رواية مريم من 1-5
المحتويات
أحبه تاني !
أسفل منزل آل عمران... عثر مراد على مكان يركن فيه سيارته
ترجل منها و قد كان البواب بالقرب لديه خبر بمجئ الضيف بمجرد أن أفصح عن هويته تلقى الترحيب الشديد و فتح له الرجل الشديد بوابة المنزل على مصراعيها
دخل مراد البناية الراقية لم يتخذ المصعد الكهربائي و فضل أن يصعد الأدراج مثنى مثنى حتى وصل إلى الطابق الأول
وحشتيني يا خالتو !
ربتت الأخيرة على ظهره العريض و لا زالت تحتضنه بعاطفة أمومية جياشة
حبيبي يا مراد. حبيب خالتك. ياااه ده انت واحشني أوي.. بس ايه ده. مال هدومك مبلولة كده ليه !
تباعدا على مهل و شرح لها بايجاز مع ابتسامة باهتة
شدته أمينة من يده للداخل
طيب ادخل. ادخل في الدفا و أنا هادخل أجيب لك غيار من دولاب أدهم.
قبض مراد على كفها قائلا
مالوش لزوم يا خالتو. أنا مش مطول. أنا جاي بس لأدهم في موضوع مهم.. لازم أمشي.
هاتمشي فين بس انت لحقت عايز تروح فين !
لحد ما أخلص إللي جيت عشانه. هاحجز في أي أوتيل ...
إلتفت مرادمبتسما نحو مصدر الصوت كان صوت أدهم عمران الذي لا يخطئه السمع أبدا.. كان قد أتى للتو من الخارج
تأملا بعض للحظات ثم تعانقا عناق الرجال و تباعدا خلال لحظة ليقول أدهم بحبور
أهلا و سهلا.. شرفت و نورت يا مراد.
تداخل صوت أمينة في هذه اللحظة
قول حاجة بقى يا أدهم.. ابن خالتك قال ايه جاي عشان يمشي تاني !
نقل أدهم ناظريه بينهما و هو يقول
مافيش الكلام ده يا أمي. البيه هايقعد عندنا شوية ماتقلقيش.
حاول مراد أن يعترض
ماينفعش يا أده ...
قاطعه أدهم بصرامة
بقولك إيه. أنا كلمتي محدش يقدر يردها. قلت هاتقعد يعني هاتقعد.. خلص الكلام !
لم تكن واثقة بعد أهو هناك ام غادر.. فكانت على أشد درجة من التوتر
كلما اقتربت من البيت و حتى استقلت المصعد برفقة زوجة أخيها التي انخرطت في ضحك مكتوم الآن أجفلت إيمان و هي تسألها
ردت سلاف بلهجة متكلفة
مافيش حاجة يا إيمان.. يلا اطلعي وصلنا !
و دفعت بها برفق بينما تحمل صغارها من العربة الواحد تلو الآخر ليسيروا أمامها بدورهم صوب شقة جدتهم ...
فتحت إيمان الباب بنسختها من المفتاح ولجت و هي تقدم ساق و تؤخر الأخرى تمد عنقها و تجيل بصرها للداخل... لم ترى شيء و لم تسمع أي صوت
بدأت ترتاح لهذا و تتأكد بأنه جاء و ذهب بالفعل
زفرت بارتياح شديد و خلعت حجابها و هي تهرول داخل الشقة هاتفة
أنا جيت يا ماما !
ساقتها قدماها ناحية المطبخ حيث انتشرت الروائح الزكية
يا ترى طابخة لنا أي ...
تملكها الخرس فجأة حين اصطدمت برؤيته هناك يقف بجوار أمها يرتدي بيجامة أخيها يساعدها بتقطيع الخضروات.. كان هو... هو بشحمه و لحمه و نظرته التي تذيب قلبها و تعيد قولبته من جديد
كان مراد !
2
إنه لأمر محزن حقا أنني لم أستطع التخلص من إدماني عليك كنت سأعود لك كل مرة.. لأني... أحبك!
_ إيمان عمران
تحت إلحاح خالته الشديد و كلمة أدهم التي قيدته أذعن لهما و قرر البقاء لبعض الوقت عليه أن يقر هو بالأساس بحاجة إلى الرفقة و خاصة إذا كانوا أهله ...
