رواية منال الجزء الثاني
المحتويات
فيه فتابعت غير مكترثة
طيب.. وايه رأيك في أختها بسمة
رد عليها بضجر وهو يزفر بصوت مسموع
مالها هي التانية
أجابته بابتسامة عابثة
يعني لو دياب كده آ.....
قطع حديثها قائلا بتهكم بعد أن نفذ صبره
جرى ايه يا جليلة هو انتي واخدة توكيل عيلة عواطف
ردت عليه بع
الله يا حاج طه أنا شايفة البنات وعاجبني!
هتف مستنكرا تفكيرها ضيق الأفق
لوت ثغرها مرددة بتبرم
ده أنا بأفضفض معاك بكلمتين
رفع كفه ملوحا وهو يرد بتذمر
لا كلمتين ولا تلاتة خليهوملك! ويالا عشان أفرد جتتي وأرتاح!
نظرت إليه بع وهي تقول
طيب يا حاج!
وصل إلى البناية القاطنة بها عواطف بسيارته صفها بجوار المدخل ثم ترجل منها وولج إلى الداخل صاعدا على الدرج.. اعتقد أنها ربما تكون قد عادت إليه لكن خابت أمالها
انحنى برأسه على الباب ليستمع إلى الصوت القادم من الداخل لكن لا شيء.. فقط صمت رهيب تتخلله حركة الهواء..
ل في وقفته وتلفت حوله متسائلا بحيرة
هاتكون راحت فين دي مالهاش حتة تانية!
وضع يده على ه وقام بفركه بحركة متكررة واستدار قائلا لنفسه بإرهاق
دايما مدوخاني وراكي يا بنت رياض!
وحينما ضجر من إلحاحه أجاب قائلا باقتضاب
خير في حاجة جدت
رد عليه المخبر بحماس
فينك من بدري يا ريسنا كنت عاوز أديك البشارة وعمال أطلب عليك من زمان!
بشارة ايه دي
أجابه بتلهف
البت اياها اتنازلت عن المر يجي من شوية كده مافيش حد ليه حاجة عندك يا ريس!
تفاجيء بما قاله.. وتجمدت أنظاره على نقطة ما بالفراغ مستوعبا ما سمعه..
هي تخلت عن إتهامها المزعوم ولم تبلغه بهذا رغم المواجهة الأخرى التي دارت بينهما. عجز عن تفسير تصرفاتها الغريبة بل على الأرجح لا يستطيع التنبؤ بما يمكن أن تفعله..
تؤمرنيش بحاجة تانية
تنحنح منذر قائلا بخشونة
لأ متشكر!
رد عليه المخبر بهدوء
ماشي يا ريس منذر سلامو عليكم
أنهى المكالمة معه وهو يحك رأسه بحيرة ثم مط فمه للأمام مرددا بتعجب
مش فاهمك بصراحة!
أخذ نفسا عميقا و لفظه دفعة واحدة قبل أن يكمل حديث نفسه بجدية
طيب دلوقتي لو أنا مكانك وماليش حتة أروحها يا ترى هاقعد فين!
رغم تلك الظلمة الحالكة به إلا أنها لم تخش البقاء بمفردها حتى لو كان رفيقها في تلك الظلمات الزواحف التي تهابها.
فتحت الباب ودفعته بإنهاك لتتمكن من الولوج لم تغلقه تماما بل إكتفت بمواربته..
سارت بخطى حذرة بين الركام الملقى على الأرضية لتصل إلى المكتب الموجود بالزاوية.
استخدمت الإنارة في هاتفها المحمول لترى سبيلها.
تحسست بحذر طريقها حتى وصلت إلى مبتغاها وقبل أن تجلس خلف المكتب نزعت من الحائط الإطار الخشبي القديم الذي يضم صورة جدها وأبوه الراحلين.
وضعتها على سطح المكتب وسعلت بخفة وهي تزيح الأتربة العالقة به.
سلطت الإضاءة الباهتة على الصورة وحدقت فيها مطولا بأعين مليئة بالعبرات الغزيرة.
تنهدت بحرارة جياشة وتهدجت أنفاسها متحسرة على حالها البائس. كم من صدمات تلقتها واحدة تلو الأخرى تصيب العاقل بالهذيان والجنون وهي ټقاومها قدر اتطاع لكنها تعبت مما تواجهه.. هي فقدت أخر ما لديها من ذرات الشجاعة وأصبحت تفتقر إليها.
شعرت حقا بوهنها بضعفها وبقلة حيلتها
استندت برأسها على مرفقها وهمست لنفسها بأنين موجع
ماليش حد بعدكم أنا لوحدي!
أزاحت عبراتها العالقة بأهدابها وواصلت التفكير بتخبط محاولة الوصول إلى حلول سريعة.. هي حسمت أمرها بالرحيل بترك منزل عمتها للأبد فعليها الآن أن تجد بديلا ملائما للسكنى..وكيف ستفعل هذا وهي لا تملك من الأموال ما يكفي
بكت پقهر ډافنة وجهها في ساعدها.. ظلت على تلك الوضعية لبرهة يائسة من إيجاد ما يثلج ها الملتاع.
