رواية مريم من 11-15
المحتويات
حلا واحد قسر نفسه على النزول من غرفته مستندا إلى الجدار تارة و الدرابزين تارة و مع أصغر حركة يقوم بها يزداد شعوره بالغثيان كانت حالته مزرية بحق و لعله يفهم الأسباب غالبا ما تكون تلك النتيجة عندما يسوء مزاجه السوداوي ينعكس عليه فسيولوجيا بهذا الشكل المثير للشفقة
و أخيرا وصل إلى المطبخ عاري الجزع أسرع بتحضير فنجانا من القهوة مستخدما الأغراض التي اشتراها بالأمس و ظل بجوار الموقد حتى نضج البن صبه بكأس صغير و لم ينتظر حتى تبرد تجرعها على مرتين متحملا سخونتها
عاد إلى الطابق العلوي و دلف إلى غرفة النوم تزامنا مع المكالمة التي دقت هاتفه سار نحو كومة ملابسه بجوار السرير و أستل الهاتف من جيب معطفه ثم رد فورا لما رأى اسم أدهم
آلو صباح الخير يا أدهم !
صباح إيه يا مراد باشا إحنا بقينا الضهر !!
غمغم مراد و هو يحك ذقنه بطرف أنامله
ما أنا نمت متأخر شوية عشان كده ظبط ال متأخر شوية بردو
إمم طيب أنا استنيت إمبارح تكلمني زي ما خالتك قالت لي بس ماحصلش أنا لحد دلوقتي مش فاهم إيه إللي حصل خلاك تسيب البيت و تمشي
مافيش حاجة حصلت طبعا
أومال إيه مشيت ليه طيب قبل ما تقول لي على الأقل حد زعلك يابني
لأ يا أدهم مافيش الكلام ده بص أنا هافهمك بس لازم أشوفك
انت فين
أنا في بيتنا إللي في الزمالك لو فاضي دلوقتي عدي عليا نروح نقعد في أي حتة و نتكلم أنا عاوزك في موضوع
خلاص ساعة بالكتير و هكون عندك !
دق جرس المنزل و كانت الصغيرة لمى أول من استجابت
طارت من المطبخ حيث كانت تقف مراقبة جدتها و هي تطهو أطايب الأطعمة تجاهلت نداءات أمينة و فتحت الباب لتصرخ بمرح ما إن رأت عمها و عمتها أمامها يحملان الهدايا و علب من الدمى و الألعاب من أجلها
ضحك الأخوين و إنحنى مالك ليحملها على ذراعه الحر هاتفا
لوووولي القمر وحشتيني يا قلبي عاملة إيه
عانقته لمى بسعادة قائلة
الحمدلله انت كمان وحشتني أوي أووووي
يا عفريتة انتي لسا كنتي معايا من يومين
بردو وحشتني زي ما وحشتك مش أنا وحشتك !
ابتسم مقبلا خدها المكتنز بعمق في جيئة أمينة في هذه اللحظة رحبت بهما مهللة بتكلف
صافحها مالك بمودة قائلا
بخير و الله يا طنط أمينة انتي إللي وحشتيني أكتر عاملة إيه
الحمدلله يابني كله فضل و نعمة ! ثم توجهت نحو مايا و عانقتها و قبلتها على خديها متمتمة
مايا حبيبة قلبي إيه يا بت الحلاوة دي الله أكبر عليكي
طنط أمينة حبيبتي دي حلاوة عينيكي انتي و الله
أمينة بغمزة شكل خطيبك واخد باله منك موردك كده و زايدك جمال ياريته كان جه من زمان !
ضحكت مايا بخجل
كسفتيني يا طنط أمينة
لأ و انتي وشف كسوف يابت !! قالها مالك ساخرا
فوكزته مايا بكوعها رامقة إياه بنظرة غاضبة
ضحكت أمينة و دعتهما للداخل
طيب كفاية كلام على الباب و تعالوا نتناقر زي زمان جوا ادخلوا يلا و انتي يا لمى روحي قولي لماما مالك و مايا وصلوا
أطاعتها لمى متململة على ذراع عمها
حاضر يا تيتة !
