رواية جاسر الجديدة الجزء الثاني

موقع أيام نيوز

سالي بحزن
أنا فاهماه کویس جاسر طول عمره عنيد بس عندي أمل يفوق ويحس ده مأثر إزاي علي نفسية الولاد سلیم بالذات 
عبس کریم متشككا
هيا مراته بتعامل الأولاد إزاي 
ضحكت سالي هازئة
اللي عرفته أنه محرج عليها تحتك بالولاد وهيا أصلا مالهاش خلق على مراعيتهم 
زم کریم شفتيه مستاءا
بجد شخصية غريبة أوي أنا ممكن أعند في شيء يخصني إنما مصلحة ولادي دي مافهاش عند 
هزت سالي كتفيها وقالت هامسة
ده جاسر هوا صح إلى أن يثبت العكس وتطلع أنت اللي غلطان برضه 
قهقه کریم بصوت مرتفع وهز رأسه غير مصدقا وقال وهو يتأمل ملامح سالي المستاءة
وده كنت عايشة معاه إزاي!
سرحت سالي بأبصارها بعيدا عنه ولكأنما تذكرت فكيف لها أن تنسى كيف كانت الحياة إلي جوار هذا الصلد العنيد! وأقرت بحزن هامس
كنت بسمع الكلام 
ظل کریم ينظر لها مليا حتى قال
بس الجواز مش واحد يتكلم والتاني يسمع ياسالي الجواز اتنين يتكلموا ويتفاهموا 
هزت كتفها دون حيلة قائلة بسخرية مريرة
یعني أنت كنت
شوفتني كملت!
اقترب منها هامسا
أنا مش بقولك كده عشان كنت تكملي أنا بقولك كده عشان تتأكدي أنك كنت صح فن التجاهل عنوان أحد كتب التنمية البشرية التي تكتظ بهم مكتبة کریم والذي اعتادت إستعارة الكتب منه وكان لا يجد أي غضاضة في ذلك بل كان سعيدا بتلك الحالة من التفاهم والانسجام بينهما فلقد إكتشف ولعهما المشترك بنفس الأشياء القراءة والتريض ومشاهدة الأفلام الكلاسيكية القديمة ولشدة ولعها بذلك الكتاب منحها كريم إياه مازحا بأنه ارتكب أحد أكبر الحماقات في التاريخ إذ تبرع لها بالكتاب دون مقابل فالكتب بنظره ثروة کنز ثمين فكيف بصاحبه أن يتخلى عنه!
كانت بالماضي تختزن داخلها كل الذكريات والمواقف السيئة تعيرها حجما كبيرا وتقتطع منها طاقة هائلة للتعامل مع كم هذا المخزون ولكن بخطوات بسيطة استطاعت تنمية هذا الشعور الرائع بل هو الأروع على الإطلاق التجاهل فأصبحت المضايقات المتكررة التي تلاقيها على يد تلك المدعوة داليا تثير سخريتها وليس ڠضبها تجعلها ترى أي إمرأة مهزوزة ضعيفة هي بل توصلت لحقيقة الأمر إنها أضعف منها هي شخصيا إنها ك دون کیشوت تحارب طواحين الهواء تسوق قدماها نحو الماضي لتحارب أشياء ماټت واندثرت وكل هذا في سبيل أن تتوقف سالي عن الحضور اليومي وملاقاة أطفالها والتمتع معهم بوقتها رغم أنها لم تری جاسر سوی مرتان فقط خلال الشهرين المنصرمين وفي المرتين تحاشت الإحتكاك به لا خوفا منه ولا مراعاة لتلك الغيورة بل لخاطر أطفالها وها هي تقف تبتسم لها بسماجة قائلة
كويس أنك بتعرفي تيجي المشوار ده كل يوم 
نظرت لها سالي بطرف عيناها وابتسمت لها ساخرة ثم التفتت لسليم الذي كان يحملق بكتاب الرياضيات غاضبا وقالت
سلیم حبيبي متدایقش نفسك حل مسألة تانية فيه حاجات تأجيل مواجهتها بيكون أفضل مش لأنك مش قادر تحلها أنت بس ذهنك دلوقت مش صافي في الآخر متضيعش وقتك 
احمر وجه داليا وزمت شفتيها وقالت
طيب واضح أنكو مشغولين وأنا الحمل بيخليني أدوخ هروح أرتاح شوية 
لم تكن سالي لترد على عبارتها التي تظن أنها قد تستفزها بها كيد النسوة الضعيفة فلقد مرت هي بحمل وولادة ولديها بالفعل أطفال تراعهم وانتبهت سالي لصوت هاتفها الذي أخذ يعلو بالرنين فابتسمت وأجابت دون أن تدري بوجود تلك المتلصصة من خلف الباب
أيوا یا کریم . 
