة .
اجفل الثلاثة بقولها حتى سقطت العصا التي يحملها في العادة من قبضته أرضا ليهدر بها انتي واعية للي بتخترفي بيه دا يا بت
رددت بفزع الباحث عن النجاة
والله ما بكذب في كلمة انا هعترفلك بكل حاجة من طج طج لسلام عليكم وانتي هتميز بنفسك ان كان كلامي صح ولا بألف .
تجمد عن الرد
مباشرة وكأن المفاجأة قد شلت تفكيره ليتوقف لحظات قبل ان ينقل بنظره نحو ابن عمه ورجله الأقرب بسيوني بحرج اصابه خوفا من تبين صدقا يستشعره بغريزته. لكن سرعان ما استعاد بأسه ليحسم تردده
جيبي كل اللي عندك
بعيدا عن الجميع ذهبت للركن الوحيد الذي أصبحت تجد راحتها به وقد توطدت الصداقة بينهما بعد ان افضت لها بكل ما يعتمل بصدرها وهذا السر الذي اخفته عن الجميع قبل ان يحدث ما حدث.
شايفة يا نادية بيرن تاني.
نظرت الاخيرة نحو ما تقصده على شاشة الهاتف لتعقب بإشفاق
طب ما تردي عليه وجوليلوا انك تعبانة حتى ومش جادرة تتكلمي.
تحركت رأسها لاعتراض قائلة
مش هيصدج انا عارفاه خصوصي وانا عارفة كويس جوي دلوك انه جاعد على ڼار مستني اخبره بميعاد لزيارة اخته ووالدته.
توقفت تغطي بكفهيا على وجهها تخرج زفرات متتالية
بتعب لتتسائل بقنوط
يعني يا ربي اجعد السنين دي كلها كاتمة سري في بطني واصبر واتحمل ودلوك تاجي على اخر لحظة.... وتتعجد
استغفري ربك.
تمتمت بها تربت على ذراعها تبثها الدعم
أكيد ربنا كاتب الخير ارمي تكالك عليه وهو يعدلها من عنده.
تمتمت بقنوط
ونعم بالله بس يعني.... طول السنين اللي فاتت دي وانا بدعي يرجعلي بالسلامة ودلوك لما رجع........ استغفر الله العظيم انا مش بعترض بس انا تعبت كنت متوقعة افرح بس فجأة لجيت الدنيا انهدت فوج راسي حتى لو غلطت انا برضك بشړ.....
توقفت لبرهة ثم اتجهت بسؤالها نحو الأخرى
تفتكري هيعملوا معايا ايه يا نادية وموضوعي انا وعمر..... تتوقعي ان فيه أمل تاني.
ما توقعش.
كادت ان تنطق بها نظرا لما رأته من شواهد غير مبشرة وعلمها بعادات البلدة التي لا تقبل التهاون في هذه الأمور ولكن نظرة الأستجداء في عينيها أجبرتها على التراجع.
اجولك يا روح انتي بدل ما تتوقعي وټضربي أخماس في اسداس سبيها على ربنا وادعي انه يوفقك للي فيه الخير ويرضيكي بيه.
أومأت توافقها الرأي
يارب يا نادية سبيتها عليه بجى يدبرها من عنده.
يبجى ام شاء الله خير.
غمغمت بها الأخيرة بابتسامة مطمئنة قبل ان ينتبها الاثنان على ولوج الصغيرة اية أكبر ابناء غازي والتي جاءت تخاطب عمتها
ابويا
متابعة القراءة