رواية مريم من 1-5
لم تكف عن البكاء منذ علمت بخبر الحاډث الذي وقع لأخيها
يقطعا تذكرتان إلي الأسكندرية و فورا يكونا علي متن رحلة أخري ليصلا في زمن قياسي جدا ..
بعد نصف ساعة فقط كانا خارج ساحة مطار الأسكندرية ركبا سيارة فخمة شيعت مخصوصا بسائقها لأجل إستقبالهما بأمر من يحيى البحيري
وصل بهما السائق أمام بوابة المشفي في غضون خمسة عشر دقيقة صعدا إلي الطابق الثالث حيث صالح هناك بغرفة العمليات ..
إبني ماله يا يحيى صالح جراله إيه
إعتدل يحيى في وقفته و إستعد لمواجهة شقيقه ..
إبني فين يا يحيى .. تساءل رفعت بحدة ليرد الأخير بهدوء حذر
إهدا يا رفعت .. ماتقلقش صالح بخير.
رفعت بإنفعال
بخير ! بخير إزاي و هو بقاله 12 ساعة في العمليات إنت شايفني عبيط قدامك !!
لأ لأ خلاص هيخرج دلوقتي الدكتور لسا مطمن آا ..
إسمع يا يحيى .. صاح رفعت مقاطعا ثم تابع پعنف شديد
إبني لو حصله حاجة مش هسامحك إبني لو ماخرجش من هنا علي رجليه لا إنت أخويا و لا أعرفك.
عبس يحيى في حزن و قال
ماتخافش يا رفعت .. إبنك هيخرج من هنا بالسلامة إن شاء الله !
و هنا فتح باب غرفة العمليات ليخرج الطبيب أولا ثم صالح خلفه ملقي فوق التورللي ملفوفا بالشاش و الجبس في معظم أجزاء جسده ..
طمني يا دكتور أرجوك .. قالها رفعت برجاء و أردف
إبني عامل إيه بقي كويس صح
الطبيب بأرق و هو يخلع الكمامة المعقمة عن وجهه
إطمن يافندم .. إبن حضرتك بخير أنا خرجت من شوية و طمنت يحيى بيه .. هو بلغ حضرتك باللي قولتهوله !
آا ي دكتور أنا ب برجح إن حضرتك تشرحله بنفسك أحسن !
تنفس الطبيب بعمق ثم قال بلهجته العذبة المنمقة
طيب .. شوف يافندم هي معجزة إننا قدرنا ننقذه إبن حضرتك إنكتبله عمر جديد بفضل الله طبعا مافيش شك إن الحاډثة كانت قاسېة جدا .. عشان كده للأسف حصلتله شوية مضاعفات !
مضاعفات .. مش فاهم يا دكتور !!
عض الطبيب علي شفته و إستغرق منه الأمر لحظات قبل أن يجد طريقة ملائمة ليخبره بما حل بإبنه ..
الطبيب بتمهل و لطف
شوف حضرتك .. بصراحة إبنك إتعرض لشرخ بسيط في عموده الفقري الشرخ ده هسيببله إعاقة لفترة معينة !
يعني إيه يا دكتور .. تقصد إنه .. إتشل
مش بالظبط كده .. قال الطبيب بحيرة ثم تنهد و أكمل
هو فعلا مش هيعرف يمشي في الأول بس في علاج طبيعي هنتابعه لما يقوم بالسلامة.
و العلاج ده هيجيب نتيجة
أه طبعا هيجيب .. بس !
يحيى بوهن
بس إيه
أجاب الطبيب و هو يتهرب من النظر في عينيه
جايز الفترة تطول .. كله بأمر ربنا ! .. ثم إستأذن بسرعة ليذهب
عن إذنكوا هروح أشوف المړيض.
ظل رفعت واقفا بمكانه كما هو تماما كالصنم حتي توجه يحيى إليه بالقول
رفعت .. إطمن و الله هيبقي كويس.
