رواية كاملة رهيبة الفصول من الخامس للسابع
الفصل الخامس
كان مقيّداً بأغلالً من شوك لم يستطع حلّها أو نزعها و لكن قدماه كانتا محررتان ليفيق من غفلته و يهرول سريعاً إلي الخارج ليجد إمرأةً جميله تقف بعيداً علي مدد بصره ليركض بإتجاهها فإذ بها تعود للخلف ليعود و يركض نحوها مرة أخري ليجدها وكلما إقترب منها إبتعدت أكثر ليتيقن أنها سراب و أنه لن يتمكن من اللحاق بها فوقف مستنداً بيديه إلي ركبتيه يحاول إلتقاط أنفاسه اللاهثه ليستمع إلي صوتٍ يصدح بعيداً ليعتدل قائماً فوجدها تشير له بالإقتراب منها وهي تناديه بإسمٍ لم يستطع تمييزه ليعود و يهرول نحوها مرةً أخري ليسقط في قاع بئرٍ مظلم فـ طفق ېصرخ مستغيثاً وهو ينظر للأعلي ينتظر مرور أحدهم ليراها تقف علي حافة البئر و هي تنظر إليه پبكاء و تمدّ يدها نحوها تريد مساعدته قبل أن تختفي و تعود مجدداً وهي تلقي إليه بـ حبل أمسك هو به و سحبته للأعلي حتي وصل إلي قمة البئر لترتفع ضحكاته فرحاً بالنجاه قبل أن تنقشع عنه مجدداً و تتحول إلي صرخات مستجديه وهو يراها تترك طرف الحبل من بين يديها ليهوي هو إلي قاع البئر من جديد فـ ظلّ ېصرخ و يناديها مستغيثاً بينما عَلَت ضحكاتها الساخرة لتتركه و تبتعد مختفيه عن أنظاره.
إنتفض يحيـي من نومهِ بفزع وهو يلهث كإنه كان يركض بـنومهِ ليزفر براحه عندما تبين له أنه كان مجرد كابوساً ليس إلّا لينظر حوله فوجد أن الصباح قد أتي فقطب حاجبيه متعجباً و نهض من الفراش وهو ينادي مصعب فخرجت والدته من المطبخ تقول بإبتسامه: صباح الخير يا حبيبي، مِصعب زمانه جاي.
تسائل بضيق: هو راح الشغل من غيري ليه النهارده؟
أجابته بلطف: لا يا حبيبي النهارده مفيش شغل، و مِصعب راح يقابل المعلم بتاعه عشان يقبّضه، كان عايز يصحيك تروح معاه بس أنا قولتله بلاش خليه نايم الساعتين دول ده شقيان طول الاسبوع.
إبتسم قائلاً: ماشي ياما منتحرمش منك.
_ولا منك يا محمد يبني، يلا بقا عشان تفطر.
أومأ موافقاً بينما إنصرفت هي وعاد هو إلي غرفته شارداً بتفاصيل ذلك المنام الذي رآه قبل قليل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مع صباح يومٍ جديد إستيقظت غَزَل بنشاط ونهضت لتستعد للذهاب لعملها لأول يوم و كلها حماس و شغف فإرتدت من ثيابها أحسنها و إنتقت الألوان الهادئه حرصاً منها علي ملائمة الجو و المكان الذي ستذهب إليه ثم خرجت لتجد والدها ينتظرها قائلاً:صباح الخيريا غزال.
إبتسمت بإتساع و قالت:صباح النور يا بابا يا عسل إنت،إيه رأيك؟!
قالت الأخيرة وهي تستدير حول نفسها ليبتسم قائلاً:بسم الله ماشاء الله عليكي يا غزل،إمسكي خلي ده معاكي.
قالها وهو يمد يده إليها بصاعق كهربائي لتنظر إليه بتعجب وتقول:إيه ده يا بابا؟!
أجاب بهدوء:ده صاعق!
_أيوة منا عارفه إنه صاعق،أعمل بيه إيه ده؟!
=ده حمايه ليكي يا حبيبتي خليه معاكي.
_هو أنا رايحه أحارب يا بابا؟!
قالتها بضيق ليردف قائلاً:لا يا حبيبتي مش رايحه تحاربي بس مش عارفه هتقابلي إيه؟! إنتي رايحه بيت شاب يعني مش ضامنه ظروفه إيه.
إقتربت منه وقالت: يا بابا يا حبيبي خۏفك ده ملوش داعي، أنا رايحه أقعد مع واحده مسنّه يعني ملوش لزوم البتاع ده، ده أنا ممكن أصعق نفسي بيه وأنا مش واخده بالي.
_إتريقي أوي، بردو هتاخديه معاكي و ممنوع يتشال من شنطتك، يا إما كده يا إما بلاها الشغلانه....
قاطعته قائلة: لاا بلاها إيه إنت ما صدقت يا حج ولا إيه، و ماله ناخده معانا مفيش حاجه منها ضرر.
أفتر ثغرها عن إبتسامه لتحتضن والدها وتقول: يلا هنزل أنا بقا، دعواتك يا حجوج.
_ربنا معاكي يا حبيبتي و ترجعي بالسلامه، خلي بالك من روحك و إمشي علي جنب...
نظرت إليه بتعجب وقالت:أمشي علي جنب؟!حاضر و مطوتي في جيبي و سندوتشاتي في كيسي و اللي يقوللي أغششه هعوره.
إرتفعت ضحكاته ليردف قائلاً:و بلاش لماضتك دي مع الناس وخليكي جد و كلامك علي القد.
أومأت بموافقه و هرولت من أمامه سريعاً ثم نزلت من بيتها قاصده العنوان المدوّن خلف الكارت الذي أعطاه لها الشاب بيوم أمس.
وصلت إلي العنوان المحدد و صعدت إلي الشقه ثم توقفت أمام الباب و أخرجت هاتفها لتقوم بالإتصال بالرقم الموجود علي الكارت فأتاها صوته سريعاً يقول: ألو؟!
حمحمت بهدوء وقالت: أيوة يا باشمهندس أنا غزل من مكتب الـsitters....
قاطعها قائلاً: أيوة أيوة أهلاً يا آنسه غزل.
_أهلاً بحضرتك، أنا موجوده بره قدام الشقه!
ثوانٍ معدودة وإنفرج الباب ليظهر هو من خلفه قائلاً: يا خبر إنتي واقفه كل ده قدام الباب، إتفضلي.
إبتسمت بلطف وقالت:صباح الخير.
بادلها الإبتسامه قائلاً: صباح النور، إتفضلي إدخلي.
دلفت إلي الشقه بوچل وهي تتلفت حولها و يدها تقبض علي حقيبة يدها بشدة وهي تتذكر حديث والدها لها قبل أن تزفر براحه عندما رأت سيدة عجوز تجلس علي الأريكه المقابله لها.
برز صوت الشاب قائلاً: أعرفكوا ببعض.. والدتي مدام كاريمان.. و الآنسه غزل يا ماما اللي هتقعد معاكي علي ما أرجع من الشغل.
قال الأخيرة مشيراً نحو غَزَل التي أومأت بإبتسامه مرحبه و تقدمت من السيدة ثم مدت يدها لتصافحها وقالت: إزي حضرتك يا ماما كاريمان؟!
نظرت إليها تلك السيدة بإبتسامه مشرقه وقالت بصوتها الخاڤت الواهن: حلوة أوي كلمة ماما كاريمان، طالعه من بؤك زي السكر.
إتسعت إبتسامة غَزَل والتي قالت: وإنتي كمان زي السكر و شعرك جميل و عيونك جميله.
برز صوت الشاب قائلاً: طيب عال أوي، بما إنكوا حبيتوا بعض و بقيتوا أصحاب يبقا أخلع أنا بقا وأشوف شغلي، عن إذنكوا.
إنصرف بينما حلست غَزَل إلي جوار السيدة التي بادرت بالحديث قائلة: إنتي مخطوبه؟!
إبتسمت غزل وأومأت أن لا فسألتها مجدداً: متجوزة؟!
إتسعت إبتسامة غَزَل وعادت لتومأ بالنفي مرة ثانيه فقالت السيدة: يبقي بتحبي!
شردت بها غَزَل طويلاً ولم تجيب لتبتسم السيدة بود وقالت: أهل الحب صحيح مساكين و باين في عينيهم زي الشمس ما باينه في السما.
نظرت إليها غَزَل بإستفهام وقالت: وإنتي عرفتي منين بقا يا ماما كاريمان إني بحب؟!
أردفت كاريمان بهدوء: منا بقولك باين في عينيكي، حاكم العيون فضّاحه و متعرفش تخبي مهما اللسان يداري و يقول لأ، وأنا بقا أبص للواحد كده أعرف عيونه جواها إيه و شايله إيه.
راقتها كلماتها كثيراً لتضع يدها أسفل وجنتها وتقول: طيب قوليلي بقا أنا عيوني شايله إيه؟!
نظرت لها كريمان نظرة خاطفه ولكنها كانت ثاقبه لتردف سريعاً: العيون الجميله دي شايله كتير، ۏجع و حيرة و فراق و حزن طويييييل، بس بردو جواها لمعة أمل كده،يمكن حبة الأمل دول اللي مصبرينك و مخليينك عارفه تعيشي، و أقوللك شايله إيه كمان؟!
