رواية جاسر الجديدة الجزء الثاني
المحتويات
تشيلي هم حاجة وأنا جمبك
عاد لمكتبه بعد إنقطاع عن العمل دام أياما متتالية ليس هربا ولكنه كان تائها بالفعل فبعد أن ودعها عاد لمنزله وغرق بألبوم صور وذكريات تقبع به وهاهو معلقا بين ماض وحاضر مشتت حتى نفض عنه الكسل صباح اليوم وتناول فطورا سريعا وهاهو يمارس مهام عمله الروتيني بشيء من الملل يصارع رغبة ساقيه في المضي نحو الطابق الأخير وريثما كان غارقا بدوامته الغير مستقرة دلفت تلك الفتاة التي لايدرك من معالمها سوى شعرها الفقير بشقرته وهي تضع بنعومة فائقة أوراقا مكتبيه تتطلب توقيعه وقالت بصوتها الرفيع وهي تحمل مغلفا أصفر اللون
تناوله منها عابسا وقال
.. هوا مجاش النهاردة
هزت رأسها نافية
.. لاء
ومضت مرة أخرى نحو الخارج حتى توقفت لتقول بمكر
.. ولا الأستاذة درية
رفع لها عيناه بحيرة ولكن الورقة التي كانت بداخل المظروف تحمل تفسيرا منطقيا مما جعل الڠضب يشتعل برأسه فكيف يقبل جاسر بإستقالتها دون الرجوع إليه ومالذي حدث ليدفعها لترك العمل قام وحمل سترته واتجه للباب وكاد أن يصطدم بجسد أخيه الضخم فهتف به حانقا
فابتسم له جاسر بسماجة وقال ليزيد من غيظه
.. طبيعي هوا أنت بتيجي
زعق به غير مباليا
.. وحتى لو مجتش في أمور المفروض ترجعلي فيها
رفع جاسر حاجبيه بتهكم وقال ساخرا
.. المفروض إني أرجعلك بخصوص سكرتيرة مكتبي جديدة دي ما تيجي تنقيلي ألبس إيه بالمرة
.. جاسر أنا مش ناقصك درية استقالت ليه
ظل جاسر صامتا يراقب أخيه الذي يغلي ويزيد من فرط انفعاله حتى جلس بهدوء ودون أن يرفع أنظاره إليه قال ببرود
.. أصلها هتتجوز
هتف أسامة بحنق مخټنق
.. نعم
ضاقت عينا جاسر وهو يتابع ثورة أخيه
.. عقيد متقاعد في الجيش
.. برضه البأف ده إياه
تبسم جاسر رغما عنه وقال
.. مشفتوش الصراحة لكن ده طالما رأيك فيه يبقى أكيد راجل محترم
نظر له أسامة بعيون محترقة
.. نعم يا أخويا أنت معايا ولا معاه
ضحك جاسر رغما عنه وقال وهو يدعي البراءة
.. معاك طبعا بس على مين
توترت أوصال أخيه ومضى يذرع الغرفة بأنفاس متقطعة وقال ضائقا
هز جاسر رأسه مذعنا وقال معترفا
.. في دي معاك حق
وقام لينصرف وقبل أن يختفي من طريق أخيه ألقي قنبلته الثانية
.. داليا أجهضت واتطلقنا
تاركا إياه يحدق في إثره متعجبا متأملا في تدابير القدر شباكا تنسج من حولنا لا ندري أتحركنا أن نحن من نقودها ونصنع المزيد منها وهل الحرية سبیلنا خارجها أم بداخلها
اصطدمت عربة التسوق خاصتها بأخرى لم تنتبه لها إذ كانت منشغلة بتفحص مكونات علبة حبوب للإفطار طلبها أيهم خصيصا وغمغمت وهي تلقي نظرة سريعة لصاحب العربة المقابلة بكلمة إعتذار ماكانت سوى ثوان حتی تلاشت حروفها وحلت محلها نظرة دهشة متوترة قابلتها عيون شديدة السواد بڠضبها فهتفت بتعجب
.. أسامة !
ثم مالبثت أن استعادت رباطة جأشها وهي تسترجع مشهد العناق الحميم خاصته وقطبت جبينها وقالت بضيق
.. أنت بتعمل إيه هنا
اندفع نحو الرف وألقي بعربته بعضا من المنتجات دون اكتراث قائلا
.. إيه بشتري حاجات أنا كمان ولا السوبر ماركت معمول مخصوص عشان طلبات سعادتك
انزوت شفتيها بإبتسامة ساخرة مريرة وقالت
.. لاء طبعا اتفضل عن إذنك
حرکت عربتها لتبتعد عن طريقه فزعق بها بإنزعاج تام
.. ياسلام واخد أنا المشوار من بيتي لحد السوبر ماركت اللي جمب بيتك عشان اتبضع
التفتت له ببرود غير عابئة بنظرات البائع المتطفلة وقالت
.. والله ميهمنيش ثم أنا سألتك بتعمل إيه هنا
نفث محاولا التريث والهدوء وقال
.. أقدر أعرف غيرتي رأيك ليه أنت مش قولت أنها مش خطوبة
هزت رأسها وقالت بنفس التماسك
.. وقتها مكنتش خطوبة
قال غاضبا
.. وإيه اللي اتغير
هزت رأسها وهي تمنع الألم من التسلسل لنبرة صوتها المتماسكة ظاهريا قائلة
.. شيء ميخصكش حياتي الشخصية ملكي أنا لوحدي وبعدين أنت على أي أساس جاي تحاسبني
اقترب منها بسرعة قائلا بهمس خطړ
.. الأساس أنت عارفاه کویس بادرية
ابتسمت وقالت بتهكم مرير والمشهد حاضرا ومتجسدا بقوة أنفاسه
.. آه بأمارة الأحضان على أبواب المستشفيات
تراجع للخلف خطوة باهتا وتابعت هي بجدية تلك المرة لتضع خط النهاية ومن بعدها لا عودة
.. من الأساس مكنش فيه أساس يا أسامة ومن فضلك أنا مش عاوزة أشوفك تاني ولا حابة الشو ده يتكرر في مكان عام وخصوصا لما يكون قرب بيتي وولادي عن إذنك
تابع
متابعة القراءة