لم تستطع التفكير بذهن صاف.. الأمور معقدة معها للغاية.. فكرت للحظة في الإستعانة بقريب والدتها لكنها نفضت الفكرة عن عقلها.
ولكن ما لبثت أن عادت مجددا لټقتحم تفكيرها بضراوة.
لا بديل عنه حاليا ربما ستحقق مبتغاه وتبيع
له منزل والديها ذلك المكان الذي يضم أغلى ذكرياتها..
هو حلها الأخير نعم هي مضطرة للتخلي عنه لتحيا من جديد.. إنها قسۏة الحياة التي تجبرك على فعل ما تبغضه قسرا..
بأصابع مرتجفة بحثت عن رقمه بين قائمة الأسماء.
تنفست بعمق لتضبط أنفاسها وكفكفت عبراتها بيدها قبل أن تضع الهاتف على أذنها. ابتلعت غصة عالقة في حلقها وهي تنتظر بترقب إجابته على اتصالها.
أتاه صوته الخشن قائلا بجدية
مين معايا
أجابته بصوت مرتجف
أنا.. يا خالي
رد عليها الحاج فتحي متسائلا بنبرة قاتمة
انتي مين
توترت وهي تجيبه بصوت متردد
أسيف يا خالي بنت حنان!
صاح بها بغلظة متعمدا التحقير من شأنها
دلوقتي افتكرتي إن ليكي خال يا..... مش عملتي اللي عندك ومشيتي على حل شعرك وخرجتي عن طوعي جاية تقولي خالي وأبصر ايه!!
بكت في صمت وهي تستمع إلى إهاناته اللاذعة وقبل أن ترد عليه هدر بعصبية قاسېة
أنا معرفش حد بالاسم ده!
توسلته قائلة بصوت متقطع
اسمعني يا خالي أنا كنت.....
رد عليها بغلظة
انتي اختارتي وخلص الكلام معاكي!
هتفت تعطاف عله يمهلها الفرصة لتبوح بما لديها
اسمعني بس أنا....
أنهى المكالمة معها فجأة فهتفت مصډومة بصوتها المنتحب
ألوو.. خالي!
أنزلت هاتفها لتبكي بإنكسار أكبر محتضنة الإطار الخشبي بضعف جفل ها أكثر وزادت رعشتها وهي تضمه إلى ها...
أطفأ محرك سيارته وتحرك بخطى بطيئة بعد أن ترجل منها صوب دكانها.
صدق حدسه وأصاب في تخمينه هي بالفعل متواجدة به وكل الدلائل تشير إلى ذلك فالقفل منزوع والباب موارب.. دنا بحذر منه فاستمع إلى صوت شهقاتها المكتومة..
توجس خيفة أن يكون قد أصابها مكروه ما فركز حواسه كليا ليستمع إلى نحيبها وهي تقول بمرارة
أنا لوحدي في الدنيا دي ليه ماش معاكو ليه سبتوني
شعر بنغزة خفيفة في قلبه لحديثها الموجع وأخرج تنهيدة عميقة من ه. بدا متأثرا لبكائها لكنه سيطر على إحساسه وأنصت لها وهي تتابع بشجن
يا رب خدني وريحني! يارب
اختنق صوتها أكثر وتعالت شهقاتها المهزومة معلنة عن إنهيارها الوشيك..
كور قبضة يده ضاغطا على أصابع يده بقوة أزعجه حديثها البائس وتوجس خيفة أن ترتكب في حق نفسها شيء ما خاصة أنها مرت قبل ذلك بحالة من الإنتكاسة النفسية وتذكر حديث الطبيب بخطۏرة تبعاتها. لذلك حسم أمره بالدخول فورا إليها...
دفع الباب بقوة فانفتح على مصرعيه شهقت مرتعدة حينما رأت ذلك الطيف يقتحم دكانها..
هبت من مكانها واقفة ونظرت إليه بهلع..
لم تتبين ملامحه في البداية لكنها عرفته هويته من صوته الذي اخترق وحدتها حينما نطق بصلابة
عرفت أوصلك مكانش
صعب أوي!
تفاجأت أسيف بوجوده فكفكفت عبراتها سريعا ونظرت إليه بجمود وهي تسأله بصوت مخټنق
جاي ليه
رد عليها بنبرة ثابتة وهو يقترب منها
عمتك عاوزاكي!
ابتلعت ريقها وردت عليه بصوتها المنتحب
انا ماليش عمة!
ضيق نظراته نحوها ورد عليها بغلظة غير مكترث بعنادها
مش بمزاجك!
شعرت هي بخطۏرة وجوده وتلفتت حولها بريبة.
هي شبه محاصرة في إحدى الزوايا وإن استمر في اقترابه منها لن تتمكن من الفرار وربما يرتكب معها شيء سيء..
لذا تحركت سريعا من خلف المكتب وأعطت لنفسها مساحة فاصلة عنه وهي تصيح
اطلع برا لو سمحت!
