رواية منال كاملة
المحتويات
عامل إيه دلوقت
وزعت زوجة عمها نظراتها بينها وبين عمر الذي تفاجأت بوجوده قبل أن تجاوبها في تنهيدة ارتياح
الحمد لله الدكتور طمنا.
سألها عمر مستفهما
حصله إيه
اتجهت ببصرها نحوه لتجاوبه
كانت غيبوبة سكر ولو مكونتش لحقته كان راح فيها.
أومأ برأسه معقبا
قدر ولطف.
بينما همهمت بهاء شاكرة وقد تراخى جسدها المتصلب نسبيا
التقطت أنفاسها لتسألها
هو الدكتور قال نقدر نشوفه امتى
أجابتها وهي تنظر نحو الباب المغلق
كمان شوية.
تكلم عمر بشكل آلي
حمدلله على سلامته.
ردت
مبتسمة في امتنان
كتر خيرك يا ابني دوشناك على الفاضي.
في عتاب مشوب بالتهذيب عقب عليها
مايصحش الكلام ده عم سليمان غالي عندي.
أضافت بهاء قائلة بتحرج
احنا عطلناك معانا يا سيادة الرائد.
أنا مورياش حاجة وبعدين هفضل معاكو لحد ما أوصلكم البيت.
شكرته فادية بصدق
والله ما عارفة أقولك إيه إنت يعتبر من العيلة دلوقت.
ابتسم بلباقة وهو يرد
ده أكيد.
انسحب بعدها متراجعا عدة خطوات للخلف ليترك لهما مساحة من الخصوصية للحديث فاستغلت فادية الفرصة وتحركت في خفة نحو بهاء لتجذبها قليلا تجاهها حتى تتمكن من الهمس لها
سددت لها الأخيرة نظرة محذرة قبل أن ترد بصوت خاڤت
مش وقته يا مرات عمي.
في نفس الصوت الخفيض فاهت بتفاخر
ربنا يحميه لشبابه هو ده اللي يقدر يصونك.
قصف قلب بهاء بقوة من تصريحها العفوي ونظرت تلقائيا تجاهه لتجده مرتكنا بظهره على الحائط فتأملته في إعجاب قبل أن يمسك بها مجددا وهي تحدق به بهذه الطريقة الهائمة سرعان ما خفضت من عينيها مستشعرة موجات الخجل والارتباك التي اجتاحتها من كل صوب وكأنها ارتكبت ما يحرجها ويكشف عن مشاعرها علنا لكنه كان مسرورا من داخله لأنها وإن ادعت العكس كانت تظهر اهتماما ملحوظا به.
وإنت شوفت بنفسك شهامته وجدعتنه وده مش من دلوقت لأ من زمان.
فيه الخير متربي على الأصول.
سألته دون تمهيد كأنما تفكر بصوت مسموع
تفتكر ممكن يتقدم ل بهاء ويخطبها
استغرب من تطرقها لهذا الموضوع تحديدا وعلق برد دبلوماسي
الله أعلم!
تنهدت قائلة في نبرة حالمة
أنا حاسة إن عينه منها.
سألها متعجبا
وإنتي إيش عرفك
أكدت له عن يقين
إحساسي عمره ما يخيب أبدا.
نصحها قائلا بشيء من المنطقية
رفعت بصرها للسماء مرددة بنبرة متضرعة
يا رب يجعلها نصيب معاه.
.................................................
كانت ممتنة لأنها تتحدث هاتفيا وليس عبر مكالمة مرئية فلا ترى رفيقتها ما يطغى على قسمات وجهها من تعابير سارة ومبتهجة لمجرد تطرقهما للحديث عنه فقد تشاغلت بهاء به مؤخرا وأصبح بالنسبة لها إدمانا لا تود أبدا التعافي منه فراحت تستفيض في الحديث عما يخصه بغير كلل أو ملل. مجددا أكدت بسنت بما لا يدع مجالا للشك
اقسم بالله شكله واقع لشوشته فيكي.