أنزلها مالك برفق و داعب رأسها قبل أن تنطلق جريا نحو الداخل قاصدة غرفة أمها
رغما عنه تعقب إثرها متلهفا لرؤية طيف إيمان بأي مكان لكنه لم يجد شيء و أخيرا وجد نفسه منقادا إلى الصالون إمتثالا لكلمة زوجة خاله الراحل
في مقهى شهير بإحدى ضواحي الزمالك
جلس كلا من أدهم و مراد إلى طاولة أمام الواجهة الزجاجية التي ملأتها ندوب المطر الذي لا يزال ينهمر بالخارج أضاف أدهم قطعة أخرى من السكر إلى فنجان الشاي خاصته ثم تطلع إلى ابن خالته الساهم بعيدا و قال
يا عم المتأمل انت جايين عشان نشاهد جمال بعض
أفاق مراد من شروده و نظر إليه كان كل هذا الوقت يفكر كيف سيفاتحه في هذا الشأن الأمر الذي تأخر كثيرا أخيرا إتخذ القرار و أيقن كم هو بحاجة إليها إلى حبيبته
عندما كانت بين ذراعيه قبل يوم كم كان يتوق لها و لولا أن هددت بأن تسخى بروحها لما تركها تفلت منه قبل أن ينالها مجددا
رغم ادعاءاته بأنه لم يعد يرغبها لكنها محض أكاذيب حاول أن يصدقها إنه يعشق إيمان و لعلها ترتيبات القدر ليعيدها إليه من جديد لقد اقترف جرما حين تخلى عنها مسبقا إلا أنه لن يكرر خطئه إنها الجانب الناعم أكثر من أحبته بصدق و منحته كل شيء و وثقت به لقد أثبتت ذلك بجدارة لكنه و للعار لم يثبت لها أي شيء سوى حقارته !
لأ ده انت بتشاهد جمال فعلا ! قالها أدهم ملوحا بكفه أمام عيني مراد الشاردتين
إيه يابني مالك !
تنهد مراد بعمق و هو ينظر إليه بدقة الآن و قال بشبه ابتسامة
و لا حاجة يا أدهم أنا تمام
أدهم بعدم تصديق
أيوة باين عليك قول الحقيقة يا مراد ما أنا مش هاسيبك تغرز في الحالة دي أكتر من كده لازم تقرر خطوتك الجاية بسرعة لو فضلت كده هاتخسر كتير
طمأنه ماتقلقش عليا أنا فعلا مقرر كل حاجة و لو بتلمح لموضوع طليقتي ف أطمن أنا خلاص شيلتها من راسي
فعلا !
أيوة طبعا و عشان تصدق أنا صفيت شغلي في لندن و قررت أستقر هنا هامسك شغل أبويا في مصر و شوية شوية أوسعه و كل إهتمامي هايبقى على كده
طيب حلو أوي برافو يا مراد و الله تصدق أنا دايما بكون قلقان عليك من حياتك برا دي بجد أحسن حاجة فكرت فيها و أكيد هنا هاتقدر تحقق أحلامك بردو ربنا يوفقك و يسدد خطاك
مراد بامتنان حبيبي يا أدهم أنا مش عارف أصلا أشكرك إزاي على كل إللي عملته معايا من ساعة ما حطيت رجلي هنا
عيب يا بابا الكلام ده انت أخويا يا مراد مافيش شكر بين الأخوات صح
صح ! و ابتسم مكملا بتردد
و عشان إحنا أخوات يا أدهم تسمحلي اتجرأ و أطلب منك حاجة
قول يا مراد طبعا !
تنحنح مراد متململا بمقعده ثم قال بكلمات غير مرتبة
هو أنا كنت بقول يعني إني محتاج أحط نفسي في علاقة أحسن و أصح من السابقة عشان أقدر أتخطاها تماما
أدهم بدهشة بتفكر تتجوز يعني عين العقل و الله أنا بشجعك و مش زي الأراء إللي بتقول تتعافى من الچرح الأول و بعدين تعيش حياتك غلط الانسان بيكون محتاج حد ياخد بإيده و يساعده و
متابعة القراءة