أدار رفعت رأسه و أخذ يرمقه بنظرات حاقدة ليجفل يحيى بتوتر و يزم شفتيه في ضيق لكنه عاد يقول و هو يحتضنه بأخوة
إن شاء الله هيبقي كويس.
في إحدي العيادات الخاصة و المتخصصة لعلاج الأطفال ..
فرغ الطبيب المسن من الكشف علي ملك ثم نزع سماعته الطبية و هو يداعب ذقنها بلطف قائلا
سلامتك يا جميلة إنتي زي الفل إضحكي بقي و ماتكشريش تاني خالص.
إستجابت الصغيرة لمداعبته التحببية و راحت تكرر بصوتها الطفولي الرنان لتبتسم سمر و هي تعدل لها ملابسها بينما يقف عثمان وسطهم يراقب ما يحدث بإبتسامته الفاترة الدائمة ..
جلس الطبيب الوقور خلف مكتبه لتحملسمر أختها و تعود ثانية لتجلس أمامه و تسمعه و هو يقول بجدية
شوفي حضرتك .. مبدئيا الأعراض إللي عند أختك عادية جدا بالنسبة للأطفال إللي في سنها التقلصات المعوية حاجة شائعة جدا في الفترة دي بالنسبة لها لكن السخونة و الكحة إللي بتشتكي منهم دول حاجات محتاجين نعمل عليهم تحاليل و علي حسب بقي لو قالت التحاليل هتخف بالعلاج يبقي خير و بركة إنما لو حاجة تانية لا قدر الله هنشوف ساعتها ممكن نعالجها إزاي !
سمر پصدمة
قصدك إيه يا دكتور هي ممكن يكون عندها إيه !
أنا مش عايزك تتخضي .. بصي هي بوادر إلتهاب رئوي بس هنحاول نعالجها قبل ما الموضوع يتطور أكتر .. ثم شرع في كتابة روشتة و هو يتابع
أنا هكتبلها علي أدوية مهمة و هكتبلك إنتي مواعيد كل دوا و هاخد منها عينة ډم دلوقتي و إن شاء الله أشوفها الأسبوع الجاي زي إنهاردة.
إنتهت جلسة الكشف بعد أن أخذ الطبيب عينة من ډم ملك لتخرج سمر من البناية الراقية برفقة عثمان و هي تحمل شقيقتها غير قادرة علي محو علامات الوجوم المرتسمة علي وجهها ..
أعادها صوت عثمان إلي أرض الواقع حين سألها بلطف
أنسة سمر ! .. إنتي كويسة !
إنتبهت إليه قائلة
هه ! أه .. ش شكرا أوي يا عثمان بيه بجد أنا مش عارفة أشكرك إزاي علي كل إللي عملته معايا أنا بقيت مديونالك بكتير أوي.
عثمان بعتاب مصطنع
عيب كده يا أنسة سمر أنا ماعملتش أي حاجة و بعدين دي حاجات بسيطة جدا.
سمر بإبتسامة رقيقة
حاجات بسيطة إيه بس دي الڤزيتا لوحدها بتاعة الدكتور ده أكتر من المبلغ إللي أخدته من حضرتك قبل كده أنا بإذن الله هردلك كل ده قريب بس عمري ما هقدر أردلك لطفك و كرمك معايا.
عثمان و هو يعبس بضيق
بجد هزعل منك يا أنسة سمر أختك زي أختي بالظبط أنا قمت بواجب طبيعي .. ثم قال بخبث
و لو إن الدكتور فوق إفتكرها بنتي .. أنا ماحبتش أصلحله الغلط لإني بجد حبيت ملوكة أوووي و من هنا و رايح خلاص هعتبرها فعلا زي بنتي.
و مد يده و ربت علي خد الصغيرة بلطف لتحمر سمر خجلا و هي تقول
حضرتك كل شوية بتكسفني بكرم أخلاقك أكتر .. مش عارفة أقولك إيه !!
