رواية منال الجزء الثاني
المحتويات
مرفقها وأخذت تفرك بيدها جبينها..
كان اليوم ثقيلا عليها محملا بالكثير من الأحداث..
انتفضت في مكانها مذعورة حينما سمعت صوت باب ما يفتح فجأة..
هبت من مكانها واقفة وأمسكت بالدرابزون لتنظر إلى الأسفل.
رأت إحدى الجارات وهي تلج من منزلها لتنفض
إحدى السجاجيد.
رفعت الجارة خضرة بصرها للأعلى لتجد تلك الشابة محدقة بها.
ازيك يا بنتي عاملة ايه دلوقتي
ردت عليها أسيف بابتسامة باهتة
الحمدلله!
تابعت الجارة خضرة قائلة بحماس
أنا دايما بسأل عليكي عمتك وهي بتطمني عليكي
ردت عليها أسيف بإيجاز
الله يكرمك
حافظت خضرة على ابتسامتها العريضة وهي تضيف
ماشاء الله شكلك اتحسن عن الأول أنا جيت أشوفك أيام عزا المرحومة أمك بس انتي يا حبة عيني مخدتيش بالك مني!
معلش!
سألتها خضرة بفضول وهي تعقد ما بين حاجبيها
انتي واقفة كده ليه صحيح
أشارت أسيف بسبابتها للخلف وهي تجيبها بعفوية
محدش موجود جوا
وضعت خضرة إصبعيها على طرف ذقنها قائلة تنكار
ايه ده هي لسه عمتك مجاتش من عند الست جليلة
تفاجأت أسيف مما قالته فهي لم تتوقع قيام عمتها بتلك الزيارة الغريبة خاصة بعد الخلافات التي سادت مع عائلة منذر...
أصلها كانت رايحة عندهم من بدري انتي عارفة بقى هما معارف في بعض!
ابتسمت بتكلف وهي تقول بود
بس زمانتها على وصول تعالي عندي يا بنتي شوية بدل ما تفضلي على السلم كده!
ردت عليها أسيف بتجهم قليل
كتر خيرك أنا هستناها هنا!
استنكرت خضرة رفضها قائلة بإصرار
مايصحش ده انا زي خالتك تعالي يا حبيتي!
شكرا أنا مش عاوزة أضايق رتك!
ردت عليها خضرة بع
مضايقة ايه بس ده احنا كلنا جيران وعيلة!
ابتسمت لها أسيف قائلة بتهذيب
الله يكرمك يا رب
تابعت خضرة حديثها الجدي هاتفة
بالحق عاوزاكي تقولي لعمتك حاجة لأحسن نسيت أقولهالها!
نظرت لها أسيف قائلة باهتمام
اتفضلي
أوضحت خضرة غرضها مشيرة بيدها
بدت أسيف متفاجئة إلى حد كبير بعد جملتها تلك ورددت پصدمة ملحوظة
عفش نيرمين!
تردد خضرة في إخبارها أن ذلك الأثاث هو المتسبب في ۏفاة والدتها.. ورغم ذلك ردت بارتباك قليل
ايوه اللي... يعني وقع على المرحومة ماهو كان محطوط تحت وقت اللي حصل ربنا يرحمها!
فوقت حدوث تلك الفاجعة لم تتقبل أسيف بسهولة ما أصاب أمها الحبيبة.. ولم يأت بمخيلتها مطلقا أن يكون المتسبب في مقټل غاليتها هو أثاث تلك الجاحدة التي تعاملها بسوء من أول لحظة رأتها فيها.
بل لم تعوضها بعد ذلك عن هذا واستمرت في الإساءة إليها وإھانتها بشتى الطرق.
أظلمت نظراتها وغلت الډماء في عروقها.
تهدجت أنفاسها وتشنج ها ثم صاحت متسائلة بنبرة تحولت للإحتقان
بتقولي ايه هو كان .. عفش نيرمين.!!!!!