ردت عليها في تحرج وهي تتقلب على فراشها
بلاش تحلفي.
أخبرتها في نفس اللهجة المؤكدة
هو مش مجبر يعمل كده معاكي إنتي بالذات بس إنتي فارقة معاه أوي.
في تحير غلف نبرتها تساءلت بهاء وهي تضم وسادتها إلى صدرها
طب وبعدين المفروض اللي يحصل بعد كده إيه
صمتت قليلا لتفكر قبل أن تقول
أكيد مش هيفوت آخر يوم في التدريب إلا لما يفاتحك في حاجة.
سألتها بغير اقتناع
تفتكري
جاء ردها حاسما
طبعا وإلا هتضيع الفرصة عليه.
حررت زفرة بطيئة من رئتيها لتعلق بعدها بنبرة متمنية
أما نشوف.
حلقت بنعومة في فضاءات الخيال الوردية طامعة أن يكون ما تصبو إليه حقيقة واقعة وليس افتراض رغبات نفسها المتلهفة عليه.
غير عابئ بما تعرضه شاشة التلفاز جلس عمر على الأريكة المبطنة شاردا في صالة منزله وعقله مزدحم بعشرات الأفكار المتحيرات تحصن بصمته رغم الصخب الدائر في دواخله فاقتراب نهاية التدريب يعني حرمانه من فرصة رؤيتها مرة أخرى
وكيف يتسنى له لقائها في الخارج وبأي حجة أو عذر أحس بالإحباط والأسى لكونه عاجز عن فعل ذلك. لاحظت السيدة نهيرة سكوته واستغراقه في التفكير العميق فانتشلته من سرحانه الغريب بسؤالها المرتب
أنا ملاحظة إنك بتسرح كتير الأيام دي!
تنبه لها واعتدل في جلسته فاستأنفت حديثها إليه
في واحدة شاغلة بالك ولا إيه
الهروب من الاعتراف بما يضمر في صدره لن يفيده بأي حال لذا لم ينكر الأمر وأجابها باقتضاب حائر
يعني.
بدت سعيدة إلى حد ما لكون إحداهن قد نجحت في الاستحواذ على اهتمام ابنها ولهذا انتقلت لسؤالها التالي بحذر
أعرفها
لم يراوغها في الرد حينما أجاب
هي بنت أخو عم سليمان صاحب بابا الله يرحمه.
انفرجت أساريرها مرددة باهتمام وفضول
أه عارفاه ده راجل محترم مش هي اللي أخوك كان بيتكلم عنها ساعة الفرح
جاء رده مؤكدا رغم اختصاره
أيوه.
سألته في تحمس
وهي رأيها إيه
تهدل كتفاه مرددا بملامح قلقة
لسه مش عارف.
كعادته تطفل عامر على حوارهما متسائلا وهو يقضم ثمرة التفاح
بتتكلموا عن مين
رفع عمر عينيه ناحيته معقبا بتساؤل منزعج
إنت هتروح وحدتك إمتى
ارتمى بجسده على الأريكة ليجاوبه بأريحية
أنا أجازة يا سيدي...
مستخدما أسلوبه الفضولي تابع متسائلا
برضوه ماقولتوش مين دي اللي بتتكلموا عنها
هذه المرة أجابته السيدة نهيرة مبتسمة في حبور
قريبة عم سليمان.
هلل في غبطة
المزة إياها مش أنا قولتلك يا ماما هينخ ويقولك عايزها
هزت رأسها توافقه
مظبوط.
وجه بعدها سؤاله لشقيقه الأصغر متسائلا باهتمام
والمزة رأيها إيه
قال بفم مقلوب
معرفش!
فيما يشبه النصيحة أخبره
طب ما تجس نبضها وتشوف الدنيا.
رد في إيجاز
هحاول.