ثم ضحكت قائلة
لا متقلقش مش ناسية سبعة بالدقيقة نتقابل زي ما اتفقنا ونروح سوا 
وضعت داليا يدها على صدرها بفرح بالغ وهي تهمس لنفسها کریم أي مصېبة المهم تاخدك وارتاح 
كانت تنظر له غاضبة التغيرات التي طرأت على حاله فأصبح نزق المزاج مشتت كثير الانتقاد للمحيطين به ببساطة لكأنما خط فوق جبهته عبارة سريع الإشتعال فقالت بعند
دي رابع مرة أعيد فيها الشغل 
فقال زاعقا
إن شالله حتى عشرة يادرية 
رفعت حاجبها الأيمن بانتقاد قائلة بنبرة خاڤتة
لو سمحت يا جاسر متعليش صوتك عليا وتفهمني إيه اللي ناقص المرادي 
نفث غاضبا بلهب وهو ينزع ربطة عنقه الذي يشعر كأنها ټخنقه قائلا
أنا مش لسه هعلمك الشغل بادرية 
قامت درية وقالت بحزم
كويس أنك عارف وأظن أنت كمان عارف دقة شغلي وعشان كده لو سمحت اتفضل وقع على الورق عشان التأخير مش في مصلحة الشغل 
هز رأسه وقال بعند أكبر
لاء وسيبيه اسامة يراجعه طالما أنت مش عاوزة تعيديه 
نظرت له وملامحها تعلوها دهشة بالغة وتمتمت
ده كأني بتعامل مع أيهم 
هدر فيها محذرا
درية 
وضعت عويناتها وابتسمت له ببرود
نعم 
زم شفتيه وقال
علي التكييف واتفضلي على مكتبك 
نفذت ما أمرها به والتفتت له قائلة بنفس الإبتسامة التي قد تجمد مياه المحيط
أي أوامر تانيه!
أقر بما يمر به مرهقا
هاتيلي حاجة للصداع 
ألم يفتك برأسه منذ الصباح فأطفاله على وشك الانتهاء من العام الدراسي وقد بكت له سلمي على مائدة الفطور وصرحت له برغبتها بقضاء فترة الصيف برفقة أمها أما سليم فكان ينظر لها غاضبا وهمهم متبرما بس يا سلمى بابا أصلا مش هيوافق ولم يمتلك ردا سوى أن يغمغم لهم بأمر مقتضب للانتهاء من فطورهم وداليا لا تنفك عن محاولتها الحثيثة بالاقتراب منه واختراق الأسوار التي يصنعها حول نفسه وفي أوقات يجد نفسه ضیعفا للحد الذي يسمح لها باختراقها بقدر يسير فبالنهاية مالذي يمنع رجلا بتلقي الحب والرعاية من زوجته! ألأنه يرغب بتلقي المثل ولكن من أخرى أصبحت لا تعيره أي إهتمام أيسير بدربها كالمسكين خلفها يرجو منها شفقة ونظرة عطف لحاله وحال أطفالهما! ويلقبونه هو بالعنيد أيهما العنيد
سارت إلي جواره كطفلة صغيرة سعيدة تتلمس الجدران وبفضول تتجول في غرفه الواسعة بسرعة فائقة والبسمة المرتسمة على شفتيها أخبرته أنها أغرمت به فابتسم هو الآخر سعيدا ليس لأنهما أخير عثروا على مكان يناسب مشروعهما الصغير الذي يسعى حثيثا نحو النور ولكنه
لأنه أخيرا حاز على رضا تام منها صاح مبتهجا
واضح أنه المسطح عجبك 
هزت رأسها لتقول بسعادة
جدا 
اقترب منها وعقد حاجبيه بمكر قائلا
لا أنت كده هتخليه يعلي السعر علينا 
ضحكت وزمت شفتيها ورسمت تعبيرا غامضا على وجهها وظهر أمامها السمسار وقال بحفاوة
لا أظن أهوه في الآخر عملت اللي عليا وزيادة 
قالت سالي بنبرة متشككة
أنت شايف كده 
يعني أنا رأيي نبص على المكان التاني اللي قلت عليه 
بهت الرجل وأدار رأسه نحو کریم الصامت والذي كان يكتم ضحكاته قائلا
ما تحضرنا یادکتور ده موقع يشرح الروح هوا فيه بعد كده والناس طالبين فيه مبلغ مش بطال 
هز کریم رأسه موافقا وقالت سالي
لا لا السعر بالذات لو يعني لو هنتفق هيبقي فيه كلام تاني خاالص 
هز الرجل يده دون حيلة وقال
صدقيني يا دكتوره استحاله تلاقي حاجة أحسن من كده 
تدخل کریم في الحوار جادا
طب سيبني ياحاج مع الدكتوره وهنرد عليك 
قال الرجل يائسا
عموما إحنا ممكن نحرك السعر شويه بس بالكتير ٥ الآلآف مش أكتر 
وصلا كلاهما لحيث سيارة كريم المرصوفة وودع الرجل بتحية حارة وهو لازال يكتم ضحكاته حتى اڼفجر قائلا
