رواية مريم من 21-30
المحتويات
يعني !
عثمان بدهشة
إيه إيه إيه ! إهدي شوية . مالك بس إيه إللي مش عاجبك في العربية
سمر پغضب
مكشوفة حضرتك . مكشوفة . إفرض حد شافني معاك هقول إيه ساعتها !
إبتسم عثمان بخفة لتظهر أسنانه البيضاء ثم قال بعذوبة
سمر يا حبيبتي . Take it easy . ماتخافيش . أولا المكان ده بعيد جدا عن بيتك و عن منطقتك كلها . ثانيا دي مش أول مرة تركبي معايا في عربيتي . و فرضا لو صادف و حد من معارفك شافنا تقدري ساعتها تطلعي مليون حجة مش حكاية هي يعني . و يا ستي لو مضايقك أوي موضوع إنها مكشوفة و لا يهمك . هقفلهالك دلوقتي حاضر.
رمقته سمر ببغض شديد ثم أشاحت عنه بسرعة بينما إبتسم بإتساع أكبر و هو يشعر بالمرح حيال الوضع برمته
تنهد عثمان تنهيدة مطولة ثم شغل محرك السيارة و إنطلق عبر الحشود الكثيفة ..
إلي أن بدأ عدد السيارات و الناس يقل و بدا أنهما يقتربا من الحافة الغربية للمدينة بإتجاه البحر
إنزلي.
إنصاعت له دون أن تفه بحرف لينزل هو الأخر و يمشي ناحيتها
قبض علي معصمها برفق ثم سار بها علي إمتداد صف طويل من اليخوت البيضاء الراسية في ماء البحر الذي جعله النهار أزرق شفاف كالجواهر المشعشعة ..
توقف عثمان عند يخت معين بدا أكبر و أكثر جلالا من البقية ..
نزع نظارته الشمسية و أخذ ينادي علي سائس اليخت ليظهر شاب هزيل في اللحظة التالية إبتسم تلقائيا حينما رأي عثمان و نزل من اليخت بسرعة و قفز أمامه برشاقة ..
ليصافحه عثمان بود قائلا
إزيك يا ناجي أخبارك إيه
ناجي بإبتسامة واسعة
تمام يا عثمان باشا . أنا بخير بفضل سيادتك عليا .. ثم قال مفتخرا بنفسه
ربت عثمان علي كتفه بلطف و هو يقول
متشكر يا ناجي . أنا علطول مبسوط منك .. ثم أخرج بعض النقود من چزدانه و طواهم بيد ناجي مكملا
خد دول و مع السلامة إنت بقي . لما أرجع هبقي أكلمك تيجي تستلم مني.
إبتسم ناجي و هو يضع النقود بجيبه و يقول
و غادر ..
لينظر عثمان نحو سمر و يشير لها برأسه لتأتي
تقدمت صوبه فأمسك بيدها و ساعدها علي صعود درجات اليخت ثم ذهب ليحل عقدة الحبل الضخم عن رصيف المرسى و
لحق بها بسرعة ..
يتكون اليخت من أربعة طوابق هرمية الشكل ... أول طابق به مصعد للتنقل و ثلاث حجرات للضيوف و حمام و قاعة داخلية تتضمن بنشات و مقاعد طولية مصنوعة من خشب السنديان المصقول
8
مدير صارم !
طالت مدة الإنتظار و مضت عدة دقائق طويلة و سمر تقف ككل الموظفين في إنتظار طلة المدير البهية ..
و أخير آتي .. لمحته من علي بعد و هو يأخذ مكان موظفة الإستقبال و يتناول المايك ثم يضعه في مستوي فمه و يبدأ ..
عثمان بصوت أجش و هو يرسم علي وجهه ملامح الصرامة المطلقة
صباح الخير .. رد الجميع تحيته ليتابع بسرعة
أهلا بيكوا في مؤسسة البحيري للتسويق و التجارة طبعا كلكوا أكيد عارفين إن الشركة دي منفصلة عن بقية مجموعات عيلتي بمعني أدق يعني عارفين إنها تخصني أنا لوحدي .. مش هخوض في تفاصيل كتير عشان مانضيعش الوقت و إحنا لسا في أول يوم بس هقول كلمة كلمة واحدة و ملهاش تاني ..