تابعها بنظرات ثابتة دون أن تطرف عيناه ورد عليها بصوته المتصلب الذي يحمل القوة
مش طالع إلا وانتي معايا!
التفتت ناحيته وهي تهز رأسها نافية
لأ..!
ثم رمقته بنظرات متحدية مضيفة بعناد
ده مكاني ومش هامشي من هنا!
مرر أنظاره على وجهها الحزين ببطء رأى انتفاخ أنفها الأحمر وتورم عيناها الذابلتين من كثرة البكاء.
أشفق عليها كثيرا فرغم ما تمر به من مصاعب إلا أنها تجاهد لتبدو متماسكة.
واصلت صياحها قائلة بإصرار وهي تشير بسبابتها
ده دكاني
بتاعي ومش هاسيبه مهما حصل
حرك ه للجانبين وفرك أصابع كفيه قائلا بثقة
مش كله أنا ليا لي فيه! ولا نسيتي
ثم قوس فمه لتظهر ابتسامة مغترة على محياه مشيرا بعينيه..
تذكرت أسيف بيع عمتها لنصيبها فيه فإحتقن وجهها الذابل بحمرة غاضبة.
كزت على أسنانها بقوة ونظرت إليه بحدة فهي إن خسړت جزءا في الدكان لا يعني بالضرورة خسارته كليا.
أطلق منذر صافرة خاڤتة متعمدا استفزازها ليفسد عليها خلوتها الوحيدة
اغتاظت من أسلوبه المثير لحنقها ومن ثقته الزائدة وتحكمه المفرط وكأنه يملك زمام الدنيا في إصبعه.
صړخت فيه بعصبية مستنكرة كل شيء وهي تلوح بذراعيها في الهواء
ارحموني بقى وسيبوني في حالي!
رد عليها بجمود وهو ينظر إليها
قدرك اللي جابك هنا!
صاحت فيه بحدة
أنا تعبت من كل حاجة ابعدوا عني بقى! مش عاوزة حاجة منكم!
اقترب منها حتى وقف قبالتها ورد ببرود
مش هاينفع!
ثم قبض على عضدها فجأة قائلا بجمود
ويالا عشان عمتك عاوزاكي!
صدمت من حركته المباغتة وتأوهت پألم من أصابعه القابضة عليها ثم هتفت قائلة پغضب
آآه سيب دراعي!
حاولت أسيف التملص منه وتحرير ذراعها بقبضتها الأخرى لكنه لم يتركها بل تشبث أكثر بها وهو يبتسم لها.
صرت على ها وواصلت مقاومتها لكنها لم تستطع.
مال عليها برأسه متابعا ببرود واثق
مش هاتعرفي تخلصي مني وزي ما قولتك إنتي أمانة وهارجعك عند عمتك!
دفعها منذر أمامه مستغلا قوته وبالطبع لم تكن مقاومتها له بشيء يذكر.. فاضطرت أن تسير معه قسرا خارج الدكان.. لم يهتم بغلق بابه بالقفل واكتفى فقط برده..
همست له بنبرة مغلولة
أنا بأكره اليوم اللي جيت فيه هنا!
رد عليها بجمود قاسې وهو يسحبها معه جبرا
اكرهي اندمي قولي اللي عاوزاه بس في الأخر إنتي اللي اختارتي من الأول تيجي عندنا!
زاد إحساسها بالحنق نحوه ولم تكف عن حدجه بنظراتها المشټعلة من عينيها الحمراوتين.
كانت على وشك الصړاخ به لتنفس عن ڠضبها المح بها لكنها لم تفعل فقد اعترضت طريقهما الصيدلانية فاطمة والتي كانت م عليهما بوجه شبه شاحب.
وقفت قبالتهما ووزعت أنظارها القلقة على أسيف لتهتف بتساؤل متوتر وهي تضع يدها على وجهها ماسحة بشرتها الباردة بنعومة
انتي كويسة
أرخى منذر قبضته قليلا عن ذراع أسيف لكنه لم يتركها فقد أمسك برسغها.
نظرت له من طرف عينها مستنكرة حركته تلك لكنها أشاحت بوجهها للجانب لتجيب على فاطمة باقتضاب
اه
أبعدت فاطمة يدها متسائلة بتوجس بعد أن رأت ذلك الحزن الذي يكسو تعابيرها
هو مجد اتعرضلك تاني
صدم منذر مما قالته وبدا كما لو كان قد تلقى صاعقة كهربائية للتو.. وردد قائلا بلا وعي
مجد!
التفتت فاطمة نحوه متابعة حديثها بسجية وهي تشير بيدها
اها ابن أبو النجا طلع من السچن النهاردة ويعني ضايق أسيف شوية..!
احتقنت نظرات منذر للغاية وأظلمت بصورة مخيفة.. فيمكنك أن ترى بوضوح تلك الخيوط الحمراء التي تشكلت في بياضهما كذلك برزت عروقه النابضة بدماءه التي تغلي في ه وأيضا في
متابعة القراءة