رواية مريم من 6-15

موقع أيام نيوز

6
هنا يمكنك أن ترى أن إيمان كانت تحب مراد دائما !
ماذا توقع بعد الذي فعله معها على الدرج !
لقد كان غليظا معها و لأول مرة يقسو عليها هكذا بيده يعترف بأنه قد آذاها عندما أمسكها بقوة قاصدا إيلامها إنه نادم أشد الندم و يجب أن يعوض عليها هذا و يعتذر منها
إنها حبيبته
زوجته
أم أولاده
إنها سلاف ...
مش هاتتعشي معايا .. قالها أدهم متسائلا حين شاهد زوجته تضع صحن واحد أمامه على مائدة العشاء

بدون أن تنظر إليه جاوبته بجفاء 
لأ. مش جعانة.. لما تخلص نادي عليا عشان أشيل الأطباق
و جاءت لتمضي متجهة إلى غرفة النوم فقام عن مقعده معترضا طريقها فتوقفت مجبرة بينما يقول بصوته الهادئ ملطفا الأجواء بينهما 
أنا مابعرفش أحط لقمة في بؤي منغيرك و انتي عارفة. حتى الغدا تحت معاهم اتظاهرت إني باكل. أقعدي يا سلاف و كلي معايا. من فضلك !
سلاف بنفس الجفاء 
لو قعدت مش هاكل. هاقعد عشان انت عايزني أقعد بس
أجفل متنهدا بثقل و قال 
يعني بجد مش جعانة 
هزت رأسها نفيا فهز كتفيه مدمدما 
طيب. خلاص شيلي بقى العشا. أنا كمان مش جعان. بس ممكن تحضري حاجة خفيفة أبقى أنزلها لمراد يتعشى بيها !
توقع أن تتراجع عن موقفها لتجعله يجلس و ينهي عشاؤه كما اعتادت أن تفعل دوما و هذا ما كانت تقف لبرهة مترددة بشأنه لكنها على عكس توقعاته أخذت تجمع الصحون و تتجه بهم إلى المطبخ ثانية ...
توتر أدهم الآن و قد شعر بفداحة ما فعله لها أراد أن يصلح ما بينهما بل أن عليه أن يصلحه الليلة و قبل أن يبزغ نهار جديد و إلا سيصعب نسيانه
ذهب أدهم إلى غرفة نومهما و انتظرها هناك لكنها تأخرت و خيل إليه بأنها لن تأتي فقام و بحث عنها في الشقة حتى وجدها في غرفة الأطفال تهم بالأستلقاء إلى جوار ابنها الأوسط في سريره المتسع لفرد آخر إذ أن الصغير لا يحبذ النوم بجوار أحد و لا حتى إخوته فقط أمه التي يعطيها هذا الامتياز ...
سلاف ! ..هتف أدهم مدهوشا
إلتفتت نحوه في لحظة فانزلق روبها الحريري عن كتفها بنعومة رشقته بنظرة زاجرة و مشت ناحيته قائلة بصوت مائل للهمس 
وطي صوتك. الولاد يصحوا !!
تجاهل ما قالته و أمسك بيدها شدها إلى الخارج و أغلق الباب على الصغار أسندها إلى الجدار و استجوبها بجدية 
لما خاېفة الولاد يصحوا. إيه دخلك عليهم.. ماحصلتنيش على أوضتنا ليه 
لا تزال متحاشية النظر إليه و قالت 
أنا هنام الليلة دي جمب نور
أدهم باستنكار تنامي جمب نور و بالنسبة لي أنا. شفاف قصادك !!
نور محتاج لي أكتر انت عارف إنه اليومين دول حساسية جسمه مضايقاه
يسلام طيب ما أنا كمان محتاج لك بردو. ماينفعش تقسمي وقتك بيني و بين الولاد. الولاد إللي سايبك ليهم طول النهار !!!
سلاف بعناد انت عارف الولاد دايما في أولوياتي
تضرج وجهه بحمرة الغيظ في هذه اللحظة و أمسك غضبه بجهد ثم قال بحدة 
طيب أنا عايزك يا سلاف. و حالا !
بدون أن تنبس بكلمة أطرقت برأسها و مشت أمامه وصولا إلى غرفة النوم خلعت الروب القصير و بقيت الآن بالقميص الرقيق اسلتقت أمامه فوق الفراش و ظلت ترنو إليه فقط
رفع أدهم حاجبه معقبا على أفعالها 
إيه ده !
ردت ببديهية قلت عاوزني . أهو.. أنا قدامك
ببساطة كده !