أومأت غَزل بنعم دون أن تنطق لتستطرد كاريمان حديثها وتقول: شايلة عشق!
إضطربت النبضات بقلبها و إرتعدت فرأئصها وقد عادت ذكراه تهاجمها من جديد.
_عشق عايش فيها من سنين و مش راضي يروح، و مش هيروح أبداً.
أشارت لها كاريمان بسبابتها بالنفي لتنساب دمعاتها علي وجنتها دون وعيٍ منها فإمتدت يدا كاريمان تمسحها عن وجهها وقالت: إيه رأيك تعمليلي قهوة من إيديكي الحلوة دي؟
أومأت غَزَل بموافقة و ذهبت علي الفور لتعد لها القهوة و من ثم جلسا يحتسيانها سويّاً وهم يتجاذبون أطراف الحديث.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان سليمان يجلس شارداً وهو يفكر بما سوف تبلغه به يُسر سواء بموافقتها أو رفضها، لقد حاول تصنّع التريث و الصبر و لكنه فشل بشدة فها هو يجلس كمن يتقلّب علي الچمر وهو لا يطيق الإنتظار،يريد الإتصال بها لمعرفة قرارها ولكنه لا يود التسرع ليقطع شروده إتصال من والده الذي دعاه للحضور إلي المنزل لأمرٍ ما فأسرع بإغلاق المتجر و ذهب إلي البيت.
دخل إلي غرفة والده ليجده راقداً بِفِراشه متجهم الوجه ليقترب منه بلهفه ويقول: خير يابا، مالك إنت تعبان ولا إيه؟!
نظر إليه والده بحزن وقال: توّك ما إفتكرت يا سليمان بيه؟! بقالك يومين داخل خارج و مفكرتش تيجي تشوف أبوك إذا كان عايش ولا مېت.
إنحني سليمان علي يد والده بأسف وقال:بعد الشرعليك يا حج ربناا يطولنا في عمرك، أنا آسف يابا والله الدنيا لهتني عنك و قصرت في حقك.
قال والده ساخراً: و الدنيا لهيتك عن أبوك ليه يا سليمان؟
تنهد سليمان مطولاً وقال: بص يابا، أنا مش متعود أخبي عليك حاجه، أنا هحكيلك بس عايزك تفهمني و تسمعني للآخر.
فاجئه والده عندما قال: نويت تتجوز علي مراتك مش كده؟
إتسعت عيناه پصدمه ليضحك والده متهكماً ويقول: يبقا ظني طلع في محلّه، أنا عرفت بردو إن لخمتك اليومين دول وراها واحده مغلباك و مطيرة النوم من عنيك و مخلياك ناسي نفسك، لا و ناويه تاخدك من بينك و مراتك!
قال سليمان: إسمعني بس يابا بالله عليك، الموضوع مش زي منتا فاكر، الحكاية و ما فيها إني عايز أعمل خير.
_خير إيه اللي هتعمله يا سليمان هو إنت بتكلم صبي قدامك ولا إيه؟وبعدين مين اللي إنت عايز تتجوزها دي و عرفتها منين؟
تنحنح سليمان و أردف قائلاً بتوتر: يُسر!
نظر إليه والده بتعجب وقال: يُسر مين؟!
حمحم بقوة وقال: يُسر يابا، هو في كام يُسر؟!!
قال والده بذهول: يُسر مرات أخوك؟!
قال بضيق: أرملة أخويا الله يرحمه يابا.
ألقي والده عليه نظرةٍ قاسيه وقد أخذته سوْرةٍ من الڠضب ليردف بحدة ويقول: وإنت ملقيتش غير أرملة أخوك تتجوزها يا سليمان؟!
قال سليمان معللاً: يابا مهي عشان أرملة أخويا عايز أتجوزها عشان ألم لحم أخويا الله يرحمه و أراعي عياله و أشوف طلباتهم و مخليهومش يحتاجوا لحد.
قال والده متهكماً: وإنت مينفعش تراعي عيال أخوك غير لما تتجوز أمهم؟! إنت بتبرر فراغة عينك بإنك عايز تراعي عيال أخوك، الكلام ده تضحك بيه علي حد تاني يا سليمان.
تنهد سليمان بضيق و قال: يابا إنت مكبّر الموضوع ليه؟! هو أنا أول ولا آخر واحد يتجوز أرملة أخوه؟! و بعدين ده لا عيب ولا حرام و لا يعيبني في حاجه.
كان والده يستمع إليه بذهول من منطِقِه الغريب فقال: إنت نسيت يحيـي كان هو و مراته بيحبوا بعض إزاي؟! ده أخوك الله يرحمه محبش في حياته غيرها يبني، الله يهديك بلاش دي بالذات.
زفر سليمان بضيق وقال: يابا يحيي الله يرحمه و يحسن إليه، و مراته لسه صغيره مجابتش التلاتين سنه، يعني لو صبرت النهارده من غير جواز مش هتصبر بكرة، وبعدين البت شديدة و......
قاطعه والده قائلاً: بسسس.. إياك تتكلم عن مرات أخوك بالأسلوب ده تاني مرة، عيب عليك.
صاح سليمان مردفاً بعصبيه وقال: هو أنا قولت إيه غلط دلوقتي يابا، قصد كلامي إنها مش هتستني من غير جواز كتير، عايزني بقا أستني لما تتجوز و ألاقي عيال أخويا بيتربوا مع راجل غريب؟! ولا أولي أتجوزها أنا و الواد و البت يفضلوا تحت عنينا ؟!
بدا علي والدهُ الإقتناع قليلاً ليعود و يردف قائلاً: حتي لو كلامك صحيح و حبت تتجوز مع أني عارف إنها عمرها ما هتتجوز بعد يحيي، هنبقا ساعتها ناخد منها العيال.
قال سليمان حانقاً: لا مش من حقنا العيال، هيبقوا في حضانة ستهم أم أمهم و إنت عارف بقا ستهم دي حالتها عامله إزاي و متجوزة راجل شكله إيه، ده غير إن عندها كومة عيال مش لاقيه تأكلهم، هتسيب عيال إبنك المتدلعين المترفهين يروحوا يعيشوا في "أبيس" بعد ما كانوا عايشين في" حي لوران " و يستنوا بقا لما جوز ستهم يعطف عليهم باللقمه ولا ميعطفش.
أخفض الأب رأسه أرضاً وقد أقنعه حديث سليمان لينظر له وقد لمعت عيناه بخبث وقال: أنا هعمل اللي تؤمرني بيه يابا، وافقت أتجوز يُسر و ألم عيال أخويا الله يرحمه و أصون أمانته كان بها، موافقتش و عندك إستعداد العيال يتبهدلوا لما أمهم تتجوز واحد غريب إنت أدري بمصلحة عيال إبنك.
قاطعه والده قائلاً: طب و صافيه؟!
أدرك سليمان بأنه قد إقترب من مبتغاه ليجلس مجدداً إلي جانب أباه ويقول: مالها صافيه؟! لا هتزيد ولا هتخس.
نظر إليه والده مستفهماً ليقول: يعني هتفضل زي ما هيا يابا، و بالنسبه للموضوع ده أنا عارف هقنعها إزاي و متأكد إن قلبها أبيض و هتوافق.
زفر "علي" بـ حيرة و ريبه ثم قال: و إمتا هتفاتح يُسر في الموضوع؟
حمحم سليمان مردفاً: أول ما تؤمرني بكده!
أومأ الأب موافقاً وقال: ماشي يا سليمان إتكل علي الله، بس أهم حاجه موافقة مراتك في الأول، و لو وافقت إبقا كلم يُسر بعدها.
أومأ سليمان مؤيداً ثم إنحني ليقبّل يد والده قائلاً: اللي تشوفه يابا.
ثم نظر إلي أبيه وقال: صدقني يابا أنا مش طمعان فيها لنفسي زي ما بتقول، أنا بعمل كل ده عشان يحيـي الله يرحمه يبقا مرتاح في نومته!
هز الوالد رأسه بوقار مرات متتاليه وقال: الله يرحمه و يحسن إليه، ربنا ييسر الحال.
تمتم سليمان قائلاً: بإذن الله، هطلع أنا بقا أكلم صافيه و اشوف رأيها إيه و هبقا أبلغك بالمستجد.
لينسحب بعدها فوراً راكضاً نحو شقته وهو ينوي إخبار زوجته بما قرر فعله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عادت "غَزَل" من عملها مساءً لتجد والدها في إنتظارها لينهض واقفاً فور أن فتحت الباب و يتمتم شاكراً: الحمدلله.
نظرت إليه غَزَل بإبتسامة وقالت: إيه يا بابا، مالك قلقان كده ليه؟!
أردف بعتاب: قلقان عليكي يا آنسه غَزَل، إيه مش من حقي إني أقلق!
: لا يا حبيبي من حقك، بس إتطمن يا بابا بنتك بمية راجل و ميتخافش عليها، وبعدين ما البركه في الصاعق اللي إنت ممشيني بيه ده، والله ده محسسني بالخۏف أكتر ما مطمني.
نظر إليها يائساً وقال: المهم يا لمضه، إيه الأخبار؟!
