رواية جاسر الجديدة الجزء الثاني

موقع أيام نيوز

مقلتيها ولكنها مالبثت أن دحرته بقوة
اعملها یاجاسر طلق أمهم وأتجوز غيرها وأحرمهم بعد كده منها وبص لنفسك كل يوم في المرايه وهما بيكبروا وأسأل روحك بعدها 
اقتربت منه مرة أخيرة وهي تهمس له قبل أن تختفي من أمام ناظريه
ياترى ملامحك اتغيرت بفعل الزمن ولا بفعل کرههم 
والهزيمة ليست پبكاء الرجال بل بفقدان أب قدرته على إحتواء صغاره وبفقدان عزيمته على الوقوف وتزلزل الأرض من تحته حتى استدرك للخلف عائدا لأقرب مقعد والمشهد في خياله لهو أشد عڈاب.
الأوهام ظلال الحقيقة اقتربت حتى انصهرت فابتعدت حتى تماسكت بقايا وتلملمت للمرة الثانية في تاريخهما المشحون بكل العواطف الرائعة والمؤذية أيضا يستجلبها هو بفرض قوة ذكورية بحتة بالكذب كان أو بالخداع ويفرض عليها قيدا وشرطا دون اعتبار لأنوثتها المتداعية بفضله ولا لكبريائها المنحور على يده فليس ذلك بشيء يذكر جوار كبريائه الأبقي والأعلى شأنا ڠضب يتأجج وحزن يوجع القلب بتراكماته وكأنها لم تكن شيئا مذکورا وقرار رغم أنه مجحف بحق الآخر وحق أطفالها إلا أنها باتت تراه صحيحا والتضحيات غالبا ما يرافقها ألم ألم ستعتاده وستضيفه للائحة آلامها السابقة فلا تراجع ولا عودة وستعتاد الحاضر حتى تنسی.
معك يولد الرجل بالمصادفة وېموت بالمصادفة رسائله النصية التي باتت روتینا ثابتا صباح كل يوم أضحت حمل ثقيل يضاف لبقية ما تتحمله قد تكون في حاجة لإشباع وغريزة فطرية بكل أنثى ولكنه ببساطه ليس هو والأكثر أنها تكاد تكون واثقة أنه مدعي فلا هو شاعرا بالفطرة وحالما كزوجها الراحل ولا هو رجل صارم صعب المعشر كأبيها تحين لحظات ضعف تصيبه جراء تقلبات الحياة فيتحول لمراهق غر تراه کنمر يختار موقع قدميه بعناية دقيقة حتى يصيب فريسته وهي تمقت دور الغزالة المتحذلقة التي تثق بسرعتها وخفة قدها حتى تقع رقبتها بين براثنه وإتصال هاتفي تلك المرة في الواقع أحصت الدقائق فوجدتها عشرون ككل مرة فردت ببرودها المعتاد و جائها صوته المتردد يحيها قاطعته قبل أن يسترسل
كنت لسه هكلمك مش هينفع نتغدا سوا النهاردة أيهم طول الليل مانمش من ۏجع ضرسه 
وكأنما قدمت له الحل على طبق من ذهب وليس فضة براقة صاحبي عنده مركز أسنان في وسط البلد ودكاترة شطرين جدا هعدي عليك في خلال نص ساعة ده كله إلا أيهم 
تنهدت وهي تفتأ تبحث عن سبب قوي لترفض عرضه فهي لم تعتاد بعد تلك الفكرة المخزية بترك مقاليد الأمور ليتسلمها هو بحكم ضعف أنثوي لن تعيشه في كنفه راضية ولكنها رغم ذلك تراجعت فما عيب الضعف وما المانع لو أنها تركت ذلك المنصب الذي تقلدته إجباريا لتضع أحمالها ولو قليلا علها تلتقط فقط بعض الأنفاس وإلا مافائدة تلك الزيجة بالمقام الأول فهي ليست بإمرأة صرعها الهوى ولا أرملة أجحفها العوز وضعت الهاتف وتلقت الصغير بين أحضانها الدافئة
لسه واجعك 
هز
الصغير رأسه بضعف وهو يريح خده المتورم برفق على صدرها فربتت على كتفه في انتظار ظهور المنقذ الذي لم يتأخر والذي لم ېكذب أيضا فما أن خطت قدميها داخل مركز الأسنان حتى لاحظت الإهتمام الشديد بحالة صغيرها دون الإعتبار لكون العقيد صديقا مقربا لمالك المركز والذي استقبلهما بحفاوة بالغة وما تلا ذلك كان الصدمة والمفاجأة بالنسبة إليهم جميعا فالطبيبة الماهرة التي عالجت أيهم الصغير في الواقع هي سالي التي تعرفت على درية واستقبلتها بأحضان دافئة وصاحب المركز ذلك الطبيب خفيف الظل كما استشعرته درية لم يكن سوی خطيبها !
