رواية مريم من 21-30

موقع أيام نيوز

يكاد يقفز من بين ضلوعها من شدة خفقانه ثم تداعت فوق أقرب آريكة و هي تلهث بقوة
و كم تمنت لو كان ذلك مجرد حلم .. و لكن لا كان حقيقي و كلماته ما زالت تدوي بأذنيها بصخب و إلحاح شديد
بحق الله أي شيطان دفعه لقول هذا 
صباح يوم جديد ... إستيقظت سمر من نوم متقطع مليئ بالكوابيس و الأحلام المزعجة
أولا إنتهت من إعداد طعام اليوم كله لفادي ثم تناولت هي وجبة خفيفة و ليتها أكلت جيدا ..
شهيتها مفقودة تجاه كل شئ لا تفكر سوي في موعدها معه بعد قليل
ذهبت سمر لتغتسل ثم عادت إلي غرفتها و إرتدت ملابسها ..
لم تهتم بإختيار ثوب معين و لكنها حرصت ألا يكون مميز أو ملفت
لا تريده أن يغتر بنفسه و يعتقد أنها مسرورة بما حدث البارحة أو بما سيحدث اليوم يجب أن يدرك أنها مرغمة علي فعل هذا و أن الخيار لو كان متاحا لها لما رضخت لإرادته أبدا ..
إنتهت سمر من تجهيز نفسها و أخر شئ
فتحت حقيبتها و تأكدت من وجود ورقة الزواج الخاصة بها و التي مضت عليها بنفسها .. بكامل إرادتها و بدون أي ضغط منه تماما كما قال
إبتسمت بسخرية مريرة و هي تطوي الورقة بكفها لكنها عادت و دستها بمكانها مرة أخري
ثم أخذت نفسا عميقا و إستعدت للرحيل !!!!!
يتبع ...
الحلقه الثانيه والعشرون
_ قصر عائم ! _
تحت نهار شتوي ساطع ... تخرج سمر من بيتها يداهمها خوف غريب من مواجهة الجمهور
تشعر أن كل من سينظر لها و هي تسير سيعرف بالحقيقة .. إلي أين هي ذاهبة ماذا فعلت و ماذا ستفعل .. الجميع سيدري بالچريمة التي إرتكبتها !!!
ضمت ياقتي ردائها الصوفي حول عنقها و هي تشعر بإرتجافة في جسدها بسبب التوتر لا البرد الذي يغلف الأجواء
و بينما هي تمر من أمام محل الجزارة سمعته ينادي بإسمها ..
أنسة سمر !
إلتفتت سمر إلي الصوت المألوف لتجده خميس يبتسم و هو يهرول صوبها بسرعة ..
إصباح الخير يا أنسة سمر .. قالها خميس بنيرة تزخر باللهفة و السرور
لترد سمر بصرامة ممزوجة بالجفاء 
صباح الخير يا خميس . نعم عايز حاجة 
أجفل خميس و هو يجيبها بإرتباك واضح 
آا لأ م مش عايز . أنا بس كنت حابب أتأسف علي إللي حصل بيني و بين الأستاذ فادي . أنا ماكنش قصدي أتعارك معاه و الله ب آاا ..
حصل خير يا خميس .. قاطعته سمر بجمود ثم قالت بإقتضاب 
أنا لازم أمشي دلوقتي . عن إذنك.
خميس و هو يرمقها بحزن 
إتفضلي !
مشت من أمامه مسرعة بينما وقف بمكانه يتابعها بعيناه في تخاذل حتي توارت تماما ..
بردو مش هزهق يا سمر .. تمتم خميس لنفسه و أكمل بإصرار 
أنا بحبك . طول عمري بحبك و محدش هيقدر ياخدك مني أبدا !
في قصر آلبحيري ... يستيقظ مراد من نومه و ينزل للأسفل فلا يجد أحد من أهل البيت و مائدة الفطور فارغة بصورة غير إعتيادية
يهز كتفاه بعدم إكتراث ثم يتجه إلي غرفة عثمان و يدخل
دون أذن كعادته
ليجده في غرفة الثياب خاصته يقوم بإعداد حقيبة صغيرة بعد أن إنتهي من إرتداء ملابس عصرية جدا مؤلفة من كنزة صوفية بيضاء و سروال من الچينز القاتم و حذاء جلدي ذو رقبة أسود اللون من العلامة التجارية Geox ..
أطلق مراد صفيرا عاليا و هو يقترب منه و يقول بدعابة 
إيه الشياكة إللي علي الصبح دي يا جدعان ! أكيد مش ممكن تكون رايح الشركة باللبس الشبابي ده يا چان عصرك . أومال فين البدلة يا عم و إيه الشنطة دي !