زفرت براحه و قالت: الأخبار زي الفل الحمدلله، مدام كاريمان اللي حكيتلك عنها في التليفون دي قمررررر و كلامها جميل و ست طيبه و بشوشه كده ميتشبعش من قعدتها.
قال مازحاً: الله.. طب ما تجوزيهالي!
ضحكت قائلة: أجوزهالك إيه يا برهومي دي قد أمك الله يرحمها.
إرتفعت ضحكاته ليقول: طيب يلا أنا مجهز العشا و قاعد أستني سيادتك بقالي ساعه.
جلست برفقته حول طاولة صغيرة يتناولون طعام العشاء ليردف قائلاً: طنط سارة جارتنا كانت هنا هي و جوزها من شويه.
نظرت إليه بتعجب وقالت: كانوا هنا بيعملوا إيه؟!
_عايزة تخطبك لإبنها!
ألقت بالمعلقه من بين يديها وقالت متذمرة: يادي العكننه عالمسا، و حضرتك قولتلها إيه؟!
نظر إليها مغتاظاً وقال: هقول إيه يعني، لا إله إلا الله، قولتلها لما غَزَل تيجي و أشوف رأيها إيه؟!
طالتته بحنق قائلة: تشوف رأيي في إيه؟! ما حضرتك عارف رأيي من غير ما تسألني لزومه إيه بقا تعشمهم!
زفر بضيق قائلاً: ماهو إسمعي أما أقوللك بقا، مش كل مره هتاخديني في دوكه و تقفلي الموضوع، أنا المرة دي مش هسمحلك تمشي اللي في دماغك و تضيعي كل مره من إيديكي فرصه أحسن من اللي قبلها.
قالت بضيق: فرصة إيه يا بابا بالله عليك هو إنت شايف إن اللي زي إسلام ده فرصه!! ده عيّل من اللي بيتلقحوا عالناصيه و يسقطوا البنطلون و يوقفوا شعرهم بـ چل.. بذمتك إنت لسه حد بيسقط البنطلون! لسه في حد بيحط چل!
نظر إليها بتحدي وقال: طب ما إنتي إتقدملك مية واحد كلهم أحسن من بعض، اللي مهندس و اللي دكتور واللي مدرس و غيرهم كتير مكانش فيهم واحد عينه بتوجعه...
قاطعته قائلة: آااه و كل واحد من دول عنده علّه جاي يداويها عندي أنا، الدكتور مطلق و عايز خدامه لعياله، و المهندس وحيد أمه و عايز خدامه لأمه، و المدرس باعتلي أمه اللي عاملالي فيها ماري منيب و جايه عشان تعاين البضاعه و كان تكه كمان و هتخليني أكسر لها البندق بإسناني....
قاطعها قائلاً: مش هتقلبيها هزار زي كل مره يا غزل.
زفرت بقلة حيلة لتنساب دمعاتها علي وجنتيها پألم داخلي يملؤها وقالت: عشان خاطري يا بابا متضغطش عليا، أنا مش عايزة أتجوز ولا أتنيل، أنا مرتاحه كده.
نظر إليها و قلبه يكاد ينفطر لرؤية دمعاتها وقال: لحد إمتا يا غزل؟! لحد إمتا هتفضلي عايشه في الوهم ده؟! الأول كنت بقول مسيرها هتفوق و ترجع لعقلها لما تشوفه سعيد مع مراته و عياله، لكن دلوقتي!! دلوقتي يحيـي مبقاش موجود أصلاً عشان تعلّقي نفسك بيه و تربطي مصيرك بمصيره، فوقي بقا يا بنتي!
أردف بالأخيرة بصوتٍ جهور ليتمتم بعدها مستغفراً ثم نظر إليها وهي تنتحب بشدة وقال بيأس: أنا مش هغصبك عالجواز يا غزل، بس اللي لازم تعرفيه إني مش هسيبك تضيعي شبابك و عمرك يروح من بين إيديكي عشان وهم و أقف أتفرج!
ثم نهض عن مقعده و دخل إلي غرفته بينما إنفجرت هي بالبكاء وقد عَلت شهقاتها وهي تتذكر ملامحه المحفورة بذاكرتها و بقلبها إن أردنا الدقه ثم نهضت هي الأخري و دخلت إلي غرفتها و ألقت بجسدها إلي الفراش تنتحب بصمت.
*************************
صعد سليمان إلي شقته و دلف ليجد صافيه تتحدث إلي "غَزَل" عبر الهاتف ليشير إليها مبتسماً وقال: سلميلي عليها و قوليلها إني مخاصمها.
إبتسمت صافيه وقالت لـ غزل: عمك سليمان بيقوللك إنه مخاصمك.
ثم نظرت إلي سليمان وقالت: بتقولك متقدرش علي زعلك بس الشغل الجديد لخمها.
أومأ موافقاً لتقول صافية: ماشي يا حبيبتي، علي العموم خلي بالك من نفسك و إسمعي كلام بابا هو عارف مصلحتك، وأنا هبقا أكلمك وقت تاني!
أنهت المكالمه لتتقدم من سليمان و تجلس إلي جانبه مبتسمه بلطف وقالت: إيه يا حبيبي أعملك تتعشي؟
تصنّع الضيق و زفر مطولاً ثم مسح وجهه پغضب لتتسائل بقلق وقالت: مالك يا سليمان، فيك إيه؟!
نظر إليها كثيراً ثم تمدد علي الأريكه و يقول بنبرة حزينه أتقن صُنعها: تعبان يا صافيه.
تسائلت بلهفه و أسي وقالت: مالك يا حبيبي تعبان من إيه كفي الله الشړ.
_أبويا مخاصمني و مش راضي يكلمني من إمبارح، جيت دلوقتي أتكلم معاه مرضيش يكلمني و قاللي مليش كلام معاك غير لما تنفذ اللي قولتلك عليه.
قطبت جبينها بتعجب وقالت: طيب ما تعمله اللي هو عايزه يا سليمان ما إنت عارف عمي الحج طيب و أكيد مش هيطلب منك غير الصالح يعني.
زفر متهكماً وقال: أصلك متعرفيش هو عايز إيه!
ضيّقت بين حاجبيها بإستفهام وقالت: هيكون عايز منك إيه يعني؟!
باغتها قائلاً: عايزني أتجوز يُسر!
إصفرّ وجهها و شحب لونها كالمۏتي ليبتلع هو لعابه بتوتر قبل أن تقول هي مستفهمه: تتجوز يُسر؟!
_شوفتي المصېبه اللي أنا فيها؟!. قالها مصطنعاً الڠضب لتعاود هي السؤال مرة أخري فقالت: ليه يعني مش فاهمه؟! تتجوز يُسر ليه!!
نهض معتدلاً بجلسته وقال: بيقول إنه خاېف إنها تتجوز و تاخد العيال معاها.
=لأ طبعاً هي لو إتجوزت ساعتها العيال مش هتبقي من حقها.
أومأ قائلاً: قولتله كده قاللي هيروحوا لـ جدتهم أم أمهم و هي ظروفها متسمحش إن زياد و نور يعيشوا هناك و هيتبهدلوا و كلام زي كده.
نظرت صافيه أمامها بشرود وقالت: طيب و.. و أشمعنا إنت اللي تتجوز يُسر؟! ليه مش قدّورة اللي يتجوزها؟!
_قال إيه بيقوللي عشان أنا مفيش ورايا مسئوليات و أقدر أصرف عليهم كويس إنما قدّورة عنده عياله و يادوب شايل شيلته.
إبتسمت پألم داخلي يملؤها وقالت: أااه.. يقصد يقوللك إنك يا حرام مفيش عندك عيال فإنت أولي واحد بعيال أخوك عشان يعوضوك عن الحرمان م الخلفه.. مش كده؟!
: صافيه أنا مش عايزك تاخدي الكلام بحساسيه، عشان خاطري متضغطيش عليا أنا اللي فيا مكفيني.
قال الأخيرة وهو يضع رأسه بين كفيه لتنظر إليه بشفقه و قالت: طيب و إنت رأيك إيه؟!
قال دون أن ينظر إليها: رأي إيه و زفت إيه يا صافيه إنتي مش شايفه حالتي عامله إزاي؟! أنا بين نارين يا صافيه و مش عارف أعمل إيه، من جهة مش قادر علي خصام أبويا و زعله مني و من جهه تانيه مش قادر أتقبل ولا أتخيل إني آخد مكان يحيـي الله يرحمه.
ثم أردف مستاءً: أنا دماغي هتشت مني يا صافيه، دلّيني إنتي أتصرف إزاي؟!
نظرت إليه صافيه بأسف وقالت: مش عارفه أقوللك إيه يا سليمان!! إزاي عمي الحج يضغط عليك في حاجه زي كده وهو شايفك مش هتقدر تتجوز أرملة أخوك، و بعدين هو مش عارف إن يحيي و يُسر كان روحهم في بعض!! و هي أصلاً إزاي هتوافق تتجوزك! دي كانت بتقولك يا عمو سليمان!