أمال فاكرني هاتمنع عليك و أبقى ناشز يرضيك أبقى ناشز !
عض أدهم على شفته و كظم غيظه بصعوبة فهو يعلم تلك اللعبة التي تلعبها معه و كم يكره و بشدة ما تنوي أن تمليه عليه كعقۏبة فليس هناك ما هو اسوأ أن تمسح له بالتقرب إليها دون أن تبادله شيئا هي التي دائما ما تذوب بين ذراعيه و لكنها قادرة على أن تتحول إلى البرود التام إن أرادت أن تعاقبه
و لطالما كان هذا أقسى و أصعب عقاپ يتلقاه منها ...
سلاف بلاش الطريقة دي قلت لك 100 مرة.. مش واخدة بالك إني بحاول أصالحك 
تقلدت البرودة نهجا في كلامها و هي ترد عليها بينما تلف خصلة شعرها الشقراء على سبابتها 
أنا ماطلبتش مصالحة منك يا أدهم.. عمري ما طلبت !
شد على قبضتيه مواصلا طمر الڠضب بدواخله و ارتأى أن يبتعد عنها قليلا حتى يتمكن من تهدئة أعصابه و التفكير في سبيل أكثر لطفا إليها.. أخذ نفسا عميقا و قال 
استغفر الله العظيم.. بصي. أنا هانزل أودي العشا لمراد. راجع لك بسرعة ان شاء الله.. و هانشوف ماشي. ماشي يا سلاف. ماشي !
و ظل يردد آخر كلمة و هو يمضي إلى الخارج بينما بقيت مكانها تضحك في صمت و تقسم بينها و بين نفسها بأن تضاعف العقاپ له هذه المرة كما ضاعف هو قسوته عليها ...
مضى وقت ليس بقليل و هما يقفان قبالة بعضهما بلا حراك هكذا كصنمين خاليان من الحياة بعد أن طرحت عليه سؤالها ران الصمت تماما بينهما حتى شاهد مراد وجهها يعتصر ألما... لطالما كانت نقطة ضعفه
أن يرى الوهن يتلبسها هي بالذات
لم يتحمل أكثر من ذلك و أفسح لها لتدخل مغمغما باسراع 
ادخلي يا إيمان. ادخلي بسرعة !
كان يخشى أن يقبض عليهما بأي لحظة لذلك سمح لها بالدخول فقد بدا أنها بصدد إحداث ڤضيحة لو لم يحتوي الموقف بسرعة ولجت إيمان بخطى وئيدة و هي تضم شالها الأسود إلى صدرها بينما يغلق مراد الباب بعدها مباشرة 
في منتصف الشقة الخاوية وقفا الآن وجها لوجه يحدق كل منهما في عيني الآخر محاولا قراءة أفكاره.. إلى أن تشجع هو و كسر الصمت أولا 
أنا جيت و أنا فاكر إني مش هالاقيكي هنا. ماسمعتش بخبر مۏت جوزك غير من خالتي. و عرفت إنك رجعتي تعيشي هنا تاني.. و الله لو كنت أعرف ماكنت آ ...
ماكنتش ورتني وشك صح ! .. قاطعته بعدائية سافرة
عدائية ورات خلفها كم حبها و سهدها و عڈابها كانت قشرة تهدد في أي لحظة بالانكسار... تابعت إيمان باسلوب هجومي 
كويس إنك لسا فاكر عملتك. أنا كنت بدأت أشك إن إللي حصل بينا ده كان في خيالي أنا و بس.. لما مشيت و سبتني بمنتهى البساطة بعد ما ...
إيمان أرجوكي ! .. هو الذي قاطعها هذه المرة بإشارة من يده
لكنها لم تأبه و واصلت بشراسة و قد إتقدت عيناها 
إيه مش طايق تسمع عندك ضمير لسا يا راجل.. ده انت حتى ماطلعتش ندل و بس. لأ طلعت كداب كمان. مش كانت حجتك لما سبنا بعض إنك مسافر تكمل تعليمك برا إللي عرفته أنا بعدها إنك ماسفرتش و لا حاجة و كملت الجامعة هنا عادي ..
و أضافت كأنما حلت عليها الصدمة لأول مرة 
كدبت عليا.. خدعتني !!!
رغم حقيقة ما تقول إلا أنه إنبرى للدفاع عن نفسه بغلظة 
لأ يا إيمان أنا ماكدبتش عليكي و لا خدعتك.