استحثه على عدم التراخي محفزا إياه بنبرة حماسية غريبة
جرى إيه يا سيادة الرائد مش معقول خططك الجهنمية في الھجوم والاقټحام مجابتش نتيجة معاها.
فسر له سبب تردده في اتخاذ خطوة جادة معها بقوله
ما هو أنا ماتكلمتش معاها نهائي في أي حاجة غير الدراسة وبس.
في تهكم بائن علق
فالح.
بنبرة متحيرة سأله عمر مبديا حاجته لدعمه
شور عليا أعمل إيه
في استرخاء أكبر تكلم عامر وهو يلوك ما تبقى من ثمرة التفاح في جوفه
عينيا أنا في الحاجات دي خدوم!
اليوم كان استثنائيا بالمرة في الأكاديمية فقد كان ختام التدريب وفيه تلقى الجميع الشهادات الموثقة التي تفيد اجتيازهم له بتفوق وبراعة. تفرق الدارسون المتأنقون في ثياب رسمية هنا وهناك لالتقاط الصور التذكارية مع القادة والضباط. التصقت بهاء برفيقتها لتلتقطا معا صورة شخصية سيلفي وهما ترفعان الشهادتين للأعلى في زهو وتفاخر والأولى تهمهم بصوت مستاء
صاحبنا مظهرش لسه ولا عمل حاجة.
ردت عليها بسنت بلا شك
أكيد هيجي بس الزحمة تخف شوية.
بدت غير واثقة تماما من حدسها فأفصحت عما يجول في طيات نفسها
خاېفة أكون عايشة في الوهم.
راحت بسنت تؤكد عليها بيقين لا يتزعزع
والله ما شال عينه من عليكي.
تلقائيا تنقلت بهاء ببصرها باحثة عنه وسط الجموع رأته محدقا بها فتورد وجهها في التو لتدعي انشغالها بمطالعة انعكاس وجهيهما في عدسة كاميرا هاتفها المحمول طالبة من رفيقتها
طيب اضحكي.
تفاجأت الاثنتان بوجود أمير في خلفية الصورة فالتفتتا نحوه لتسأله بسنت في استنكار
حضرتك عايزك تتصور معانا ولا حاجة
قال مبتسما بابتسامته العريضة
يا ريت.
سددت له هذه النظرة العجيبة فوقف مجاورا لها ليطلب من بهاء بأدب وهو يعطي باقة من الورد إلى بسنت
معلش ممكن تصورينا سوا.
صدمت الأخيرة مرة أخرى لفعلته بينما رحبت بهاء بتصرفه اللطيف قائلة
أكيد.
ظلت تعابير بسنت ذاهلة بدرجة كبيرة تطالعها من زاوية وقوفها بتعجب وأمير في حالة من النشوة العارمة نظر إليها من طرف عينه ليجدها على تلك الحالة فأمرها
اضحكي.
ظهرت تكشيرة عظيمة على وجهها فقال ملطفا
وشك بينور لما بتضحكي.
أحست بالبلاهة تسيطر عليها وتساءلت مع نفسها
هو إيه اللي بيحصل بالظبط
بناء على
تخطيط مسبق من شقيقه الأكبر بخلق أجواء مناسبة للاعتراف بمدى انجذابه إليها طلب عمر من رفيقه مساعدته في التودد إلى بهاء دون أن يثير الريبة فوافق الأخير على الفور لرغبته هو الآخر في الاقتراب من صديقتها وتوطيد صلته الجادة بها لهذا أخبره بدعوتهما إلى الحفلة الغنائية التي سبق له حجز تذاكرها والتأكد من حضورهما ليتمكن من البوح عما يكنه لها بعيدا عن محيط الدراسة.
نفذ أمير ما طلب منه وتحين الفرصة التي بقيت فيها الاثنتان بمفردهما ليتمكن من إخبارهما بمسألة الحفلة فاستطرد في هدوء جاد
أنا معايا تذاكر VIP لحفلة في الأوبرا فيها مطربين من الفرقة العربية للموسيقى إيه رأيكم تحضروا فيها
اعترضت عليه بسنت بنبرة مرتابة
حفلة! مش مرتاحة!
