رواية روعة جامدة الفصول من السادس عشر للعشرين

موقع أيام نيوز

السادس عشر
وصلت سهى للمشفى فى اليوم التالى بوجه شاحب فقد أهملت طعامها بشكل كامل منذ الحاډث ولا تتناول سوى لقيمات فى حال فرض الجوع نفسه على معدتها لم تختلف هيئتها الخارجية فهى أنيقة دائما ولا تحتاج لجهد لفعل ذلك فهى بخصوص ملابسها منسقة جيدة للغاية لذا لم يكن سوى هذا الشحوب الذى يدل على مدى تأثرها بالحاډث وبما أصاب عثمان كان عمها بنفس الحال بل يبدو رثا أكثر فهو لم يبدل ملابسه منذ الحاډث لذا اتجهت فورا وجلست بالقرب منه ولم تفكر فى تجميل الحوار 

_ عمى انت لازم تروح تغير وترتاح إحنا مالناش غيرك بعد ربنا دلوقتى وماينفعش تقع انت كمان
مسح صبرى وجهه وكأنه يحاول أن يعترض على حديثها رغم ثقته أنها محقة لكنها تابعت 
_ عثمان قبلنا كلنا محتاجك قوى
نهض دون أن يتحدث لكنها تعرفه جيدا قليل الكلام والتفاعل لذا فقد تابعت مغادرته الصامتة لكنه لا يتجه للخارج بل لنفس الغرفة التى تم حجزها لخالتها فى وقت متأخر يوم امس ليتابعها الطبيب حتى تستقر حالتها وما أصاب خالتها زرع بصدرها سؤالا هل ستتأثر أمها بطريقة مشابهة حال إصابتها بسوء 
الفارق شاسع بين أمها وخالتها وهى لا تكره أمها بل تتألم لتجاهلها لها بتعمد جرحها طويلا.
...................
وصلت وفاء للشركة وبالطبع وجدت استدعاء من محسن لا تظنه سيعتذر عما بدر منه فمثله لا يرى نفسه مخطئا وهى وفاء منها لما تشعر به تجاهه ستتابع المحاولة معه عله يهتدى ويرى طريقا للتواصل أفضل من محاولة التحكم .
توجهت لمكتبه وهى عازمة على وضع حدود صارمة بينهما فهى لم تسمح مطلقا بالتجاوز الذى يحاوله هو دخلت المكتب لتقف أمامه بوجه عابس 
_ حضرتك طلبتنى
نظر لها بهذا الوجه متسائلا داخليا ما الذى تحاول فعله
نقر فوق سطح المكتب برتابة وتساءل أيضا بحدة وغلظة
_ انت مش شايفة انك غلطتى 
إلتقى الڠضب مع الحدة فوق صفحة ملامحها وهى تستنكر وقاحته
_ غلطت فى إيه
_ قفلتى الموبايل فى وشى بالليل
لم تكن حدته بما يخيفها أو يدفعها للتراجع بل زادت حدة نظراتها
_ لا ماغلطتش حضرتك اللى غلطت لما فكرت انى ممكن اكون تسلية لوقتك الفاضى
_ انا ماقصدتش كده يا وفاء إحنا أصحاب وعادى نتكلم
هزت رأسها تخفى ابتسامتها المتهكمة
_ لا إحنا مش أصحاب ولا ينفع نكون كده ومفيش اى مبرر انك تطلبنى من غير سبب منطقي.
صمت محسن دون أن ينزع عينيه هنا وهى لم يهتز ڠضبها وحدتها ظل لحظات صامتا ينظر لها حتى أنهت هى هذه المراقبة غير المحبذة منها متسائلة
_ حضرتك عاوز منى حاجة تانية
نهض عن مقعده ليدور حول المكتب ويقف أمامها وهى فى كل يوم تثبت له أنها مثالية تماما له لذا قرر أن ينهى حيرته وتحدث بهدوء
_ ممكن اسألك سؤال
دارت تواجهه بنفس الطريقة
_ بخصوص الشغل اتفضل
اقترب خطوة إضافية لتضع حواسها على وضع التأهب وهو يتحدث بنفس الهدوء
_ لا مش بخصوص الشغل بس اوعدك سؤال واحد وبعد كده مش هتكلم معاكى فى أي حاجة غير الشغل 
نظرت له بتشكك وهى فعليا تخشى تقديم تنازل له يتحول إلى تنازلات هى ترفضها لكنه قطع عليها الفرصة للتراجع وهو يتساءل فورا معتبرا موافقتها أمر مسلم به
_ انت دايما تتكلمى عن والدتك والدك فين
زادت حدة ملامحها وهى لا ترى أن هذا السؤال قد يفيده بشئ لذا اتجهت نحو الخارج وهى تجيب بطريقة دهشته لفرط حدتها
_ ماټ
وغادرت دون أن يتمكن من إيقافها مرة أخرى لكنها تبدو له غاضبة لأقصى درجة ولكنه سعيد لأنها بالفعل ستكون له وحده وسيكون الأول في حياتها بجدارة فهى ليست ممن يقبل تقديم التنازلات ولا إقامة العلاقات مهما كان الأمر مغريا بشخص مثله لذا اتسعت ابتسامته مع صڤعتها الباب وعاد لمقعده ليسترخى شاعرا بالرضا عن هذا الحوار رغم الحدة والڠضب اللذين ساداه.
.................
وصل صبرى لمنزله بعد المرور بطريق الحى ليستوقفه كل أهله تقريبا الجميع يسأل عن حالة عثمان ويتمنى له الخير ربما اشعرته تلك الدعوات الصادقة المرسلة للسماء لأجل ولده بالراحة التى انعكست على ملامحه.
دخل المنزل الذي كان صامتا للغاية ليس الهدوء غريبا عن منزله لكن الغريب هو خلو المنزل من انفاس قاطنيه .
بحث عن الصغيرة عالية فلم يجدها ليتوقع وجودها بالدور العلوى حيث منزل شقيقه الراحل هو شاكر لهنية غيابها اليوم عن المشفى فالصغيرتين بحاجة للرعاية وقد علق الجميع بالمشفى عدا هنية فضل أن يستعيد هيئته الهادئة ونشاطه أولا ثم الصعود لتفقد الصغيرة وتفقد حال هنية وسارة أيضا.
بعد ساعة تقريبا كان صبرى مستعد للمغادرة مرة أخرى وقد جمع بحقيبة صغيرة بعض الملابس لزوجته أيضا ثم ترك الحقيبة أمام الباب وصعد للدور العلوى.
طرقة خفيفة وانتظر حتى فتح الباب لتصرخ عالية 
_ عموووو عمو صبرى جه يا عالية عمو صبرى جه يا ماما
تلقاها بين ذراعيه لتنضم إليها صغيرته عالية التى اشتاقها بشدة والتى بدأت تتساءل فورا 
_ بابا ماما فين
تم نسخ الرابط