أنا ماعنديش هزار في الشغل .. إللي هيشتغل بجد في الشركة دي أهلا و سهلا هيشوف كل خير . أما إللي مش عايز يشتغل مع السلامة و الباب يفوت جمل الشركات المنافسة كلها ماشية بنظام قديم . نظام تقليدي و عقيم . ماشية بالبركة يعني . لكن شركتي مستحيل تبقي في المستوي ده عشان كده كل موظف هنا مكانه مهدد بالسحب . يعني كل 3 شهور هنصفي موظفين . هنشوف مين إللي كفاءاته عالية هنخليه . أما إللي هنشوفه مش بيضيفلنا حاجة هنقوله مع السلامة ..
اليوم هنا 8 ساعات .. في إستراحة طبعا لكن باقي الوقت شغل يعني شغل مش عايز أسمع مشاكل مش عايز أشوف تدني في مستوي العمل مش عايز كسل في الشغل و الأهم من ده كله مش عايز نفر يتأخر عن معاد شغله كلكوا تبقوا هنا قبلي و طبعا في جزي للي ممكن يتأخر و ممكن توصل للرفد !
صمت عثمان قليلا يمرر نظره علي وجوه الموظفين التي شحبت تدريجيا إثر كلامه الشديد الحازم ثم أكمل بلهجة فاترة
زي ما في شدة و حزم في الشغل في كمان ترفيهات و حاجات كتير كويسة أنا عمري ما ببخل أبدا علي موظفيني . و أظن معظمكوا عارف كده .. أشوف بس التقدم بعيني ساعتها المرتبات هتزيد و العلاوات و الحوافز هتبقي الضعف.
دوي التصفيق الحار فجأة بعد أن أنهي جملته ليهز رأسه بإبتسامة رزينة يشكرهم ثم عاد و قال
يلا بقي كل واحد علي شغله من فضلكوا !
تفرق الحشد من أمامه شيئا فشيء لتقع عيناه عليها و يلتقطها من بين الجميع ..
كانت مرتبكة متوترة .. واقفة لا تعرف ماذا تفعل أو أين تذهب فنادي هو عليها دون أن يستخدم المايك
أنسة سمر !
نظرت إليه فورا بينما أشار لها بيده لتأتي له
فعلت ذلك في الحال و مضت إليه مهرولة ..
صباح الخير يا أنسة سمر .. قالها بإبتسامته الجذابة و قد تخلي عن جديته السابقة تماما لترد بصوت مبحوح
صباح النور يا عثمان بيه !
جاهزة للشغل
سمر و هي تهز رأسها بشيء من التوتر
جاهزة حضرتك.
طيب إتفضلي .. قال و هو يمد لها يده بحقيبته الخاصة
أخذتها منه في إضطراب لكنها تساءلت
أعمل بيها حضرتك
عثمان و قد عاد لجديته ثانية
إنتي مش بقيتي سكرتيرتي
أومأت بالإيجاب ليرد
يبقي كل حاجة تخصني من إنهاردة تحت مسؤوليتك .. ثم قال بلهجة آمرة
إتفضلي هاتي الشنطة و تعالي ورايا.
تبعته سمر و هي تكاد تتعثر من وسع خطواته إلي أن إستقلا المصعد
أخيرا إلتقطت أنفاسها .. أغلق الباب علي كليهما و ضغط عثمان زر الطابق الثالث
لم يحاول أن ينظر لها إطلاقا خلال تلك الثوان القصيرة
بل أظهر برودا
بالغا
في تصرفاته و بقي متحفظا في شخصيته الواثقة و المغرورة في آن ..
وصل المصعد إلي الطابق المنشود ليخطي عثمان إلي الخارج أولا و يتجه إلي غرفة مكتبه مباشرة دون أن يلتفت خلفه
لحقته سمر و هي تلهث قليلا بينما ينزع هو سترته و يستدير و يعطيها إليها قائلا
خدي الچاكيتة دي علقيها هناك .. و أشار إلي المشجب المستقيم علي بعد مترين من جهة يمين المكتب
أخذتها منه بإضطراب أشد و فعلت ما قاله ثم عادت إليه مرة أخري ..
كان قد جلس مسترخيا وراء مكتبه أخذ يحدق فيها لوقت من الزمن نظراته فارغة غير مقروؤة فعبست سمر متساءلة
في حاجة حضرتك
لم يجيبها في الحال صمت لبرهة ثم قال
و لا حاجة يا سمر .. ببصلك بس تعرفي إن شكلك حلو أوي !