و فجأة وجد نفسه و قد تجاوب مع الأجواء أسرع مم توقع أحضرت له خالته من خزانة ابنها الاحتياطية بشقتها بيجامة زرقاء ناسبته تماما و كأنها فصلت لأجله ارتداها بعد أن أخذ حماما سريعا ليزيل آثار السفر الطويل الذي خاضه
خرج أخيرا ليجد أن أدهم قد استأذن قليلا و صعد إلى شقته على أن يهبط في موعد العشاء كان يحمل في يده المنشفة يجفف شعره بينما يسير بالرواق باحثا عن خالته ...
أي مساعدة !
إلتفتت أمينة إلى هتافه الهادئ كان يقف عند اعتاب المطبخ تبسمت في وجهه تلقائيا و هي تشمله بنظرة فاحصة
نعيما يا حبيبي.
الله ينعم عليكي يا أجمل خالتو في الكون ...
و أقبل عليها مادا يده لكتفها وضع كفه عند مؤخرة رأسها و دنى منها ليقبلها على جبينها
باستك العافية يابن الغالية.
قوليلي بقى محتاجة أساعدك في إيه
مش محتاجة تساعدني في أي حاجة يا حبيبي. انت تطلع تقعد برا لحد ما الأكل كله يجهز و يجي لك لحد عندك. يلا.
رفض مراد بشدة
يا سلام أقعد ماليش لازمة يعني. لأ طبعا لازم أعمل معاكي أي حاجة.
قطبت أمينة
هاتعمل إيه بس يابني. الشغل ده ماينفعكش !
قال مصمما لأ ينفع ماينفعش ليه.. بصي أنا هاعمل السلطة.
و استدار نحو المنضدة التي حملت أطباق الخضروات ترك المنشفة جانبا و بدون أن ينتظر أذنها بدأ بتقطيع أنواع الخضار المختلفة بحرفية متقنة هزت أمينة كتفيها بعجز و انخرطت هي الأخرى في عملها ...
هاتدوقي أجمد طبق سلطة في حياتك !
ضحكت ...
طبعا يا حبيبي. أمال.. انت بقى هاتدوق أكل أنا واثقة من ساعة ما سافرت مع أمك و أبوك ماشفتوش أصلا.
أرهف حاسة الشم هنيهة ثم خمن
محشي !
ضحكت ثانية ...
صح.
صاح محتفلا الله عليكي بقى.
لم تمر دقيقة واحدة إلا و سمع ذلك الهتاف الأنثوي و قد ميز الصوت الذي يحفظه عن ظهر قلب رغم مرور السنين ...
أنا جيت يا ماما !!
جمدت أصابعه عن الحركة و رفع رأسه نحو باب المطبخ إن هي إلا ثوان و ظهرت إيمان.. ظهرت كما اعتاد أن يراها في الخلوات خلسة بدون حجاب رأسها !
تخشبا كلاهما في مواجهة الآخر بينما أخذ يتأملها جاهدا في السيطرة على انفعالاته حبيبته السابقة أول فتاة يدق لها قلبه و التي تركها بمحض إرادته و رحل و قد علم مصادفة بخبر زواجها قبل بضعة سنوات ...
إنها لا تبدو كامرأة متزوجة إطلاقا لقد حافظت على قوامها الرشيق كتفان نحيلان يبرزان عظمتي ترقوتها بإثارة شديدة خصر رفيع.. للأسف لم يستطع التحقق من ساقيها أو شكل ردفيها بسبب التنورة الفضفاضة التي ارتدتها
كم كان يعشق جسدها و يحفظ كل شبر فيه جسدها المحرم عليه كان هذا أول سبب جعله يسعى بشكل مستميت إليها و يستغل أقل فرصة تواتيه و قد كانت تستحق العناء
كان وجهها لا يزال جميلا وجنتان بارزتان أنف حاد و شفاة مكتنزة دقيقة و صغيرة جدا و شعرها... شعرها حالك السواد قد ازداد طولا بشكل لا يخطئه النظر
كانت هي إيمان.. كانت حبيبته التي كأنما لم يتركها يوما واحدا
و كأن تلك الليلة كانت بالأمس
و ليست منذ ثلاثة عشر عاما ...
إيمان !