سألها وهذه النظرة المعاتبة تطل من حدقتيه
ليه بس
في اندفاع مملوء بالاتهام أجابته
أصل إنتو الحفلات عندكم بتقلب بانفجارات وخطڤ ورهاين وجو أكشن أنا صحتي معدتش أده.
ضحك على لطافتها معقبا
لا والله دي هتعجبك أوي وعلى ضمانتي.
ظلت أسيرة التردد لعدة لحظات لتحسم أمرها بسؤال رفيقتها
إيه رأيك يا بهاء
لم تكن الأخيرة ممانعة من الذهاب إلى هناك فأبدت ترحيبها
مافيش مشكلة بالنسبالي.
ليأتي تعقيب أمير صاډما للاثنتين
ما تيجي معانا يا سيادة الرائد الحفلة دي
في التو التفتتا ناظرتين للجانب حيث تواجد عمر قريبا من بهاء فتلبكت من حضوره وتحركت خطوة بعيدا عنه لتترك مسافة بينهما لكنه قلصها بتقدمه تجاهها جاعلا عيناه ترتكزان عليها فقط ادعى جهله بما يتحدث عنه رفيقه وسأله
حفلة إيه
أجابه أمير بهدوء
بتاعة الموسيقى العربية.
هز رأسه مضيفا في استحسان
أها دول بيعملوا شغل عالي فيها.
أيده رفيقه في رأيه
جدا.
بنفس النبرة الثابتة أعلن عمر موافقته على التواجد بها
معنديش مانع.
انتهزت بسنت الفرصة لتتعلق بذراع رفيقتها وهمست لها في أذنها بمرح
مش قولتلك هيدور على أي حجة يشوفك بيها.
حاولت بهاء أن تخفي سعادتها وقالت بخجل
بس لأحسن يسمعنا.
مد عمر يده بباقة الورد إلى بهاء قائلا في نبرة جادة
اتفضلي دي علشانك.
فاجأها بذلك ورددت في غير تصديق
علشاني
راح أمير يقول في اعتزاز كأنما يدعمه
طبعا عمر باشا ما بيعملش كده مع أي حد ده أنا بتعلم منه أصول الذوق.
مالت بسنت على رفيقتها تهمس لها في عبثية
وتقوليلي مش مهتم!
انتشت بهاء للغاية من حركته تلك وأحست بتميزها معه لتنظر إليه حينما أشار بيده نحو شاشة العرض المعلقة على أحد أركان قاعة الاحتفال قائلا
الفيديو بتاع التدريب هيتعرض أهوو.
اتجهوا بأعينهم ناحيته ليتابع موضحا لهم
مجمعين فيه لقطات مختلفة من كل حاجة شاركنا فيها.
قوست بسنت شفتيها لتهمهم لرفيقتها بخفوت
ده احنا شكلنا هيبقى هزوء أوي.
ردت عليها بهاء بنفس النبرة الخفيضة
واحنا كنا مبدعين فيه على الآخر.
عرضت لقطة ل بسنت وهي تفترش الأرضية بعد التدريب على فك الألغام فكانت تبدو كالخرقاء وبقع الطين تغطي وجهها وثيابها تحرجت للغاية من حالتها المزرية ورددت
ياختاي بصي على منظري.
رأت بهاء صورة لها وفمها مفتوح على اتساعه وكأنها توشك على ابتلاع وحش ما فخجلت هي الأخرى من هذه اللقطة لتبرطم بحرج
يادي الفضايح ده معبر مش بؤ!
ضمت غالبية الصور المعروضة لقطات عفوية لكافة الدارسين في مواضع متنوعة طوال فترة التدريب ضحكوا فيها على هيئتهم الطرفية
متابعة القراءة