توردت خجلا إثر جملته الأخيرة و أطرقت رأسها بسرعة و هي تعض علي شفتها السفلي بقوة ..
إنتي إتكسفتي مني و لا إيه .. قالها بتساؤل و أردف
الجمال مابيكسفش صاحبه بالعكس . لازم تتباهي بيه !
سمر بتلعثم و هي لا زالت مخفضة رأسها
ح حضرتك .. أنا . مش متعودة حد . يقولي كده !
عثمان ببراءة متكلفة
إتضايقتي يعني .. عموما أنا ماقصدتش أضايقك كل الحكاية إن هي دي طريقتي في التعبير طول عمري متعود أقول رأيي بصراحة .. ثم أضاف بحزن مصطنع و هو يشيح بوجهه للجهة الأخري
أنا آسف لو ضايقتك.
سمر و هي ترفع رأسها بسرعة
لا أبدا .. أنا مش مضايقة بس . زي ما قلت لحضرتك .. مش متعودة حد يقولي كلام زي ده.
مش متعودة حد يقولك إنك حلوة
أومأت له فضحك بخفة و قال
إزاي إللي حواليكي مش مقدرين جمالك أكيد ناس عندهم مشاكل ! .. ثم أكمل و هو ينظر بفضول إلي ذلك الوشاح الذي يحجب عنه رؤية شعرها
بس هتبقي أحلي أكيد لو شيلتي الإشارب ده !
سمر بحدة و هي تضع يدها علي رأسها
إيه لأ طبعا . مستحيل في يوم أقلع الحجاب . مستحيل !
عثمان بإبتسامة مرتبكة
إيه إيه مالك بس إهدي أنا ماقولتلكيش إقلعيه . إنتي حرة طبعا . ده كان مجرد رأي مش أكتر.
عكفت حاجبيها بشيء من الضيق بينما قال عثمان بجدية و هو يهم بمباشرة أعماله
طيب .. إتفضلي إنتي علي مكتبك دلوقتي و يا ريت تبدأي شغلك فورا . إتأخرنا في الإفتتاح و بالتالي شغلنا إتأخر . شوفي شغلك بقي و أي رسايل مبعوتة من برا إطبعيلي منها نسخة و هاتيهالي علطول.
سمر بلهجة رسمية
حاضر يافندم.
و خرجت مسرعة لتتوقف حركة عثمان لحظة أغلاق الباب ثم يطلق زفرة حارة و هو يتمتم لنفسه
إنتي هتتعبيني و لا إيه و لو أنا حاطتك في دماغي خلاص !
في المستشفي .. أمام غرفة صالح
وقف الطبيب المسؤول عن حالته يتحدث إلي أفراد العائلة و يناقشهم بخصوص خطة العلاج ..
الطبيب بنبرة هادئة
يا جماعة آجلا أم عاجلا لازم هيعرف . بس مش لازم نتأخر إحنا في العلاج بالذات العلاج الطبيعي . في أجزاء في جسمه لازم نتعامل معاها بسرعة . ماينفعش الكسور إللي ضهره تلحم علي بعضها كده خطړ !
رفعت بصوت واهن
أنا أكيد مش معارض يا دكتور .. أنا بس خاېف عليه من الصدمة.
الطبيب بإبتسامة
ماتخافش حضرتك أنا بنفسي هقعد معاه و هشرحله وضعه و كل حاجة بخصوص حالته و هو أكيد هيفهم و هيساعدني كمان.
و هنا تدخلت صفية
طيب يا دكتور بعد أذنك .. بلاش نكلمه في حاجة إنهاردة
هو لسا فايق .
بلاش عشان
مايتصدمش زي ما قال عمي . ينفع بكره مثلا !
زم الطبيب شفتيه بتفكير ثم قال
ماشي يا أنسة حل معقول بردو .. خلاص . يبقي بكره الصبح إن شاء الله هاجيله و أشرحله كل حاجة عشان نبدأ في العلاج بأسرع وقت.
و تركهم بعد أن إتفقوا علي هذا الحل ..
بينما مال رفعت علي الحائط و هو يردد محزونا
بدري عليك يا صالح .. و
متابعة القراءة