وقع المفاجأة على درية حينما علمت بذلك الخبر كان متشابها لحد بعيد عندما علمت سالی أن درية حطمت أسوار حصنها المنيع ودعت رجلا لاقتحامه والسيطرة عليه وأخيرا الرجلان اللذان لم ينتبها لملامح المرأتين وتضحكا سويا بشأن الخطوبة السرية كما أطلق عليها كريم والذي أصر على أن يتناولا طعام الغذاء سويا ولكن درية قابلت عرضه برفض قاطع إذ أن الصغير في حاجة للراحة وربما يستطيعان تلبية الدعوة في وقت لاحق انصرفت درية وهي تحمل صغيرها رغم إصراره أنه يستطيع المشي وحده وعيناها معلقة بوجه سالي الذي كان يعلوه تعبير غریبا غريب جدا بل غريبة الحياة برمتها.
الفوضى ربما تكون وصفا دقيقا حالة الشركة مع غياب الشقيقان وهذا ما لاحظته عيناه بمجرد مرور بضعة دقائق عليه داخل مكتب أخيه الأكبر الغائب وزأر بأحقية فردا من آل سليم بعدة أوامر نفذها
الموظفون بكل دقة وحرفية قد يكون الأصغر وربما يكون قد انسحب من الشركة منذ زمن ولكنه لازال فردا لا يستهان به بتلك العائلة الذي ما أن أنهي عملا هاما أنقذ عدة أوضاع كانت على المحك اتجه لبيت الأوسط الذي كان غارقا في بؤسه بين أورقة ذكرياته البعيدة وخسارته القريبة استقبله أسامة بعينان زائغتين فرمقه زیاد بالمقابل بنظرة خائبة الآمال قائلا
إيه اللي رجعك للقرف ده تاني 
أشاح أسامة برأسه بعيدا مغمغما باعتراف مخجل
مش عاوز أفكر في حاجة 
ولكن زیاد لم يستسلم وتابع حديثه بعند
درية سابت الشغل وأنت وأخوك معتبتوش الشركة بقالكو كتير والموظفين بياكلو في قته محلولة إيه اللي بيحصل!
فعقد أسامة حاجبيه وقال
وجاسر مبيروحش ليه 
فدهش زیاد
أنت بتسألني أنا!
أومال أنت قاعد معاه بتعمل إيه 
ضحك أسامة ساخرا
أحنا كل واحد فينا في وادي لوحده أنت ولا هوا ولا أنا 
هز زیاد رأسه وقال
معاك حق وأنا السبب 
والټفت لأسامة وهو يرمقه بشفقة قائلا
أسامة أنت محتاج تروح تتابع مع دكتور نفسي الهروب مش حل ولا أنت مرتاح 
هز أسامة رأسه موافقا فتابع زیاد برفق راجيا
أما أرجع من السفر نروح سوا
تسائلت عينا أخيه قبل لسانه
مسافر فين 
رد زیاد ببساطة
فرنسا هبقا أحكيلك لما أرجع 
ظن أسامة أن أخيه يشعر بضيق حال جعله يغادر البلاد فقال بسرعة
على فكرة جاسر أداني عقد بيع منه ليك بشركتك يازیاد بس وصاني مجيبش سيرة إلا لما أحس أنك رسیت کده و عقلت والصراحة أنا كنت قلقان لا بنت الزهري ترجع تلف عليك تاني من بعد ما سابت أخوك 
رفع زیاد حاجبيه دهشة
وهما اتطلقواطب والبيبي 
هز أسامة رأسه نافيا فقال زیاد مستفهما
عشان كده جاسر سایب الشركة 
هز أسامه کفه معارضا وقال بإستخفاف
مش أخوك اللي يزعل على الموضوع ده وكده أفضل ناقص بس يرجع المايه لمجاريها مع سالي 
وصمت الاثنان إذ أدركا أن ذلك قد يكون سبب غياب أخيهما المفاجيء وعندها قال أسامة بإدراك
يمكن يكون ده السبب فعلا والصراحة محدش يقدر يلومها ولكن بعكس ملامح أسامة المستسلمة 
لمعت عينا زياد وهو يقول بإصرار
لكن لازم ترجع 
هم زیاد بالرحيل وقال آمرا
خلي العقد معاك يا أسامة مش محتاجه دلوقت وتعالي المهم نروح لأخوك ونتطمن عليه 
ثلاثة أيام مرت ثلاثة أيام من الصمت المفعم بحرارة براكين الڠضب المتفجرة داخله وشعور حارق بالخېانة يقتات منه وعودة لذكريات مقيتة أقسم على ډفنها بأعمق الأعماق سهيلة فضلت رجلا آخر فتخلص منها ومن قيود زيجة منتهاة ولكن سالي هي لم ترتكب جرما فادحا بالمعنى الحرفي إذ أنها لم تعد زوجته ولكن كيف تفضل سواه