كسر صوت أمينة السكون الجاثم و الخانق و كأنها تعويذة ربطت جسمها و الآن انحلت في لمح البصر كانت قد اختفت من أمامه أجفل مراد مبهورا من الذي حدث
أحس بصوت خالته قريبا منه هذه المرة و لكن لم يستطع النظر إليها
معلش يا مراد يا حبيبي. أظنك لاحظت إيمان ماكانتش تعرف إنك لسا هنا.. تلاقيها راحت تجهز عشان تيجي تسلم عليك.
رد مراد عابسا و لا زال لم ينظر إليها
براحتها يا خالتي !
ألقت أمينة عبارتها الآن بكلمات ذات مغزى
أصل إيمان مش متعودة يجيلنا ضيوف. انت طبعا مش ضيف يا حبيبي انت صاحب بيت. لكن معلش بحكم العادة. يعني مابقتش ساكنة لوحدها.. من يوم مۏتة سيف جوزها و هي قاعدة معايا هنا هي و بنتها !!
و هنا أدار مراد رأسه فورا و نظر إليها ...
جوز إيمان ماټ !!
كان مشدوها و ليس مصډوما.. كان شعوره غريب !
اومأت له خالته و قالت بصوت خاڤت لا يسمعه سواه
أيوة.. بعيد عنك ماټ بجرعة زايدة من الممنوعات . و إيمان يا قلب أمها حالفة لتصوم عن جنس الرجالة ...
ثم لوت فمها مغمغمة
أنا عارفة إيه إللي خلاها تتنيل تحبه بس. محدش كان موافقها على اختيارها ده. رغم إن المرحوم ابن عمتها. بس لا أنا و لا أدهم ابني كنا موافقين.. هي إللي صممت عليه. و أدي النتيجة. بقت أرملة في عز شبابها و بنتها يا حبيبتي إتيتمت بدري.. يلا نحمده على كل حال !
كان مراد يستمع إليها جيدا حتى فرغت عاودت مباشرة أعمالها أما هو فشرد
المسكينة إيمان.. كم تعذبت و عانت في حياتها ...
لاذت إيمان بغرفتها دون أن تسأل عن أي شيء دون حتى أن تسأل عن صغيرتها.. إذ كانت کاړثة
کاړثة لم تعطها حق قدرها فقد اتضح أن رؤية مراد مرة أخرى ستتسبب لها في كل هذا الدمار كل هذا الاڼهيار ...
رباه !
لقد تغير كثيرا لكنه لا يزال هو نعم ملامحه الوسيمة نضجت و صارت أكثر حدة وجهه الحليق الناعم في زمن المراهقة الآن تزيينه لحية و شارب أضفيا عليه رجولة أكثر و هيبة جسمه الرياضي النحيل الذي أفتتنت به في الماضي رأته اليوم مفتولا و أضخم بكثير... مع ذلك كله
كان هو
كان هو نفسه مراد حبيبها.. بعينيه و إحساسه الذي تستشعره و لو لم تكن قريبة منه !
ليه ! .. تمتمت إيمان من بين دموعها التي فاجأتها و انهمرت كالشلال
و لأول مرة منذ تلك الليلة ترمق فراشها بنظرات مصعوقة لم تكن توليه اهتمام و لكن الآن.. إنها مذعورة
و فورا ابتلعتها دوامة زمنية نقلتها إلى الليلة و الساعة التي غيرتها بل و غيرت حياتها كلها ...
Flash Back
بس انتي مش من حقك يا ايمان. و أنا خلاص.. مابقتش حبيبك. أنا قلت لك علاقتنا انتهت. و إللي بينا اصلا ماكنش حب.
أصيب رأسها بدوار طفيف بفعل كلماته القاسېة فرددت بأنفاس مخطۏفة
ماكنش حب ! كل إللي عيشنا ده ماكنش حب يا مراد !!
رد منجرفا وراء مشاعره المحبطة كليا منها
أيوة يا ايمان ماكنش حب. مستغربة ليه احنا مش شبه بعض. و أنا لا يمكن أكمل في علاقة عقيمة زي دي.
ضړبة أخرى أشد إيلاما من الڼار ...
مسمۏمة !
آه مسمۏمة. انتي بالنسبة لي ماينفعش تكوني أكتر من بنت خالتي و بس. لأني مقدرش أخون صلة القرابة يا ايمان.
و انت
متابعة القراءة