يتبع التالي
الفصل السابع والثلاثون
تجمدت لوهلة في مكانها محاولة استيعاب الأمر من كافة الزوايا والاتجاهات فتحول صوت تلك الجارة تلقائيا إلى الصمت رغم تحرك ها
بدت كالصنم وهي تستعيد شريط ذكرياتها سريعا...
ۏفاة والدها الذي أحبته حبا جما وصډمتها الكبرى لرحيله المفاجيء.
رغبتها في زيارة عمتها والتودد إليها لتعيد صلة الرحمة وحبائل الود مع عائلتها بعد تلك القطيعة التي دامت لسنوات..
ما تلاها من إلحاحها على والدتها في السعي لعلاجها.
ثم إستجابة أمها المتوفاة لرجائها وذهابهما للمشفى.
وهناك تلقت صدمة أخرى في عدم وجود علاج مناسب لحالتها اليائسة.
ورغم ذلك لم تستسلم وتعهدت لها بالبحث عن مركز أخر أكثر تخصصا..
لبت أمها رغبتها في مقابلة عمتها وتوجهت معها إلى منزلها حيث قدرها المحتوم.
تركتها بالأسفل لتصعد بشغف لرؤيتها لكن في لحظة واحدة إنهار كل شيء وتبخرت الآمال وتحولت حياتها إلى معاناة لا تنتهي...
انتي كويسة يا بنتي
أفاقت من شرودها الجامد على صوت الجارة خضرة التي وضعت كفها على ذراعها لتهزها قليلا بعد أن لاحظت الوجوم الذي حل عليها.
ضاقت نظرات أسيف واكتفت برمقها بنظرات أخيرة غير مفهومة بالنسبة لها قبل أن تتركها وتكمل هبوطها على الدرج.
أصبحت متخبطة للغاية في أفكارها مشاعرها غير مرتبة مزيج بين الڠضب والحنق..
هي أتت إلى هنا بدافع القرابة وصلة الرحم وفي المقابل تعرضت للمهانة والإساءة وخسارة الأعز إلى قلبها.
وصلت إلى المدخل حيث الأثاث الموثوق..
نظرت إليه بأعين حمراء مليئة بالحنق والضيق.
ضغطت على ها بقوة وقاومت تلك الرغبة التي تعتريها لتحطيمه.
ظنت أنها تخطت تلك المرحلة الآليمة من حياتها لكن تعود ذكراها الموجعة دوما إليها لتنغص عليها هدوئها المؤقت.
شعرت بالإختناق بعدم قدرتها على التنفس بصورة طبيعية فركضت خارجة من البناية وهي تنتوي تنفيث تلك الشحنة المتأججة بداخلها..
هي عقدت العزم على الذهاب إلى حيث تتواجد عمتها الآن عليها أن تتواجه معها وتضع الأمور في نصابها الصحيح..
وقفت للحظات في مكانها حائرة هي لا تذكر الطريق إلى منزل عائلة حرب فسألت المارة عن عنوانهم وبالطبع لم تحتاج إلى أي مجهود للوصول إليهم فمكانهم معروف للجميع.
انتهى الجميع من تناول الطعام فنهضت نيرمين أولا لتجمع الصحون المتسخة عن الطاولة. انزعجت جليلة من تصرفها قائلة بحرج وهي تشير بيدها
اقعدي يا بنتي مايصحش كده
ردت عليها نيرمين بحياء زائف
ودي تيجي بردك يا خالتي كتر خيرك تعبناكي معانا
أضاف الحاج طه قائلا بإعجاب من تصرفات نيرمين
ماشاء الله عليكي عرفتي تربي يا عواطف!
ردت عليه عواطف بابتسامة لبقة
الله يكرمك يا حاج طه!
وقفت بسمة هي الأخرى في مكانها ورصت الأطباق الفارغة فوق بعضها البعض وقربتهم من أختها.. ثم تحركت للجانب قليلا..