أنا فعلا كملت الجامعة هنا. لكن بعدها علطول سافرت و درست برا فوق إللي درسته هنا. إنتي عارفة إن شهادات العالم التالت مش معترف بيها في أوروبا. و أنا كنت ببني مستقبلي. ماكنتش سامح لأي حاجة تعطلني و ماكنتش شايف غير كاريري و كياني. انتي أكتر واحدة كنتي عارفة أحلامي
و انت قضيت على أحلامي أنا ! .. تمتمت بصوت متهدج أثقلته دموعها الحبيسة
عماني حبي ليك. نساني نفسي و ربي. سلمت لك نفسي بارادتي و وقعت عشان بحبك.. تعرف. ساعتها و لآخر لحظة كنت مديالك الأمان. كنت متخيلة إني حتى لو رميت نفسي تحت رجليك انت لا يمكن تخون ثقتي فيك. كنت مطمنة جدا و مستنية تفوق و تعتذر لي و تقول لي إنك مش هاتسبني و لا تتخلى عن حبنا.. لكن أنا إللي فقت من أوهامي على غدرك بيا. و بعدين ندالتك لما مشيت و لا بصيت وراك حتى.. انت دمرتني يا مراد !
انسحق فؤاده بتواطؤ دموعها مع كلماتها عليه كان هذا موطن ضعفه بالتحديد لهذا السبب و قبل إثنى عشر سنة هو لم يستطع السيطرة على مشاعره عندما غدر بها كما قالت و وقعا على الرغم من أنه فعل ذلك الإثم مرارا منذ بلوغه و حتى قبل زواجه بفترة لكنه لم يستطع أن يغفر لنفسه جرها معه إليه
تزوج و عشق على أمل أن ينساها و ينسى ما فعله بها في لحظة طيش لكن ها هي تذكره و ها هو يكتشف بأنه لم يزل أسير جريرته في حقها ...
إيمان ! .. تحدث مجددا بلهجة خاضعة كأنما يرجو لو يركع أمامها و يطلب العفو
مافيش كلام ممكن يوصف مشاعري ناحيتك سواء زمان أو دلوقتي. انتي غالية أوي عندي. و الحقيقة إنك مش لوحدك إللي اتعذبتي.. أنا مقدرتش أسيطر على نفسي ليلتها. كنت صغير و مش دارك. إيمان انتي عارفة ان اتربيت في مجتمع متحرر. أنا من يوم ما اتولدت و أنا عايش برا مع أبويا وأمي. أصلي عربي و مسلم و عارف تعاليم ديني. بس ڠصب عني اتطبعت بطباع ناس تانية.. انتي عارفة أول علاقة عملتها في حياتي كان عندي كام سنة.. 15 سنة. تخيلي. شهيتي للعلاقات من النوع ده إتفتحت من بدري أوي. و ماكنش في حدود طول ما كنت عايش برا. كان شيء عادي جدا و اتعلمت إنه سهل و مسموح بيه طالما في قبول بين الطرفين.. و لما رجعت و شوفتك و قربنا من بعض و حبيتك. كنت عاوزك أقرب ليا من مجرد علاقة حب سطحية. كنت عاوز أحبك بالطريقة إللي اتعلمتها لأنها الطريقة الوحيدة إللي بقدر أعبر بيها عن حبي. ماكنتش قابل إنك دايما تبعديني عنك و مش موافقة حتى إني ألمسك بأي شكل.. وهمت نفسي إني ممكن أستغنى عنك و أسيبك عادي. بس أنا كنت خلاص غرزت فيكي يا إيمان. كنت وقعت في حبك و ماتأكدتش من ده مية في المية غير لما بعدت عنك بجد.. سامحيني يا إيمي !
كانت مستغرقة في تفاصيل ما يروي عليها تائهة بين كلماته و معانيها حتى فرغ.. ردد لسانها باستنكار بينما دموعها تسيل 
انت لسا هاتكدب ما اتخليت عني و عرضتني للڤضيحة أنا و أهلي إللي هما أهلك.. لسا بتقول بتحبني !!
علا صوتها المكتوم في صدرها بقدر من الانفعال ما جعله يتمرد لوهلة على تعاطفه نحوها خاصة و هي تبدي كل هذا القدر من البغض و الحقد عليه ...
إنتي ليه محملاني الغلط كله لوحدي 
أمال أحمله لمين انت استغليت ضعفي و حبي ليك !!
زفر بقوة و بدا كأنه مضطر أن يواجهها بالحقيقة ...
أنا ماعملتش
تم نسخ الرابط