إنتابه الضيق ليردف بحدة: إحنا هنسيب الموضوع المهم دلوقتي و نمسك في الهيافات دي يا صافيه، بقولك دلّيني علي حل، أعمل إيه مع أبويا اللي مش راضي يتكلم معايا ده و أتصرف معاه إزاي، إنتي عارفه أبويا بالنسبه لي إيه يا صافيه ده أنا مقدرش أخطي خطوة من غير مباركته و دعاه ليا، أنا مبنامش الليل بسبب زعله مني، أرضيه إزاي؟
_نفذ اللي قاللك عليه يا سليمان!
نطقت بها صافيه وهي تنظر للأمام بـ تيه و ألم ليقول سليمان مصطنعاً الدهشه: بتقولي إيه يا صافيه!! عايزاني أتجوز أرملة أخويا الله يرحمه؟! لأ طبعاً مقدرش.
_مفيش حل غير كده يا سليمان، أبوك مش هيرجع عن اللي في دماغه، و لو منفذتلوش طلبه هيفضل مقاطعك و زعلان منك.
=طب و العمل؟! قالها وهو يسحب منها أمراً صريحاً لزواجهِ من يُسر و قد كان فقالت: العمل إنك تطيع أبوك و تنفذ اللي هو عايزه و تتجوز يُسر.
أفتر ثغره عن إبتسامه منتصره قبل أن تنقشع عنه مجدداً عندما أردفت يُسر بقوة قائلة: بس أنا عندي شرط!
قطب حاجبيه متسائلاً بتعجب: شرط إيه؟!
_يبقا جواز عالـورق بس!!
=نعم؟! أردف بها حانقاً ليتنحنح متراجعاً و يردف بنبرة أكثر لطف فقال: عالـورق إزاي مش فاهم، وضحي كلامك.
نظرت إليه بضيق وأردفت: جرا إيه يا سليمان؟! مش محتاجه فهلوه دي يعني، ببقا جواز عالـورق بس يعني متدخلش بيها ولا تقرّب منها، مش أبوك عاوز يضمن إن العيال يفضلوا في حضنه و يتربوا في خيره، إذا كان هيبقا مرتاح و راضي عنك ماشي إتجوزها بس متلمسهاش.
رفرف بعينيه كثيراً يريد إثناءها عن رأيها ذاك لتردف هي بحدة قائلة: أظن كده عدّاني العيب أوي يعني، لو واحده مطرحي إستحاله كانت هتقبل بوضع زي ده!
عَلِم أنها قد حسمت أمرها ولا سبيل للنقاش فأومأ موافقاً ثم إنحني ليطبع قبلةً عميقه علي جبينها وقال: معاكي حق يا حبيبتي، إنتي حلتيها الحل المناسب لجميع الأطراف فعلاً، منها نرضي أبويا و منها أنا مضطرش أعمل حاجه أنا مش عايزها.. بس في نقطه هنا!
نظرت إليه متسائلة ليقول هو بتلعثم: نقطة إن الجواز يبقا عالورق بس....
قاطعته قائلة: إيه عندك رأي تاني ولا إيه؟!
أسرع نافياً: لالالا مش قصدي عليا، أقصد إن أبويا مستحيل يوافق إننا نحط عليه شرط زي ده! فـ مش هينفع نعرفه بالإتفاق ده.
_مش فاهمه، و ده يخصه في إيه؟! هو مش أهم حاجه إنك تتجوزها عشان العيال،الباقي يخصه فـ إيه بقا؟!
زفر يائساً وقال: منتي عارفه دماغ أبويا يا صافيه، مۏته و سمّه اللي يشرط عليه.
تنهدت بقلة حيلة و أردفت: ماشي يا سليمان، مش لازم يعرف بالإتفاق ده.
ليستطرد حديثه قائلاً: بس كده هضطر أبات في الشقه فوق عشان ميشكش في حاجه، لإني لو مطلعتش فوق هيعرف.
قالت صافيه بنفاذ صبر: يعني نعمل إيه أكتر من كده يعني؟!
قال بهدوء وهو يضمها إليه: إحنا نتصرف عادي ولا كإن في إتفاق ولا حاجه، أنا هبات هنا ليله و فوق ليله، بس الليله اللي هباتها فوق هنام في أوضة العيال و العيال يناموا مع أمهم.
نظرت إليه مطولاً ليقول: إيه يا صافيه بتبصيلي كده ليه؟
_خايفه!. قالتها صافيه پخوف حقيقي يملأها ليردف هو متعجباً: خاېفه من إيه؟!
أشاحت بوجهها بعيداً وقالت: خاېفه أرجع أندم إني وافقت علي حاجه زي كده يا سليمان.
ربت سليمان علي كتفيها وقال: متقلقيش يا حبيبتي بإذن الله كل حاجه هتحصل زي منتي عايزة.
أومأت بهدوء وقالت: ربنا يستر.
إقترب هو منها و همس بأذنها بكلماتٍ دغدغت مشاعرها و ألهبت أحاسيسها لتتسع إبتسامتها وقد تناست كل ما حدث.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
علي الجانب الآخر كانت يُسر تجلس كمن يتقلّب علي الجمر، تنتظر مهاتفة سليمان لها حتي تخبره بقرارها الذي إتخذته بسرعة الضوء ليرتفع صوت جرس الباب فتحدثت إلي طفلها وقالت: إفتح الباب يا زياد.
ركض زياد بإتجاه الباب و فَتحه لتقول والدته: مين يا زياد؟
_أنا زينب يا يُسر. قالتها زينب وهي تدلف إلي الشقه لتنظر إلي يُسر بتعجب من ملابسها و زينتها الكامله قبل أن تنتبه علي صوت يُسر تقول: إتفضلي يا زيزي، كنتي عايزة حاجة؟
نظرت زينب إليها بإنتباه وقالت: هاا.. لأ ده أنا كنت جايه أسيب يحيـي عندك علي ما أخطف رجلي ناحية السوق و آجي.
نظرت إليها يُسر بإبتسامه لم تصل إلي عيناها وقالت: معلش يا زيزي بس أنا مصدّعه و مش هقدر أخلي بالي منه و كمان زياد عنده واجب هعمله معاه و نور أهي بتزن زي مانتي شايفه، نزليه عند صافيه هي فايه و مفيش وراها حاجه.
نظرت إليها زينب بتعجب وأومات بحرج ثم قالت: أيوة معاكي حق، صافيه بتحب يحيـي و هو بيسكت معاها، خلاص هنزله عندها.
أومأت يُسر بإقتضاب قبل أن يرتفع رنين هاتفها لتنظر له بتوتر و قامت بالنظر علي الفور إلي زينب التي قالت: ده عمي سليمان اللي بيتصل بيكي!!
أومأت يُسر بتخبط وقالت: أيوة أصل.. أصل نور كانت تعبانه وأكيد بيطمن عليها.
هزت زينب رأسها بشك لتقول يُسر: بعد إذنك يا زيزي لو نازله تقفلي الباب وراكي.
رَفَعت زيزي حاجبها بتعجب وقالت: أه،، ماشي.
ثم خرجت و أغلقت الباب خلفها لتجيب يُسر علي الهاتف مسرعه وتقول: ألو.. أيوة يا عمو؟
تنحنح هو بتوتر وقال: أيوة يا يُسر مبترديش ليه؟!
_أصل زينب كانت قاعدة معايا.
تمتم قائلاً بإضطراب: أه.. طيب أنا مرضيتش أكلمك إمبارح و قولت أسيبك تفكري براحتك.. فكرتي؟!
قالت بنبرة هادئه تصطنع اللامبالاه: فكرت ف إيه؟!
تعجب قائلاً: في الكلام اللي قولتهولك إمبارح!
تمتمت قائلة: آاااه..تقصد موضوع إننا نتجوز يعني، معلش يا عمو إتلهيت مع نور و نسيت الموضوع ده.
قال بضيق يعتريه: آااه، طيب هتردي عليا إمتا؟!
تسائل هو بشغف فأجابت ببرود: أول ما آخد قرار هبلغك بإذن الله.
زمّ شفتيه بضيق وقال: طيب ماشي، براحتك أنا مش مستعجل.
_تمام ماشي، عن إذنك عشان نور بټعيط!
وقامت بإنهاء المكالمه دون أن تنتظر ردّه لتعلو شفتيها إبتسامه ماكرة متلاعبه بينما تمتمت زينب التي كانت تقف خلف الباب تُرهِف السمع إليها: يا بنت الإييييه؟!!جواز حته واحده!!
نزلت تركض بإتجاه شقة صافيه و طرقت الباب بقوة لتقول صافيه: طيب يا زينب، جايه.
فتحت صافيه الباب لتدلف زينب إلي الشقه وعلي وجهها الكثير من الإنفعالات لتقول صافيه بتهكم: شكلك كده عندك حكايات لا حصر لها ولا عدد.
حاولت زينب أن تدهر أكثر هدوءً و أقل إنفعالاً فجلست إلي المقعد من خلفها وقالت: قولت آجي أسيب يحيـي عندك عشان رايحه السوق أشتري حاجات.
حملت صافيه منها يحيـي وهي تنظر له مبتسمه وقالت: معقول يا جميل هتقعد معايا؟ ده البيت زاد نوره.
تمتمت زينب بإبتسامة وقالت: البيت منور بأهله يا صفصف، شوف يا يحيـي عمتو صافيه فرحانه بيك إزاي!
