رواية روعة جامدة الفصول من ستة وعشرون لواحد وثلاثون

موقع أيام نيوز

معلش يا خالتى عاوزة انام
ابتسمت هالة بمودة فهى تعلم أن الفتاة تهرب بعيدا عن تلك القسۏة التى تغلف قلب هنية وهى تعذرها فى ذلك لذا حاولت التمسك بأطياف المرح وهى تتابع
_ نامى يا حبيبتي وارتاحى وانت يا عثمان لما تلاقيها عاوزة تنام خليها تنام ما أنا عارفاك غلس
_ انا يا ماما غلس 
_ ما تعملش مستغرب اوى ده انا امك يا عثمان محدش فى الدنيا يعرفك قدى انا ومراتك
ضحك الجميع بينما نظر صبرى إلى زوجته راضيا عن تلك الكلمات الحكيمة التى وجهتها إلى هنية علها تواجه نفسها قبل فوات الأوان.
...........
انتهى الحفل منذ ساعة كاملة ولازال يجلس أمامها يتطلع إليها بشغف وكأنه غير مصدق وجودها معه بنفس الحيز مرت أشهر منذ قبلت به أمها لكنها رفضت بشكل قاطع عقد القران قبل الزفاف وكأنها تمنح وفاء الفرصة للتراجع عن هذا الزواج بأي وقت وسبب هذا له هاجسا بالفعل خيل إليه أنها ستتراجع حتما فى آخر لحظة وستنهار أحلامه وتردمه للأبد.
لكن هذا لم يحدث لقد تابعت وفاء التقدم نحوه حتى صارت بهذا القرب وها هو يجلس أمامها يحيطها بهذا الشغف .
كانت تنظر أرضا وتعقد ساعديها بحدة رافضة التعبير عما تعانيه من توتر بدأت حدته تخبو لطول صمته شعرت بحركته لتنظر نحوه فتجده يتقدم حتى جلس بجانبها وعينيها تحاول أن تهرب من تلك السطوة التى تفرضها عينيه بمجرد أن تلتقى نظراتها بنظراته يأسرها رافضا تحريرها من هذه السطوة .
رفع كفه يتلمس وجهها بتردد ينبع من شغفه 
_ وفاء انت هنا بجد إحنا اتجوزنا خلاص
هزت رأسها فقط لتخبت نبرة صوته راجية 
_ اتكلمى علشان خاطرى 
_ ايوه يا عمار اتجوزنا مالك
_ مش مصدق نفسي
حررت ذراعيها لتمسك كفه فيضغط على كفها بقوة متحمسة غير مفرطة مع اقترابه مباغتة لينال اللمسة الأولى التى رفعت معدل الحماس بدماءه لكنه كان بالتعقل الكافى الذى يسمح له بالتحكم في حماسه وقيادة شغفه لتنبع من قلبه هالة من الدفء والعناية أحاطت بها حتى النهاية.
تعلقت وفاء به رغم أنها استسلمت للنوم منذ فترة طويلة وهو لا يستوعب صدره كل تلك السعادة التى حصل عليها بقربها تحتاجه بشدة يتراقص قلبه طربا لهذه الفكرة فهو أيضا بحاجة لتعلقها به بهذا الإلتصاق لا يتمنى أن تحرمه هذا الدفء أبدا.
بدأت دقات قلبه التى أصيبت بالخلل منذ رؤيتها تعود لوتيرة طبيعية فهى له الآن بكل هذا الشغف الذى تتطلبه والذى هو قادر تماما عن رى ظمأه فهو يملك فيض من حنان تابع طيلة عمره الحفاظ على تدفقه حتى اشرقت بدنياه ليعلم أنها مصب سريانه.
.......
تشعر سميحة بوحدة شديدة منذ تزوجت وفاء لقد مر اسبوعين ولم تنته رحلة شهر العسل التى صحبها فيها عمار ورغم أن سعادة وفاء تظهر في صوتها أثناء محادثتها لها يوميا إلا أنها لا زالت تتخوف تبعات هذا الزواج .
تناولت طعامها الذى أصبحت نفسها تعفه كثيرا وحدها ككل يوم نظرت بين أركان المنزل وهى ترى صورا من حياتها والفتيات بين هذه الجدران منذ انفصلت عن زوجها لقد كانت هذه الشقة لوالدتها أيضا وأجرت عليها بعض التعديلات لتتخذها مسكنا لها بعد أن لفظها شقيقها الأكبر لمجرد طلبها الطلاق عانت كثيرا وتشعر أنها ستعانى المزيد مع الوحدة مستقبلا.
ضربات چنونية لجرس الباب دعتها لسرعة الحركة وما إن فتحت الباب حتى وجدت وفاء بين ذراعيها
_ وحشتينى اوى يا ماما
احاطتها سميحة بكل الشوق الذى اضنى قلبها فهى تفترق عنها للمرة الأولى بحياتها بينما تقدم عمار بنفس الابتسامة
_ عاملة إيه يا ست الكل
_ الحمدلله اتفضلوا تعالى يا وفاء
لم تبتعد وفاء عن أمها بينما ترى سميحة تراقص السعادة والتأثير العظيم الذى ظهر على وفاء من مرح وسکينة لتبدأ مخاوفها تجاه عمار تتراجع خاصة مع تلك النظرة التى تطل من عينيه تخبرها أن وفاء بمأمن فى قربه .
......
ما أسرع مرور الأيام التى تطوى سنوات من العمر دون أن ندرك كيف مرت بهذه السرعة .
أنهت سهى رسالة الماجستير رغم أن اهتمامها بابنتها أخرها قليلا لكنها تمكنت من الموازنة والنجاح أما وفاء فقد أنجبت فتى وساهمت بالكثير من الجهد في تطوير الشركة التى اتخذت مقرا مستقلا وأصبح لها كيان فى سوق العقارات لا يستهان به.
كان عثمان فى الورشة التى حولها لمركز صيانة ويجتهد ليحصل على توكيل إحدى شركات السيارات الكبرى وقد أصبح أيمن شريكا له .
لا يمكنه أبدا الجلوس خلف مكتبه ومراقبة العمل لذا وقف أمام المركز ليرى شقيقته وابنة عمه تعودان للحى ليترك العمل جانبا ويتجه نحوهما بقلق 
_ اتأخرتوا كده ليه
_ يا دوب يا أبيه الامتحان والطريق 
_ وايه الأخبار طمنونى
_ انا تمام 
_ وانت يا سارة 
_ مش عارفة يا أبيه حاسة انى مش مطمنة
تنهدت عالية وهى تربت فوق كتف سارة
_ يبقى هتجيب امتياز زى كل سنة
صفع عثمان مؤخرة رأس عالية التى لا تتوقف عن المزاح 
_ بدل ما تتريقى عليها
تم نسخ الرابط