الفرحة التي استقبل بها الصغيران عمیهما كانت لا تقدر بثمن وساهمت بإخراجه من دوامة أفكاره الملتهبة مستعيدا بريق عيناه الذي خمد قليلا وبمظهره الۏحشي بذقنه الخشنة وعيناه التي ضاقت عندما لمح نظرة أخيه الأصغر متشبثة بكل حركاته ولفتاته تقدم منه ودفعه لأحضانه بود استقبله زیاد بسرور قائلا
قلقنا عليك أنا وأسامة 
دعاه جاسر للجلوس قائلا بمكر
أنت ممكن لكن أكيد الباشا التاني ولا كان حاسس بحد 
وضع أسامة سلمى المتشبثة بعنقه والټفت لأخيه الساخر وقال
قال يعني تفرق معاك 
هز جاسر رأسه نافيا
لاء تفرق يا أسامةلمتنا أهم حاجة عندي 
كان سليم يتابع حديث الكبار بأعين متسعة يحاول إدراك ما يجري حوله بسنوات عمره القليلة فجذبه زیاد بقوة وتعلق به وقال
أبوك ماله یا سليم أحكلنا أنت بقا 
نظر سليم لأبيه الذي سارع بإشعال تبغه بأنامل متوترة قائلا بخشونة
خلي سليم بره یا زیاد 
اعترض سليم بجين العند المتوراث بعروق آل سليم
بس هوا سألني أنا 
نظر جاسر لصغيره نظرة تقدير بالغة وقال بإذعان
خلاص اتفضل يا سلیم جاوب 
نظر سليم لزياد وقال بحروف لا تمت لعالم طفل بعمره بصلة
أظن أنه بابا قاعد قدام حضرتك تقدر تسأله بنفسك 
اڼفجر الجميع ضاحكون حتى سلمى التي لم تكن تفقه الحديث الجاري من حولها فجذب زیاد رأس سلیم مشاكسا وقال
ابن الوز عوام خد أختك ورحوا طيب وسيبونا لوحدنا عشان أقدر أسأله براحتي 
وكأن سليم بحاجة لذلك الأمر منه مد يده صامتا لأخته التي تعلقت بذراعها وسحبها نحو الخارج تارکین عالم الكبار المشحون بالأفكار والأقوال التي تخفي ما داخل الصدور وحديث قاد دفته وتمرکز فقط حول العمل ولا شيء سواه متجاهلا نظرات أخويه الفضولية بشأنه حتى قاطعه زیاد قائلا بحسم
مهما تحاول تهرب یا جاسر بالشغل وكأن مافيش حاجة حصلت هيفضل واقع أنك أنت وولادك قاعدين هنا لوحدكم من غير أمهم 
وساد الصمت لفترة ليست بالهينة فلقد تعلم زیاد الصغير المواجهة وأساليب الطرق على الحديد وهو ساخن كما يقولون وتابع بإصرار
ولا أنا غلطان یا جاسر!
هز جاسر کتفیه یازدارء قائلا
بتكبره المتعمد
وده يفرق في إيه 
قام زیاد وقال
ماهو مافيش أهم من لمتنا یا جاسر يبقى من باب أولى لمتك أنت ومراتك وولادك 
تدخل أسامة ليلطف قليلا من الأجواء المشحونة بينهما وقال
جاسر أنا ممكن أكلمها وسالي طيبة وبتحبك 
قاطعه زیاد باعتراض قوي
لاء طبعا لا أنا ولا أنت هنتدخل هوا اللي لازم ينزل شوية من عليائه ويترجاها ترجعله هوا غلط فيها ولازم يصالحها ويحسسها بأهميتها عنده ولا سالي مش مهمة ياجاسر 
الټفت لجاسر الذي احمرت نواجذه غيظا إذ لم يعتاد أن يتقلد موقع الصغير الذي يتلقى الأوامر من أحد وتابع زیاد بنفس الإصرار
اعترف على الأقل بينك وبين نفسك أنك غلطت في حقها وأنها استحملت كتير منك وأنه من حقها تحس بغلاوتها عندك وعادت كلماتها تطرق رأسه وشعور بالذنب يطوقه نحوها 
اقترب زیاد منه هامسا
على الأقل عشان مصلحة الولاد 
هز أسامة رأسه موافقا وقال وهو يسحب زیاد نحو الخارج بواقعية الأمه مؤخرا 
كفاية كبر وتضيع وقت أكتر من كده یاجاسر بدال ما تصحى في يوم تلاقيها خلاص راحت لغيرك 
والألم الذي تجسد بناظريه تعاظم حتى شعر بأنفاسه تختنق وحال دون أن يودع أخويه وداعا لائقا فجلس في مكانه ولم يبرحه حتى بعد مرور ساعات على إنصرافهما وعاد مجددا لدوامة أفكاره فهو كان يظن أنها رفضت الاستمرار ورحلت ثأرا لكرامتها وعلى عكس کلام أخيه الذي يتهمه بالغرور وعدم استشعار قیمتها بحياته فهو
تم نسخ الرابط