ثم قالت بنبرةٍ خبيثه: أصلي طلعت أسيبه مع يُسر قالتلي أصل الظروف و الجوابات و مصدعه و الواد و البت و في الآخر قالتلي سببيه عند صافيه هي فاضيه مفيش وراها حاجه.
إبتسمت صافيه بإقتضاب لتستأنف زينب حديثها وتقول: البت يختي دخلت لقيتها ممدده ولابسه المحزء و الملزق و مهببه وشها ولا كإنها عروسه في شهر العسل!
إبتسمت صافيه بسخريه ولم تتفوه ببنت شفة لتتابع الأخري حديثها وتقول: صدق اللي قال معندهاش عزيز ولا غالي.
ثم نظرت إلي صافيه وإقتربت منها و همست و كإنما تخبرها سراً: أصل أنا عارفه النوعيه دي، قلبهم مبيتوجعش علي حد.
هزت صافيه رأسها بيأس وقالت: خلاص بقا يا زينب ملناش دعوة بحد، كل واحد حر في حياته و بعدين إنتي عيزاها تقعد في شقتها متكتفه! ما كل واحد يعمل اللي يريحه.
قالت زينب بإستنكار: يختي لهو كان دكر بط اللي ماټ؟!
ثم مصمصت شفتيها بحسرة وقالت: الله يرحمك يا يحيـي، راجل يتحزن عليه العمر كله بس هي اللي معندهاش أصل.
تمتمت صافيه بأسف: الله يرحمه و يحسن إليه.
تنحنحت زينب تجلي حلقها وأردفت بمكر: وأنا عندها لقيت عمي سليمان بيرن عليها!
نظرت إليها صافيه بإنتباه و ضيّقت عينيها بتفكير لتردف زينب قائلة: و لما سألتها قالتلي أصل نور تعبانه و بيطمن عليها، و طردتني!!
نظرت إليها صافيه بتعجب و ذهول وقالت: طردتك؟!
أومأت قائلة: آه والله طردتني بالحداقه كده، قالتلي خدي الباب وراكي.
إرتفع حاجبي صافيه پصدمه لتتابع الأخري قائلة: قوم بقا إيييييييه وأنا باخد الباب ورايا و خارجه سمعتلك طراطيش كلام قال جواز و ما أبصر إيه.
إنقبض قلب صافيه و إعتصره الخۏف لتلزم الصمت بينما تسائلت زينب: هو في جديد وأنا معرفش ولا إيه؟!
نظرت لها صافيه بضيق وقالت: كده هتتأخري عن مشوارك يا زينب.
هزت زينب رأسها وقالت: أااه.. طيب يختي هستأذن أنا بقا عشان أروح و أرجع قبل جيّة قدّورة من المحل.
ثم إنصرفت زينب و تركت صافيه غارقه في أبحر من الشرود و الخۏف و الندم أيضاً...!
💔💔💔💔💔
الفصل 6-7
الفصل السادس
كانت غزل تجلس إلي جوار السيدة كاريمان تسند يديها أسفل خديها وتستمع إلي حكاياتها التي أصبحت جزءاً هاماً من يومها لتقول: أفهم من كده إنك فضلتي تحبيه رغم اللي كان بيعملوا فيكي و رغم إنه إتجوز عليكي!
أومأت كاريمان بإبتسامه تمتزج بها آلام الذكريات وقالت: لله يرحمه مكانش سايبلي إختيار غير إني أحبه كل يوم أكتر من اللي قبله، طول عمره كان حنين عليا و عمره ما كان قاسې.
تسائلت غزل بتعجب وقالت: كل ده و مكانش قاسې!! هي القسۏة بالنسبة لك إيه؟!
نظرت كاريمان أمامها بشرود و أردفت: القسۏة ليها معاني كتيرة يا غزل غير اللي إنتي فاهماها، أو يمكن أنا عشان كنت بحبه أوي كنت ببص للأمور من زاوية تانيه غير كل الناس، القسۏة بالنسبه لي هي مش إنه يضرب و يهين و يخاصم و يجافي، لأ، القسۏة بالنسبه لي كانت لو جيت في يوم بكيت و ممسحش دموعي، لو لقاني عايزة أعيط و محضنيش، لو حسيت لمسته ليا راح منها الدفا اللي كان ملازمها، لو نبرة صوته وهو بيتكلم معايا مبقاش فيها نفس اللهفه اللي بيتكلم بيها.
ثم نظرت إلي غزل وقالت: لو هنحسب القسۏة بالمقاييس بتاعتي يا غزل فهو عمره ما كان قاسې عليا.
لم يَسعها سوي أن تبتسم لتلك الكلمات التي مست قلبها لتردف الأخري بتأكيد وقالت: القساوة قساوة القلب يا غزل مش أي حاجة تانيه.
نظرت إليها غزل وقالت: إنتي غريبه أوي يا ماما كاريمان، للدرجه دي كنتي بتحبيه!! وهو إزاي مقدرش إنك بتحبيه الحب ده كله وراح إتجوز عليكي؟!
نظرت كاريمان للجانب و لمعت عيناها پألم وقالت: الله يرحمه كان مهووس بالستات، كان دايماً يقوللي دي حاجه ڠصب عني و الحب حاجه و الجواز حاجه تانيه.
سألتها غزل بفضول: هو إتجوز كام مرة!
_6مرات!
نطقتها كاريمان بإبتسامه ساخره لتجد غزل وقد إتسعت عيناها بدهشه وقالت: 6 مرات وإنتي علي ذمته و موافقه و راضيه!
أومأت أن نعم وقالت: كنت خاېفه عليه يعمل حاجه حرام و خصوصاً إني تأكدت إن الستات بالنسبه له زي مرض هو مش عارف يتعالج منه، عمره ما كان ضعيف قدام حاجه غير الستات.
قالت غزل بإمتعاض: بس ده مش مرض، دي فراغة عين و طفاسه، طالما مكانش قادر يكتفي بيكي يبقا كان لزمته إيه الحب اللي بينكوا!
ثم أضافت بقوة: إسمحيلي أقوللك إنك كنتي مغيّبه وهو كان بيستغل حبك ليه أبشع إستغلال.
قالت كاريمان بنفي: لا أبداً متقوليش كده، عمره ما إستغلني أنا كنت راضيه بكل حاجه وهو مغصبش عليا ولا مرة إني أوافق أو أقبل بالوضع ده.
جادلتها غزل قائلة: لأنك مكنتيش محتاجه للضغط أو الڠصب أساساً هو وصلك لمرحلة من الإبتزاز العاطفي خليتك مهيأه لكده، إنك تدوري علي راحته و سعادته علي حساب راحتك و سعادتك و... و كرامتك كمان!
نطقت الأخيرة بقوة لتنظر لها كاريمان بضيق وتقول: إطلبي لي أكرم إبني!
قامت بالإتصال بولدها الذي أتي في غضون دقائق لتنصرف غزل علي الفور فقالت له: أنا مش عايزة البنت دي تاني.
نظر لها إبنها بتعجب وقال: ليه يا أمي مالها ضايقتك في إيه؟!
أردفت پغضب: من غير ليه.. مش عيزاها تيجي هنا تاني!
زم شفتيه بحيرة وقال: حاضر يا ست الكل اللي تشوفيه.
ثم قام بالإتصال بـ غزل التي أجابت علي الفور متسائلة بإهتمام فقالت: أيوة يا باشمهندس، خير في حاجه؟!
تتنحنح قائلاً بحرج: مساء الخير يا آنسه غزل، الحقيقه مش عارف أجيبهالك إزاي بس والدتي مبقتش عايزة حد ييجي يقعد معاها.
إبتسمت ببساطه وقالت: كنت متأكده إنها هتاخد مني موقف بعد اللي حصل النهارده.
ليتسائل مستفهماً فقال: إيه هو اللي حصل النهارده؟!
أجابت غزل ببساطة: أبداً، كانت بتحكيلي عن والدك الله يرحمك و إنه كان راجل مزواج و إنها كانت راضيه و موافقه فأنا قولتلها إنه كان بيستغلها و بيستغل حبها ليه.
ضحك قائلاً: يعني إنتي اللي جنيتي علي نفسك، أصل بابا الله يرحمه يستي من المحظورات عندها مبتسمحش لحد يقول عليه حرف مش علي هواها، بتحبه پجنون زي منتي شايفه كده فإنتي كنتي بتلعبي في الثوابت عندها عشان كده هي قالت تلحق نفسها و تستغني عنك قبل ما تتأثر بكلامك.
إبتسمت غزل وقالت: عالعموم حصل خير، ربنا يخليهالك و يديها الصحه وطول العمر.
تمتم قائلاً: االلهم آمين يارب، أتمني تتفهمي موقفي و متكونيش متضايقه.
أردفت بهدوء: لا أبداً مفيش حاجه، مع السلامه.
أنهت الإتصال بعدها لتذهب بخيالها إلي مؤنس وحدتها و رفيق أحلامها الأوحد وقد أنّ قلبها شوقاً إليه لتتمتم قائلة: الله يرحمك يا يـحيي.
مر أسبوع وقد نفذ صبر سليمان وهو ينتظر جواب يُسر التي أهلكت أعصابه بغنجها الزائد ليقرر أنه سيقوم بالإتصال بها اليوم و ليكن ما يَكُن.