اقترب منها دياب بحرص وهو يداعب رأس ابنه الصغير ثم همس لها بصوت التقطته أذنيها
طبعا إنتي معفية من الخدمة
رفعت عيناها لتنظر إليه بجمود وهي ترد بإرهاق
كفاية عليا اللي بأشوفه في المدرسة
مط فمه مبتسما ثم تابع بصوت خاڤت
لأ ولسه اللي هاتشوفيه معانا هنا!
لم تفهم المقصد من جملته الغامضة تلك.. لكن نظراته نحوها أزعجتها إلى حد ما..
هي مدينة له بمعروفه معها ولم تنكر هذا لكن هذا لا يعطيه الحق للتدخل في شئونها أو فيما يتعلق بعملها..
لم يضف المزيد وتركها وانصرف مع صغيره للداخل.
وضعت نيرمين الصحون بالمطبخ ورفضت جليلة بشدة أن تقوم بغسلها.
أبعدت يديها عن المرحاض قائلة بنبرة محتجة
والله ما يحصل ده انتي ضيفتي
ردت عليها نيرمين بإلحاح
ده أنا في بيت خالتي يعني مش حد غريب!
ابتسمت لها جليلة بود وهي تربت على كتفها
تسلمي يا حبيبتي روحي بس نشفي ايدك وشوفي بنتك
تمنت نيرمين لو رأت غرفة منذر من الداخل لكن بالطبع تنفيذ تلك الرغبة بالأمر اليسير ومع ذلك لن تيأس من محاولة عرض األة بصورة طبيعية.. لذلك تحججت قائلة بحرج مصطنع وهي تخفض رأسها للأسفل
طب ينفع يا خالتي أخش أي أوضة كده لأحسن الحمام مشغول و..... يعني عاوزة أساوي هدومي وأغير لبنتي و...
برقت عيناي جليلة بوميض عجيب وفكرت هي أيضا في استغلال الموقف لصالحها وجعلها ترى غرفة منذر فهي تود أن تقرب بين الاثنين بصورة أو بأخرى..
هزت رأسها بإيماءة كبيرة وهي تقول بإبتسامتها العريضة
اه يا حبيبتي وماله ايه رأيك في أوضة منذر هو زمانته لبس! وهي تلاقيها فاضية!
تقوس فم نيرمين بابتسامة عابثة واعترضت بصوت خفيض
لا مافيش داعي خليه على راحته
تأبطت جليلة في ذراعها قائلة بإلحاح
لالالا تعالي..!
قاومت نيرمين في طربا لتحقيق حلمها.. وسارت ببطء متعمد لتظهر حرجها من الموقف برمته..
اقترب من مكتب الصول ائول عن تسجيل المحاضر ووضع أمامه زجاجة مشروب بارد ثم استطرد حديثه متسائلا بمكر
ايه أخبار المحاضر يا شاويشنا
نزع الغطاء عن الزجاجة وارتشف محتوياتها دفعة واحدة ثم تجشأ قائلا
زي كل يوم فلان شتم وده سرق يعني تشكيلة محترمة!
هز المخبر رأسه بتفهم وهو يضيف
أها.. مافيش راحة خالص!
رد عليه الصول قائلا بنبرة منهكة
ايوه طالع عيني من الصبح!
حك المخبر جبينه بأظافره المتسخة قائلا بلؤم
على كده كان في واحدة معرفة المدام شوفتها هنا كانت جاية تسأل عن مر
ضيق الصول نظراته إلى حد ما وهو يسأله باهتمام
واحدة مين دي
فرك المخبر طرف ذقنه بيده وهو يجيبه بفتور
هي اسمها
أسيف بتقول حد سرقها!
حرك الصول رأسه بإيماءة واضحة وهو يقول
أها.. افتكرتها البت دي ماهي اتنازلت عن المر خلاص!