عثمان بإبتسامته الجذابة
ماتقوليش حاجة .. أنا إتبسطت لما شوفت ملك إنهاردة و إن شاء الله في معاد الإستشارة الجاية هاجي معاكوا تاني.
سمر ضاحكة بخفة
لأ إستشارة جاية إيه ! مافيش الكلام ده كفاية أوي كده علي حضرتك أنا هبقي أخدها أوديها لدكتور تاني تكون الفزيتا بتاعته أقل شوية.
كلام إيه ده يا أنسة سمر ! ماينفعش تسيبي دكتور خلاص شخص حالة أختك و تروحي لواحد غيره لسا هيشخص من أول و جديد ماينفعش.
بس آا ..
مافيش بس .. قاطعها بصرامة و أكمل
الأسبوع الجاي زي إنهاردة هجيبكوا بنفسي لحد هنا و هحضر الإستشارة كمان.
إبتسمت سمر و قالت بإستسلام
خلاص .. إللي تشوفه حضرتك !
رد لها الإبتسامة و هو يقول
أيوه كده .. و يا ريت ماتنسيش معاد شغلك من بكره و بعتذرلك تاني بالنيابة عن شيري إحنا كنا ملخومين في إبن عمي زي ماقلتلك و كل حاجة عندنا واقفة من إمبارح.
لا أبدا مافيش حاجة ربنا يقومه بالسلامة.
أمين .. طيب يلا بقي عشان أوصلكوا.
سمر بحرج
يا خبر .. كمان !
عثمان بإصرار
أيوه .. إنتي ساكنة فين
عند محطة الرمل كده !
أومأ مرارا و هو يقول مبتسما
تمام إتفضلي بقي .. و أشار لها لتتقدمه نحو سيارته المصفوفة أمامهم
ففعلت ذلك علي إستحياء ...
ما أنا مشغل معايا شوية أغبية ! .. قالها رشاد الحداد بصياح غاضب دوي عاليا بأرجاء حجرة مكتبه ليرد عليه أحد رجاله بحذر شديد
طب و إحنا ذنبنا إيه بس يا رشاد باشا مافيش حاجة بتخفي عن الصحافة و بعدين كل المعلومات إللي إتنشرت دي خدوها من المستشفي.
رشاد بإنفعال
ما إنتوا لو رجالة عدلين ماكنتوش سمحتوا لشوية كلاب تعلي صوتها علينا .. ثم إلتفت إلي المدعو عباس الذي كلفه بمهمة إغتيال عثمان بدلا من صالح
و إنت يا عباس بيه .. فين نتايج خطتك إللي ماتخرش المايه بجد خيبت أملي فيك !
عباس عاقدا حاجبيه في إنزعاج
أنا ماليش ذنب يا باشا أنا عملت المطلوب و لو ماكتش إبن عمه هو إللي طلع بالعربية كنت هتسمع خبره زي أمرت.
رشاد بتهكم
طيب و ليه ماسمعتش خبر إبن عمه لحد دلوقتي يا مستر عباس ده كمان في ناس كلموني و قالوا إنه خرج من العمليات و بقي زي الفل.
بهت عباس و ما عاد للكلام جدوي أمام تصريحات رشاد الأكيدة ..
إخفوا من قدامي .. هتف رشاد بحدة و تابع
مش عايز أشوف واحد فيكوا لحد ما الموضوع ده ينتهي أنا أسف إني إعتمدت عليكوا.
أطرقوا رؤوسهم جميعا و هم ينسحبون الواحد تلو الأخر من مكتبه بينما إستدار هو پعنف و ضړب الطاولة بقبضته المضمومة و هو يتمتم من بين أسنانه
فلت من إيدي المرة دي يابن يحيى .. بس و الله ما هسيبك !
يتبع ... ...