أمسك بهاتفه بأيدٍ مرتجفه وقام بمهاتفتها لتتجاهل هي إتصاله مرات و مرات لتجيب أخيراً فقالت بصوتٍ ناعس راقه كثيراً: ألو، أيوة يا عمو.
تنحنح قائلاً: أيوة يا يُسر إنتي كنتي فين كل ده؟
_معلش مسمعتش التليفون، كان في حاجه؟!
قال بضيق: أيوة في، فات أسبوع علي آخر مكالمة بيننا و قولتيلي هتفكري و تردي عليا و بردو مردتيش لا بـ آه ولا بـ لأ، ممكن أعرف ده تجاهل ولا طناش ولا رفض ولا إيه بالظبط؟!
قالت بهدوء: لا والله أبداً لا تجاهل ولا طناش.
ضيّق عينيه قائلاً: يبقا رفض!
زفرت مطولاً وقالت: بص يا عمو بصراحه أنا فكرت في الموضوع ده لقيت إني كده هظلم صافيه و أنا مش هقدر أظلمها لأني مشوفتش منها حاجه وحشه....
قاطعها قائلاً: لااا لو صافيه هي اللي شغلاكي متقلقيش أنا إتفاهمت معاها وهي موافقه.
تمتمت پصدمه: موافقه؟! موافقه إننا نتجوز؟!
قال مؤكداً: أيوة موافقه، هي عارفه إننا بنفكر في مصلحة العيال و بس.. لو علي صافيه متحمليش هم.
أردفت بتفكير و تمهل: طيب و بابا الحج خد خَبَر؟
_أيوة طبعاً عارف هو أنا معقول هخطي خطوه من غير عِلمه و مباركته كمان، إطمني هو كمان موافق.
صمتت ليتابع هو قائلاً: أظن كده مبقاش في أي موانع! هااا بقا موافقه ولا مش موافقه؟!
=موافقة. نطقتها بتمهل ليبتهج وجهه و يعلوه البِشر و السرور فقال مسروراً: علي خيرة الله.. أنا هبلغ الحج و نكتب الكتاب علي آخر الأسبوع إن شاء الله.
تمتمت بموافقة: ماشي بإذن الله.
أنهي الإتصال وقلبه يتراقص طرباً و سعادة بهذا الخبر السعيد ثم قام بالإتصال بصديقه قائلاً: ألو، إزيك يا أبو يونس.
_سليمان إيه أخبارك عاش من سمع صوتك يا راجل.
=بخير الحمدلله والله، إسمعني، عايزك تجهز لي طقم دهب كامل مكمّل بس تكون حاجه نقاوة علي ذوقك، و هفوت عليك بالليل إن شاءلله آخده.
_إيه ناوي تتجوز ولا إيه؟!
مسح سليمان جانب فمه بإبهامه و أردف بِزَهو فقال: أاه، عقبال عندك.
قال الآخر متعجباً: بتتكلم جد؟! ده أنا كنت بهزر! عالعموم ربنا يتمم بخير يا ريّس.
شكره سليمان قائلاً: تسلم يا غالي عقبال أولادك.
و أنهي المكالمه ليغلق مِتجره و يعود إلي البيت ثم دلف إلي شقة والده ليجده قائماً يصلّي فإنتظر حتي فرغ من صلاته وقال: حرماً يا حج.
_جمعاً بإذن الله.
قالها والده وهو يجلس إلي مقعده ليبادر سليمان بالحديث قائلاً: يُسر وافقت يابا.
نظر إليه والده و هز رأسه بهدوء علامةٍ منه في عدم رغبته بالحديث ليتابع سليمان قائلاً: و صافيه كمان إتفاهمت معاها و خدت منها الموافقه.
أعاد والده النظر إليه وقال بإقتضاب: علي خيرة الله يا سليمان.
ذهب سليمان و جثا علي ركبتيه أمام مقعد والده و أمسك بيده يقبلها قائلاً: إنت مش مبسوط يابا؟! صدقني لو مش عاوز الموضوع ده أنا هصرف نظر عنه للأبد، أهم حاجه رضاك.
ربت والده علي كتفه قائلاً: اللي ميغضبش ربنا ميغضبنيش يبني، أهم حاجه متظلمش يا سليمان!
نظر إليه سليمان مستفهماً ليردف والده قائلاً: متميلش لواحده علي حساب التانيه يا سليمان، لازم تعدل بينهم علي قد ما تقدر، و تراعي إن يُسر هتيقا مراتك زي صافيه بالظبط يعني الإتنين ليهم نفس الحقوق.
أفتر ثغره عن إبتسامه حتي تبينت نواجزه ليقول بحماس: من الناحيه دي متقلقش يابا.
أومأ والده موافقاً وقال: علي بركة الله.
_إن شاءلله كتب الكتاب يوم الخميس.
قالها سليمان لينظر إليه والده ويقول: بإذن الله علي خير.
_ياارب، هطلع بقا أبلغ صافيه.
ثم إنصرف صاعداً نحو شقته ليجد صافيه تجلس متجهمة الوجه فبدأ هو بإرتداء قناع الحزن و دخل يجر قدميه جراً و تهاوي بجسده إلي الأريكه التي تجلس عليها صافيه منتظراً أن تبادر هي بالحديث كعادتها كل يوم متسائلة عن حاله أو عن سبب ضيقه ليجدها آثرت الصمت دون النبس بكلمة واحده لينظر إليها متعجباً و تتبدل الأدوار ليبادر بالحديث قائلاً: مالك يا صافيه؟! قاعدة سرحانه كده ليه؟
قالت بإقتضاب دون النظر إليه: مفيش حاجه.
زاد تعجبه ليجلس مقابلاً لها و يمسك بيدها قائلاً: مفيش إزاي؟! أكيد في حاجه مضايقاكي.
نظرت إليه بقوة و أردفت: إيه أخبار العروسه الجديدة؟!
نظر إليها بتعجب وقال: العروسه الجديده؟!
أومأت بموافقه وقالت: أيوة، أصل أنا بقالي كذا يوم مشوفتهاش، أما إنت علي إتصال معاها عشان كده بسألك إنت عنها.
قال مستفهماً: علي إتصال معاها؟! مين اللي قاللك كده؟!
أجابت بحدة: زينب اللي قالتلي، كانت عندها و شافت موبايلها بيرن بإسمك.
قال مغتاظاً: و إنتي معيّنه مخبرين عليا ولا إيه يا صافيه؟! جري إيه، إنتي هتخيبي ولا إيه؟!
قالت بضيق: و انا من إمتا كنت بعمل كده يا سليمان ولا هو ده طبعي أصلاً؟!
قال مستفهماً: أومال في إيه؟!
_الحكايه و ما فيها إن زينب كانت فوق بالصدفه و شافت إسمك علي تليفونها و كمان وقفت تتصنت عليها وهي بتكلمك و سمعتها بتقولك جواز و مش جواز، و إنت عارف زينب مبتصدقش خبر و بتحب تعمل خير أوي، نزلت تجري تبلغني.. وأنا قعدت قدامها زي العيله الصغيره مش عارفه أرد عليها أقول إيه.
ثم أردفت بحزن: أنا إتحطيت في موقف وحش أوي يا سليمان.
تأفف قائلاً: صاااافيه، عشان خاطر ربنا أنا مش ناقص لت حريم ملوش عازة، كفايه عليا القرف اللي أنا فيه، مش عارف هلاقيها من الشغل اللي مضړوب ولا من أبويا اللي بيضغط عليا في الطالعه و النازله و مش راضي يتكلم معايا الا أما أعمله اللي هو عايزه، ولا منك إنتي كمان وأنا شايفك بتضغطي علي نفسك عشان تريحيني وأنا مش عارف أخفف عنك إزاي.
ثم قال وهو يضع رأسه بين كفيه: حراام كل ده والله، ده فوق طاقتي بجد.
لم يَفشل يوماً في إبتزازها عاطفياً ليجعلها هي من تقدم له الحلول التي يريدها علي طبق من فضه بالإضافه إلي شعورها بالذنب تجاهه أيضاً لكونها أفصحت عن ما بها من ضيق و إستياء.
: خلاص يا سليمان أنا آسفه، حقك عليا مش هتكلم معاك في الموضوع ده تاني، إسمع كلام أبوك و أكسب رضاه وأنا عليا الإستحمال.
بشدة وأردف قائلاً: مش عارف أعمل إيه يا صافيه، تعبت، وأبويا مش راحمني، ده حتي لسه وأنا طالع بيقولي إعمل حسابك كتب الكتاب يوم الخميس!
إبتلعت غصه في حلقها وقالت پألم: معلش يا سليمان، الخميس من الجمعه مفرقتش طالما كده كده مصمم علي حاجه هيعملها.
: معلش يا صافيه يا بنت الأصول، وضع و كلنا مجبرين نتقبله، ربنا يسامحه أبويا بقا.
إبتسمت هي ببشاشه هلي عكس ما يعتمل بداخلها من ألم و حسرة وقالت: ولا يهمك يا حبيبي، يلا إدخل غير هدومك و تعالي نتعشي، عملالك كل الأكل اللي بتحبه.