إنت مش ممكن ممثلة درجة أولى 
عبست بوجهه قائلة
مش أنت اللي قولت كده هيعلي علينا 
هز
كفه نافيا وهو يضحك ممازحا إياها
ڼصابة درجة أولى ده الراجل طول الطريق لعربيته عمال يقنع فيا نقبل وهينزل السعر أكتر 
ضحكت سالي قائلة
لا من بعض نصائحكم 
فتح كريم السيارة وقال داعيا إياها للصعود
لا يالا طيب أوصلك في سكتي 
احمرت وجنتا سالي وقالت
مافيش لزوم تتعب روحك أنا هاخد تاکسي 
نظر لها کریم مليا فهي دوما ترفض بشكل مبطن مرافقته لأي مكان بسيارته وهو كان لا يمانع إذ أنه يجد من غير اللائق دفعها للقيام بأمر لاتحبذه فقال عابسا
طب ماتجيبلك عربية بدال ۏجع القلب ده همت 
لتسخر من تلك الفكرة ولكنها تذكرت إمتلاكها لملايين وإمتلاك سيارة لن يؤثر على ميزانتيتها ولكنها مع ذلك قالت
ناوية بإذن الله أول ما أحوش مبلغ محترم أدفعه مقدم 
فتح لها كريم الباب وبعند قال
طب اركبي أوصلك لأقرب مكان حتی وبطريقتي السحرية هقنعك أنه من الطبيعي تستغلي الفلوس في حاجات تانيه بخلاف المشروع الخيري 
هزت سالي رأسها دون فهم فكيف إستطاع الولوج لعقلها ومعرفة السر الذي يمنعها من تحقيق رغبتها وبالفعل صعدت السيارته وما أن صعد هو الآخر حتى قالت للدفاع عن نفسها
على فكرة الموضوع مش زي ما أنت فاكر وأنا . . 
قاطعها كریم قائلا
من مبادىء الإحسان والخير أنه الواحد يحسن لنفسه الأول یا سالي عشان تقدري تدي لازم تاخدي ده أمر ضروري عشان ما تهدریش طاقتك 
عقدت سالي حاجبيها وهي تفكر في مغزی کلماته فتابع هو
العربية دي وسيلة تسهل عليك الانتقال من مكان للتاني مهمة ليك وللولاد كمان فرضا لا قدر الله أي حاجة حصلت بسرعة هتعرفي تكوني معاهم 
ظهرت إمارات الإقتناع على وجهها حتى قالت بامتعاض
أنت معاك حق بس الحقيقة إني حتى نسيت السواقة وبقالي زمن مسوقتش عربية 
قال كريم ببساطة وبإبتسامة واسعة
وأنا رحت فين 
كعادته مؤخرا طبع قبلة دافئة على جبين صغاره وهم نائمون وقبل أن ينصرف متجها لغرفته ليبدل ملابسه باغتته الصغيرة بعناق متشبث برقبته وغمغمة هامسة محلاة بطعم أحلامها البريئة
أنا بحبك يا بابا 
توقف عن الحراك للحظات وضمھا لأحضانه مرة أخرى ودثرها جيدا وهو يغمغم لها
وأنا بحبك ياقلب بابا 
ثم اتجه لفراش أخيها مرة أخرى وقبل جبينه مرة أخرى قائلا بهمس
بكرة تكبر وتعرف أد إيه أنا بحبكوا 
خطواته كانت متعبة في الواقع مذنبة مهما ابتعد بعناده السافر سيعود لأرض الواقع ليقر بحقيقة لاجدال فيها يفتقدها ويفتقد لذة أمان أحضانها حوله وحول صغاره عنادا بات مرا كالعلقم عندما يستيقظ صباحا ليجد أن من تحوطه بأحضانها أخرى يجد نفسه غريبا عنها مهما حاولت هي الاقتراب وجدها تنتظره بغلالة إرجوانية تكشف الستار عن مفاتنها وعطرها النفاذ يستبقها لتستقبله بأحضان حارة وعلى النقيض استقبلها هو ببرود جم قائلا بصوت متجمد كعضلات جسده
لسه صاحية ! 
ابتسمت له بافتنان
أنا حتى لما بكون زعلانه منك بعمل نفسي نايمة بس مبقدرش يغمضلي عين وأنت مش في حضڼي 
هز رأسه واتجه بصمته نحو الخزانة ليخلع سترته ليجد أن أناملها امتدت واقټحمت فتحة قميصه لتتولى هي خلعه عنه فغمغم بضيق
داليا أنا . . 
قالت بهمس
أنت محتاج مساج من بتوع زمان فاكر 
موسم الإمتحانات عبارة تلخص معاناة كل أسرة أو بالأصح أم مصرية ولم تكن درية مستثناة من تلك القاعدة ليس لأنها تخشى حصول أبنائها على درجات متدنية فهي تؤمن بأن النجاح بالمستقبل يظل بید من يسعي له حتى آخر رمق ولو
كان بآخر لحظة
تم نسخ الرابط