رواية روعة جامدة الفصول من الحادي عشر للخامس عشر
تريد اللجوء لمنزل أبيها الذى خلا منه.
ما بال الأحبة يسارعون في المغادرة!!
تنهدت واتجهت لغرفتها وبعد نصف ساعة كانت مستلقية فوق الفراش تنظر إلى الفراغ كما اعتادت منذ دخلت هذا المنزل لكنها لا تفكر بنفس الطريقة بل تسترجع كل الذكريات التى اقصتها عن واقعها الذى أرادت أن تحيا غيره وتمردت على أركانه تنهدت وهى تعود للوراء حيث يومها الجامعى الأول وقد كان عثمان يلتزم بمساحة بعيدة عنها فعليا لكنه ذلك اليوم تخلى عن ذلك .
ارتدت ملابسها باكرا وقد تيقظ والديها لكثرة الصخب الذى أحدثته منذ بزغ النهار وهى تردد أنه يومها الجامعى الأول وأنها أصبحت فتاة لها شأن يجب على الجميع أن يهتم بما تريد .
غادرت الغرفة إلى حيث يجلس أبيها لتدور حول نفسها متسائلة
_ ها يا بابا إيه رأيك
حك خيرى ذقنه مدعيا التفكير المطول لتمتعض ملامحها مع ضيق عينيه وهو يجيب
اتسعت عيناها اعتراضا واسرعت تدافع عن اختيارها بحدة
_ دى ضيقة يا بابا!! هى موضتها كده وانا خسيت علفكرة
ضحك صبرى بينما تهكمت أمها كالعادة
_ وعلشان خسيتى تلبسى ضيق هتمشى بيها ازاى فى الجامعة
تحركت سهى بخفة أمامهما
_ همشى كده
ارتفع حاجبا خيري بإعجاب لخفة ابنته وجمالها بينما طرق باب المنزل لتهم أمها إليه
عقدت سهى ساعديها اعتراضا على وجوده في أهم ايام حياتها حتى الآن وسرعان ما ظهر أمامها مبتسما
_ كويس انك لبستى انا جاى اوصلك النهاردة أول يوم . ده إحنا المفروض نحتفل
الحماس الذى تحدث به هدأ من ڠضبها الدائم تجاهه فهى تريد أن تشعر بحماس الجميع لخطوتها الجديدة بينما عكرت أمها الأجواء مرة أخرى وهى تشير إلى ملابسها
نظر لها عثمان فورا وهز كتفيه بتلقائية
_ مش ضيقة ولا حاجة سهى خست جامد فى الإجازة كمان
تملك منها الحماس وهو يعيد ما قالته رغم أنه لم يسمعها
_ انا قولت لهم كده مش مصدقين
_ يا حبيبتي انا بس مش عاوز حركتك تتقيد
ابتسمت لأبيها بينما وضح عثمان
_ ماتخافش يا عمى أول حاجة سهى لسه إعدادى يعنى الحركة عادية تانى حاجة لازم تبقى اشيك بنت فى الجامعة ده أول يوم ومش هيرجع تانى بيبقى مرة واحدة بس .
_ خلاص بقا يا حج عثمان راح نفس الكلية وعارف عننا
نهض خيري من مكانه ليتجه نحو ابنته مبتسما ومتسائلا بمشاغبة
_ وانت عاوزة تبقى اشيك بنت فى الجامعة ولا اكتر بنت كشړية فى الجامعة فكى عقدة حواجبك دى خلى الدنيا تنور
_ يلا يا سهى الطريق طويل انا هستناكى فى العربية
عاد لها الحماس وهى تبتعد عن أبيها لتنظر نحوه بلهفة
_ هتوصلنى بعربية
ضحك عثمان لتلك الطفولة التى يراها تتحكم في أفعالها
_ طبعا واحسن عربية كمان
اتجهت ركضا نحو غرفتها
_ هجيب شنطتى
جلست بجواره في السيارة التي اعجبت بها كثيرا وهى تتفقدها بلهفة
_ عربية مين دى يا عثمان
أجاب عثمان برضا عما يراه من سعادتها
_ دى يا سهى عربية واحد زبون فى الورشة أجرتها منه مخصوص علشان اوصلك النهاردة بعربية احدث موديل
عادت سهى من ذكرياتها وهى تغمض عينيها فهى ذلك اليوم اومأت له ولم تتحدث مرة أخرى إليه بل تشاغلت عنه بالطريق لم تنتبه إلى أناقته الخاصة أو لاهتمامه بمشاركة أيامها المميزة ومحاولة منحها بعض السعادة لكنها رأت أمامها فقط صورته المغطاة بالشحم والاوساخ داخل الورشة تلك الصورة التي كانت تراها كل يوم منذ عهد بعيد وتصر على المرور كل يوم من أمام الورشة ورؤيتها مجددا.
..............
استلقت وفاء بفراشها بعد أن خلدت أمها للنوم تحاول دفع أمها للتخلى عن عملها كمدرسة وتسوية معاشها فقد عانت كثيرا في تنشئتها وشقيقتيها لكن أمها ترفض هذا فهى ستصل لسن المعاش بعد عامين فقط وتخشى أن يصيبها السأم بعد المعاش فقد اعتادت الخروج للعمل ولقاء الزميلات والترفيه عن نفسها بأحاديثهن كما أن عملها قد وفر لها ولهن حياة كريمة .
دق هاتف وفاء لتنظر إلى الساعة أولا لقد تجاوزت العاشرة ليلا !
امتد كفها ليلتقط الهاتف لتزيد دهشتها وهى ترى رقم محسن يزينه لتجيب بدهشة تلقائية
_ السلام عليكم خير يا محسن
_ ازيك يا وفاء ابدا انا بس فاضى قولت اتكلم معاكى شوية
إلتقى حاجبيها برفض لما سمعته هى ترفض أن تكون وسيلة للترفية أو لقتل وقته لذا أجابت بحدة
_ وماسألتش نفسك نتكلم مع بعض في الموبايل بالليل بصفة إيه بلاش انت متخيل انى ممكن ارغى معاك في الموبايل علشان بس حضرتك فاضى! تبقى امى نايمة جوة ومطمنة انى نايمة وانا بسلى سيادتك آسفة يا محسن مكالمتك ليا مرفوضة
وانهت المحادثة دون أن تنتظر سماع صوته فهى بالفعل غاضبة منه بشدة لمحاولته تحويلها إلى فتاة ليست عليها رأته
طفلا متحكما وهذا أمر واضح لها لكنها لن تكون إحدى الدمى التى يمكنه أن يلعب بها ثم ينتهي بها الأمر فى كومة ذكرياته النافقة.