أومأ مبتسماً لتنصرف هي بإتجاه المطبخ فـ زفر براحه وهو يمنّي نفسه بإقتراب مراده.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كانت تجلس شارده كعادتها تفكر بهِ فكيف لها أن تنساه وهو من أول من داعب قلبها و إنتزع إبتساماتها فلطالما عشقته و إنتظرته ولكنها أبت ان يبدو ذلك عليها فهي كانت لا تزال صغيرة وتراه قد لا يلتفت لها يوماً فكيف لها أن تطمح في ذلك وقد يراها طفلة في نظره، فـ كبتت مشاعرها بينها وبين نفسها وعانت من لوعة الحب الصامت الذي لم يُلهب إلا وجدانها وحدها.
كانت تأمل أن ربما بداخله شيء نحوها هو الآخر ولم ير منها شيئا يدفعه لأن يصرّح لها بما داخله فإنتظرته ليالٍ طوال.
هكذا قيدت غزل تلك المشاعر و دعتها تكبر داخلها فقط هي وحدها حتى فوجئت بخبر زواجه من يُسر لتنسحب علي الفور من وسط ذلك الجمع الغفير وهي تحبس دمعاتها لأنها لم تحمل داخلها إلا لوعة الحب والفراق.
مسحت دمعاتها التي طفقت تسبح فوق وجنتيها و أسبلت جفنيها توّد النوم حتي تنعزل به عن عالمها المُهلك ولكن أنَّي لها ذلك.
رأت يحيـي يجلس مبتسماً لها وهي تدنو بخطواتها منه حتي إقتربت منه و توقفت أمامه لتجده ما زال ينظر بإتجاهها و يبتسم ولكن ليس لها فنظرت خلفها لتجد يُسر في مكتمل أنوثتها تقف وعلي ثغرها إبتسامه فاتنه و يحيـي ينظر لها و يبتسم ثم نهض عن مقعده و سار إليها حتي توقف أمامها ليجد أنها لا تنظر له ولا زالت تبتسم فنظر خلفه ليجد سليمان وقد بدا وسيماً للغايه يختلط شعره بسواد الليل و بياض الفجر معاً ينظر لـ يُسر و يبتسم ثم سار نحوها علي مرأي عينيّ يحيـي ليسقط هو أرضاً من هول الصدمه و يضرب الأرض حزناً بيديه و ينتحب بشدة فهرولت هي ناحيته لتجد قدميها وقد تثبتت بالأرض لا تقوي علي رفعهما وكإنهما قد إلتصقتا بالأرض لتقف هي حزينه تبكي علي ما آل إليه حال يحيـي وهو يجلس بمكانه ينظر لـ زوجته و شقيقه وهما * و ينظران نحوه پحقد و يضحكان بسخريه لتنتفض هي من نومها بفزع وراحت تتمتم: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
خرجت من غرفتها لتجد والدها ما زال مستيقظاً وېدخن السچائر وهو شارد لتقترب منه وقالت: لسه صاحي ليه يا بابا؟!
نظر إليها قائلاً: مفيش حاجه يا غزل إنتي إيه اللي مصحيكي لحد دلوقتي؟!
زفرت بتوتر وقالت: قلقت مفزوعه، كنت بحلم حلم وحش أوي!
نظر إليها قائلاً بإهتمام: خير اللهم اجعله خير، إقعدي و إحكيلي.
قصّت له ما رأته ليبتسم متهكماً ويقول: ده مش حلم ده حقيقه!
نظرت إليه بتعجب وقالت: حقيقه إزاي مش فاهمه؟!
سحب نفساً من سيجارته وأردف: عمتك صافيه كانت بتكلمني دلوقتي و قالتلي إن سليمان هيتجوز مرات يحيـي الله يرحمه.
فعرت فاها پصدمه وقالت: معقول؟! و إزاي يُسر توافق علي حاجه زي دي؟! و إزاي عمتي صافيه تقبل بالوضع ده؟
زفر قائلاً: عمتك مغلوبه علي أمرها يا غزل، منتي عارفه هي بتحب جوزها قد إيه، وبعدين هو هيعمل كده بأمر من أبوهعشان عيال أخوه يتربوا وسط أهلهم، يعني هو كمان مغلوب علي أمره.
نظرت إاي والدها بعدم إقتناع وقالت: مفيش حاجه إسمها مغلوب علي أمره، هو مش عيل صغير، و كمان هي مسمهاش مغلوبه علي أمرها لا دي إسمها سذاجه و ضعف و إستسلام....
قاطعها قائلاً: متحكميش علي حاجه إنتي مش عايشه فيها ولا مجرباها يا غزل ربنا يعين كل حي علي حاله.
أومأت بهدوء وقالت: معاك حق، هدخل أنا أكمل نوم، تصبح على خير.
دخلت إلي غرفتها و لم يكحل النعاس جفنيها فبقت شارده تسب و ټلعن يُسر التي سړقت منها يحيي أولاً و عادت لتسرق سليمان من عمتها ثانيةً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أتي الموعد المنتظر علي أحرّ من الجمر ليستقبله سليمان بفرحة و سرور جاهد أن يخفيها و لكنه فشل مما أثار خوف صافيه من القادم ولكنها حاولت التحلّي بالصبر حتي لا تتسبب في أي شئ قد يفسد ذلك اليوم فبدأت بتحضير ثياب سليمان والذي كان يستعد أتم الإستعداد.
_صافيه، أنا طالع عايزة حاجة؟!
نطقها ببساطه حتي أنه قد نسي أن يتصنّع الحزن لتنظر صافيه له پألم ثم قالت: عاوزة سلامتك.
إنصرف للأعلي مسرعاً متخذاً سبيله إلي شقتها هرولةً ثم دق الباب دقات متلهفه ليفتح له زياد فحمله و قبّل وجنته قائلاً: ماما فين يا زيزو؟
_ماما في الأوضه، أناديلها؟!
=قوللها عمو سليمان جه بره.
قال الطفل بعفوية: هو إنت جاي عندنا ليه؟!
لم يعرف بما يجيبه ليقول: يلا إدخل قوللها اللي قولتهولك.
دخل زياد إلي غرفتها و أبلغها بقدوم سليمان ثم خرج ليرتفع بعدها جرس الباب مسفراً عن قدوم المأذون و علي و عبدالقادر.
فتح سليمان الباب لهم ليرمق ملاً منهم بنظرات خاطفه تبيّن منها عدم رغبتهم في تلك الزيجه ليدخل المأذون و يبدأ في تحضير الأوراق بينما جلس سليمان إلي جانب أخيه و أبيه ينتظرون قدوم يُسر التي خرجت بعد أن تسائل المأذون قائلاً: العروسه فين؟!
_أنا أهو يا حضرة المأذون.
برز صوتها وهي تتهادي بخطواتها الممشوقه لينتبه عليها الحضور و بالأخص "علي" الذي رمقها بنظرات متفحصه أسفرت عن تحليل صائب لموقفها و إنطباعها عن تلك الزيجه مما جعله يتعجب بشدة.
كانت يُسر ترتدي ثوباً أبيض يرسم قوامها الفتّان ببراعة و تضع من الزينه ما يكمل جمالها الذي حباها به الله فأقبلت عليهم تمشي بثقه ثم جلست مقابل سليمان الذي كاد فاه أن يسقط أرضاً من فرط إعجابه بها.
عُقد القران بشهادة عبدالقادر و علي لينصرف كلاً منهم برفقة المأذون و بقي سليمان مع يُسر بشقتها ليقف أمامها ويقول مبتسماً: مبروك يا يُسر.
تمتمت بهدوء: الله يبارك فيك يا عمو.
إبتسم بإقتضاب قائلاً: لأ عمو إيه بقا مبقاش ليها لزوم عمو دي.. كفايه سليمان و بس!
أومأت بموافقه ليفاجئها هو عندما أخرج من الجيب الداخلي لسترته علبة قطيفه حمراء اللون وقام بفتحها أمامها لتتسع عيناها بدهشه و إعجاب وتقول بسعادة لم تنجح في إخفاؤها: الله!! تحفففه بجد.
ثم نظرت إليه وهي تلتقط العلبه من بين يديه وقالت: متحرمش منك يا عمو.. الطقم فظيع أوي.
سُرّ قلبه وقال مبتهجاً: دي أقل حاجه، إنتي تستاهلي أحلي من كده بكتير.
ثم نزع الإسوار من العلبه و قال: إيدك بقا عشان ألبسهالك.
بسطت كف يدها بسعادة ليقوم بإلباسها الإسوار ثم تلاه الخاتم ثم أمسك بالكوليه وهو ينظر لها ليتفاجأ عندما وجدها تستدير و تولّيه ظهرها و ترفع حجابها ليتقدم هو منها أكثر و يقف خلفها ويقوم بإلباسها العقد و قلبه يكاد يتوقف من فرط * بها لتستدير هي سريعاً وتنظر إلي العقد و من ثَمّ نظرت إلي سليمان بغبطة وقالت: شكله حلو عليا مش كده!
نظر إليه سريعاً وقال: حلو جداً، تعيشي و تدوبي.
إبتسمت و أومأت بهدوء لينظر إليها قائلاً: طب إيه مش هنتعشي ولا إيه؟! حتي العيال يتعشوا معانا.