حدجه عثمان بنظرة جانبية و هو يقول 
من الذوق و الأدب إنك تستآذن قبل ما تدخل علي حد أوضته . يا قليل الأدب.
مراد بسخرية 
يابني أنا الأدب ده معداش من جمبي أصلا ! .. ثم سأله بفضول 
المهم قولي . رايح فين كده و واخد معاك شنطة هدومك !
عثمان بفتور 
و إنت مالك يا مراد إنت مالك أنا رايح فين ! .. ثم أبعده من أمامه بيده و توجه نحو ركن الزينة الخاص به
لا ياخويا مانا زنان و مش هاسيبك إلا أما تقولي علي فين العزم كده 
تآفف عثمان بضجر و هو يختار نظارة من مجموعة نظاراته الشمسية الفاخرة ثم قال بضيق شديد 
طيب يا زنان هقولك بس بمزاجي .. هغيب يومين كده و راجع تاني إن شاء الله.
مسافر يعني !
عثمان و هو ينتقل لقسم العطور الثمينة 
لأ مش مسافر . و كفاية عليك كده . ماتسألش تاني خلاص.
مراد بشك 
شكلك رايح تعمل مصېبة ما يعلم بيها إلا ربنا.
ضحك عثمان و هو يأخذ من درج العطور قنينة ال Choo ثم قال و هو يرش منها بغزارة 
بذمتك يا شيخ . ده شكل واحد رايح يعمل مصېبة 
ما هي بتبدأ كده.
و بعدين !
و بعدين بضلم بعيد عنك.
إنفجر عثمان في الضحك أكثر و قال 
لأ ماتقلقش ياخويا . مش هضلم . مش هضلم خآاالص .. ثم سأله بجدية 
صحيح إنت كنت جاي عايز إيه في حاجة مش عوايدك تصحي بدري !
مراد بجدية مماثلة 
أبدا كنت جاي أشوفك عامل إيه ! مانا سايبك إمبارح و إنت في حالة مش حلوة خالص . كلام صالح يضايق أنا عارف . و أنا شخصيا إتفاجئت بيه زيك بالظبط.
تنهد عثمان ثم إستدار ليواجهه و هو يقول بعدم إهتمام 
أنا مش زعلان منه . هو معذور بردو إللي حصله مش قليل . و عموما أنا عارف إنه مايقصدش و هي فترة صعبة عليه و هتمر و في الأخر هيوافق يتعالج.
ثم إتجه نحو حقيبته الصغيرة قبل أن يفتتح مراد حديثا أخر و يؤخره عن ميعاده ..
حملها علي كتفه ثم قال بإبتسامة مفعمة بالحماسة الملتهبة 
أوووك يا صاحبي ! باي بقي و إلي اللقآااااااء.
في المركز الطبي الخاص حيث تتلقي ملك العلاج هناك ... تصل سمر و تمر علي مكتب الطبيب أولا
أنا آسفة جدا علي التأخير .. قالتها سمر بإعتذار ثم سلمته مظروف ضخم و هي تكمل 
إتفضل حضرتك . ده حساب الأيام إللي فاتت و معاه باقي حساب الأسبوع إللي فاضل.
الطبيب مبتسما بنفاق 
أنا إللي آسف إذا تعبتك أو أزعجتك يا أنسة سمر . بس أكيد حضرتك عارفة دي حاجة ڠصب عني . الإمكانيات هنا مكلفة أووي و كل يوم ببعت أطلب من برا معدات جديدة و آدوية كمان.
سمر بإبتسامة مصطنعة 
و لا يهمك يا دكتور . أنا
فاهمة . و في الأخر ده حقك و لازم تاخده .. ثم إنتقلت للحديث عن أختها 
و ملك عاملة إيه دلوقتي حالتها إزيها !
لا حضرتك الحمدلله . حالتها مستقرة أوي لحد دلوقتي و أحرزنا تقدم كبير معاها . بس أكيد علي أخر الإسبوع لما تنتهي جلسات العلاج هتتحسن أكتر و أكتر و يمكن تروح معاكي كمان.
تنهدت سمر براحة شديدة و قالت 
الحمدلله . ربنا يكمل شفاها علي خير .. ثم أردفت بتساؤل 
طيب أنا ممكن أشوفها 
الطبيب برحابة 
أه طبعا ممكن . إتفضلي معايا .. و واكبها لغرفة الحضانات المليئة بالعديد من الأطفال الذين يعانون مما تعاني منه ملك
دخلت سمر خلف الطبيب و راحت تبحث عن أختها
وجدتها أخيرا في المنتصف كانت راقدة في سريرها الصغير المغطي بغلاف زجاجي شفاف موصل ببعض الأنابيب البلاستيكية ..