ارتسمت علامات الذهول على وجهه وهتف بنزق
اتنازلت انت بتكلم جد
تابع الصول موضحا وهو يمسح أسنانه بلسانه
ايوه باينه بلاغ كيدي وخاڤت لأتقع في مشاكل وفضلت تسترجاني عشان
شرد المخبر في تفكيره ولم ينتبه لباقي حديثه الغير مهم وحدث نفسه قائلا
يا بنت اللذينة وأل أنا اللي كنت مفكرها جاية تسأل عنه أما أتصل بالريس منذر أبلغه بده!
ابتسم ابتسامة صفراء وأردف قائلا بتثاؤب وهو يلوح له بيده
طب يا شاويشنا الله يعينك هاروح أنا أشوف اللي ورايا
رد عليه الأخير باقتضاب
ماشي!
ولجت نيرمين إلى داخل غرفة منذر حاملة رضيعتها على كتفها.
أوصدت الباب خلفها وتأملت المكان بنظرات مطولة..
تنهدت بعمق وهي تمرر أنظارها على متعلقاته الشخصية.
برفق شديد أسندت ابنتها على الفراش ثم لت في وقفتها واضعة يديها على منتصف ها.
تلفتت حولها بنظرات شمولية ممتعة عينيها بكل ما يخصه.
بدا الإعجاب ظاهرا على محياها وهي تقول لنفسها
يا سلام لو كانت دي أوضتي!
اقتربت من خزانة ملابسه وفتحت ضلفته بهدوء لتتفقد محتوياتها
ثم أعادتها إلى مكانها وأغلقت الضلفة بحذر..
انتفضت في مكانها مڤزوعة حينما رأته يفتح الباب على حين غرة.
تفاجيء منذر بوجودها وأخفض نظراته قائلا بع
لا مؤاخذة مكونتش أعرف إنك لسه هنا أمي قالتلي إن الأوضة فاضية
تنحنحت بخفوت وهي ترد بتلعثم
م.. معلش
كنت ب..بأدور على مناديل اه مناديل لبنتي!
أشار لها بعينين جامدتين نحو المرآة قائلا
هناك على التسريحة!
ابتسمت قائلة بحماس
أها تسلم ومتشكرين على العزومة دايما عامر يا رب
استدار للجانب ليستند بمرفقه على مقبض الباب ورد عليها باقتضاب وهو يحك طرف أنفه
العفو!
دنت من الفراش مجددا ومسحت وجه رضيعتها بالمنشفة الورقية قائلة بنعومة
أنا خلصت خلاص معلش عطلتك يا سي منذر
رد عليها بحذر وهو قاطب جبينه
خدي راحتك!
ثم اتجه للخارج محدثا نفسه بامتعاض
مش عارف دماغك بتفكر إزاي يا حاجة جليلة!
وصلت إلى المشفى غير مصدقة تلك المكالمة الهاتفية التي تلقتها من الحاج مهدي يبلغها فيها أن ابنتها في العناية المركزة تعاني من فقدان جنينها ومن انتقاص أنوثتها..
حدقت في أوجه ثلاثتهم بنظرات مشټعلة صاړخة فيهم بهياج
مش هاسيب حق بنتي هادفعك التمن يا مازن
رد عليها مهدي بتوجس
بالراحة يا شادية الأمور ماتتخدتش قفش كده!
التفتت ناحيته صائحة بصوت هادر متعصب
بقى حياة بنتي بالساهل عندكم
ثم استدارت ناحية مازن لتوجه ټهديدها الصريح له قائلة
هاتشوف أنا هاعمل ايه فيك هادخلك السچن
نظر لها مازن پخوف بائن.. ولم يعلق على تهديداتها .
انزعج مجد من ثورتها الهائجة وظل يطالعها بنظرات خاوية..
توسلها مهدي بتوتر ظاهر في نبرته
يا شادية اهدي كل حاجة وليها حل بس آ....
قاطعته بانفعال جلي ملوحة بذراعها في الهواء
حل بعد ما ضيع ابنك بنتي!
في تلك اللحظة تدخل مجد في الحوار قائلا بصوته الخشن
شوفي يا حاجة شادية شكلك نسيتي انتي
متابعة القراءة