هي نايمة علطول .. تساءلت سمر و الدموع تترقرق بعينيها ليجيب الطبيب بنبرته الهادئة 
لأ طبعا . بتصحي و بتاكل و بتشرب عادي جدا . بس الممرضة لسا مأكلاها و منضفاها عشان كده نامت.
نظرت سمر إلي وجه شقيقتها المستدير و تأملت بفرحة خديها البارزين المخضبين بالحمرة ..
و كم أرادت أن تحملها في هذه اللحظة و تضمها بقوة إلي صدرها ثم تبكي بعد ذلك و لكنها تماسكت و طردت شعور الوهن قبل أن يطغي عليها كليا و يجعلها ټنهار
ليأتي صوت الطبيب في اللحظة المناسبة تماما 
علي فكرة طلعلها سنتين من فوق . تعبتنا أوي الأيام إللي فاتت و ماكنتش بتنيم حد خااالص.
نظرت سمر له و هي تقول بإبتسامة حزينة 
بجد .. أكيد نفسي أشوفهم . حبيبتي وحشتني أووي !
و هنا دق هاتفهها ..
لتتجهم فجأة و كأنه ناقوس المۏت هو الذي يدق معلنا عن حلول موعد إعدامها أو بالأحري موعد إعدام براءتها شرفها مبادئها أخلاقها !!!
ألو ! .. هكذا ردت سمر بصلابة شديدة ليأتيها صوته الكريه فورا 
إيه يا بيبي ! فينك أنا واقف مستنيكي في المكان إللي إتفقنا عليه . إتأخرتي ليه 
سمر بإقتضاب 
أنا جاية.
الأخير بضيق 
قدامك أد إيه 
عشر دقايق و هكون عندك.
أوك . مستنيكي !
أغلقت سمر الخط و هي تشعر بالحريق ينشب في كل إنش من جسدها ..
ألقت نظرة أخيرة علي ملك و تمتمت بصوت منخفض للغاية لا يسمعه إلا هي 
أنا بعمل كل ده عشانك . إنتي بالنسبة لي أهم حاجة في الدنيا . و مستعدة أفديكي بروحي يا حبيبتي !
بعد بضعة دقائق تجاوزت العشرة التي وعدته بهم ... كانت تستقل سيارة آجرة سارت بها في شوارع الإسكندرية الحية المضيئة
حتي توقفت عند إحدي الميادين الشهيرة بحسب تعليماتها ..
نظر إليها السائق من خلال المرآة الأمامية و هو يقول بصوته الخشن 
وصلنا يا آنسة !
زمت سمر شفتيها بشئ من العصبية ثم فتحت حقيبتها و أخرجت الآجرة و أعطتها له
نزلت من السيارة و هي تتلفت حولها باحثة عنه ..
كانت تريد أن تعثر عليه بسرعة لتقي نفسها من نظرات المارة إذ خيل إليها أن الجميع يترصدها جيدا في إنتظار اللحظة الموعودة ليتم ضبطتها و هي ترتكب الجرم المشهود !!!
و أخيرا لمحته ..
كان يجلس بسيارته المصفوفة علي جانب الطريق ما أن تأكد أنها رأته أخذ يلوح لها بيده و هو يبتسم تلك الإبتسامة الشيطانية
مشت ناحيته و هي تقدم ساق و تؤخر الأخري ... جاهدت لتحظي ببعض الثقة و لكنها معډومة ..
الثقة معډومة في هذا الموقف الذي وضعت نفسها به
لا يحق لها التصرف بكبرياء لا يحق لها إدعاء العفة أو الشرف لا يحق لها التمنع حتي لا يحق لها التراجع
لقد سارت بدرب لا عودة منه ..
مسار واحد فقط محفوف بالأشواك و الألغام .. إنها الآن تمشي علي الجمر و تدوس في الوحل بنفس الوقت
اليوم ستموت سمر البريئة العفيفة و ستولد أخري آثمة مهما فعلت لن تستطع محو خطاياها ..
أخيرا وصلتي ! .. قالها عثمان عندما إستقلت سمر بجانبه في السيارة المكشوفة التي لا تتسع سوي لفردين
إيه العربية إللي جايبها دي .. غمغمت سمر بحنق شديد و أكملت 
فين عربيتك إزاي تيجي بعربية زي دي إنت متعمد تعمل كده
تم نسخ الرابط