قالت بأسف: إيه ده! أنا نسيت أجهز عشا، أصلي مكنتش عامله حسابي إنك هتفضل معانا بعد كتب الكتاب يعني.
ضحك قائلاً: وهو يصح أنزل يعني في ليلة زي دي!
أخفضت بصرها أرضاً ليردف قائلاً: عالعموم مش مشكله، هطلب أكل من بره، أساساً مكانش ينفع إنتي اللي تطبخي.
قام بالإتصال بخدمة توصيل الطعام للمنازل و طلب عشاءً فاخراً وقال: نص ساعه و الأكل هيوصل.
أسرع زياد بإتجاهه و قال: عمو هو إنت قاعد عندنا ليه؟!
نظر إليه باسماً وقال: إيه يا زياد باشا عايزني أمشي؟!
أومأ زياد نافياً وقال: هو إنت هتتعشي معانا؟!
قال سليمان ضاحكاً: ده لو مش هيضايق حضرتك.
أضاف زياد متسائلاً: و هتنام عندنا؟!
نظر سليمان إلي يُسر وقال: ده لو ماما تسمح.
أكمل زياد وصلة تساؤلاته فقال: ليه هو إنت بابا ولا إيه؟
إنقبض قلبها لتقول بحدة طفيفه: زياد بطل كلام كتير و يلا عشان تغير هدومك.
ذهبت لتساعد أطفالها في تبديل ملابسهم بينما دق جرس الباب ليفتح هو و يقوم بتحضير طعام العشاء علي الطاوله فخرجت الأطفال ليجلس زياد إلي جانبه و نورا علي قدمه فإذ به ينظر تجاه غرفة يُسر لتجدها تخرج وقد بدلت ثيابها إلي رداء رياضي "ترينج" مُحكَم مكوّن من قطعتين ثم جلست إلي جانبهم و بدأوا جميعاً بتناول العشاء وسط جو لا يخلو من المزاح بين سليمان و الطفل زياد.
فرغ الجميع من طعامهم لتقول يُسر: أنا ممكن أنام مع زياد و نور في الأوضه بتاعتهم و إنت تنام علي السرير الكبير لوحدك.
أردف بلهفه قائلاً: لالا..بلاش الأوضه دي.
طالعته بتعجب ثم أضافت قائلة: خلاص أنا هاخدهم معايا في الأوضه بتاعتي و إنت نام في أوضتهم.
زم شفتيه وقد خابت آماله بأن يبيتا سوياً فقال: خلاص ماشي.
إنصرف كلاً منهم إلي غرفته وهو يرقد علي السرير كمن يفترش الجمر من أسفله و يتمتم بحسرة: بنت الإيه زي لهطة القشطه تقولش مفطومه شربات.. آاااه بقا بعد ده كله أنام في أوضه و هي في أوضه! يعني بيننا حيطه واحده ومش عارف أطولها.
ثم قال مؤازراً نفسه: الصبر يا سليمان.. الصبر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
#
الفصل السابع
كانت غَزَل تباشر عملها بالمركز قبل أن تنتبه إلي صوت رنين هاتفها لتخرجه من حقيبتها فوجدت رقم مجهول يتصل بعدها فأجابت مسرعة ليصلها صوت أنثوي ميّزته هي فقالت بلهفه: أيوة يا طنط هبه؟
_أيوة يا غزل، بابا تعبان وإحنا في المستشفي الأميري غرفة 205 تعالي بسرعه.
هرولت ركضاً تستوقف سيارة أجرة ركبتها و إتجهت بها إلي المشفي فوراً.
وصلت للغرفه الموجود بها والدها و دلفت بلهفه لتجده راقداً علي الفراش لا حول له ولا قوة فإقتربت منه و دمعاتها تسيل دون هوادة و أمسكت بيده تقبلها وهي تقول: مالك يا بابا سلامتك ألف سلامه.
ثم نظرت إلي جارتهم المدعوة هبه وقالت: هو جراله إيه يا طنط هبه؟!
قالت هبه بأسف: والله يا غزل إحنا كنا قاعدين في أمان الله و فجأه سمعنا صوت حاجه بتتهبد علي الأرض، طلعنا نجري لقينا صوت حد بينازع عندكوا في الشقه، أبو إسلام كسر باب الشقه و دخل لقا الحاج إبراهيم واقع في الأرض و جمبه الكرسي كان تقريباً بيحاول يتسند عليه قام خده و وقع..
نظرت غزل إلي والدها بحزن وقالت: أكيد مخدش العلاج بتاعه، أنا السبب.
قللت الأخيرة لټنفجر بالبكاء فقالت هبه: وإتتي ذنبك إيه بس يا بنتي؟
_ذنبي إني سيبته و نزلت إشتغلت، فكرت في نفسي و نسيت إنه مليش غيري يراعيه و ياخد باله منه.
ربتت هبه علي كتفيها تواسيها وقالت: معلش يا حبيبتي وحدي الله و إن شاءلله بابا هيبقا كويس و يقوم بالسلامه.
بدأ إبراهيم بالإفاقه لتهرع إليه و تمسك بيديه تقبلها بأسف و ندم وتقول: أنا آسفه يا بابا إني مكنتش في وقت تعبك، سامحني.
مسح والدها علي شعرها بهدوء وقال: متعيطيش يا حبيبتي إنتي ذنبك إيه بس.
نظرت إليه بلهفه وقالت: إنت كويس؟!
أومأ موافقاً لتقول هبه: طيب يا عم إبراهيم حمدلله على السلامة، شده و تزول إن شاءلله، هستأذن أنا.
إنصرفت هبه لينظر إبراهيم بإتجاه غَزَل ويقول: ربنا يباركلها طنط هبه و جوزها و إسلام إبنهم هما اللي جابوني عالمستشفي و مسابونيش لحظه.
ربتت علي يده وقالت: ربنا يوقفلك ولاد الحلال دايماً و ميحرمنيش منك ابدا يارب.
إبتسم قائلاً: الواد إسلام ده طيب بشكل، و جدع كمان، راجل من ضهر راجل.
تجاهلت حديثه الذي تعلم مبتغاه ليتسائل حانقاً: يعني مبترديش!
_أرد أقول إيه يا بابا؟! منتا عارف ردي.
=لأ مش عارف حاجه، و من الآخر كده أنا بعد اللي حصلي إمبارح ده إستحاله أسيبك تعملي الهبل اللي في دماغك ده.
نظرت إليه بضيق وقالت: مش فاهمه حضرتك تقصد إيه؟!
أضاف بقوة: قصدي إني معنديش إستعداد أموت و أسيبك تلطشي في الدنيا لوحدك، و إذا كنت بوافقك علي اللي في دماغك قبل كده مش هوافق تاني خلاص.
تسائلت پغضب: يعني إيه يا بابا الكلام ده؟!
قال بنبرة لا تقبل النقاش: يعني إسلام كلمني عليكي إمبارح تاني وأنا قررت أوافق خلاص.
نظرت إلي والدها بذهول وقالت: توافق؟! توافق علي أي أساس يا بابا؟!
أشاح والدها جانباً وقال: علي أساس اللي عيشته النهارده ده، أنا كان بيني و بين المۏت شعره، مكنتش شايل هم حاجه غير إني ھموت و أسيبك لمين؟!
سالت دمعاتها ليردف بضعف قائلاً: مش كل مره ټعيطي يا غزل عشان تسكتيني، إفهميني يا بنتي أنا مش عايزك تتحوجي لحد من بعدي...
قاطعته بسيلٍ جارف من الدمعات وقالت: متقولش كده يا بابا ربنا يخليك ليا....
ليقاطعها هو بدوره قائلاً: لو خلاني النهارده مش هيخليني طول العمر يا بنتي إفهمي، أنا مش هعيشلك العمر كله و مش ضامن عمري، عايز لما أموت أبقا مرتاح و مطمن عليكي إنك في حما راجل.
سددت إليه نظرات فارغه ليستأنف حديثه بوهن وقال: أنا عمري ما ضغطت عليكي في حاجه يا غزل و عمري ما جبرتك تعملي حاجه ملكيش هوي ليها، كنت أقوللك بلاش تقوليلي عشان خاطري يا بابا و أسيبك تعملي اللي إنتي عيزاه لكن المرادي أنا اللي بقولك عشان خاطري يا غزل ريحيني و وافقي.
وضعت رأسها بين كفيها لتنخرط في بكاءٍ مرير وقالت: مش هقدر يا بابا، والله العظيم ڠصب عني مش عارفه.
_يحيـي ماټ يا غزل.
نظرت إليه پألم ليردف مؤكداً: يحيـي ماټ و الحي أبقا من المېت، مش هينفع تعيشي طول عمرك راهنه حياتك بيه، ده مراته اللي معاشراه و مخلفه منه عيلين نست و إتجوزت.
آثرت الصمت ليتسائل بأمل قائلاً: هاا قولتي إيه؟!
_اللي تشوفه يا بابا.
نطقتها بحزن و يأس ليتمتم هو فَرِحاً: علي خيرة الله، بكرة بإذن الله هبعتلهم الرد بالموافقه واللي فيه الخير يقدمه ربنا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد خروج إبراهيم من المشفي قام بمهاتفة والد إسلام و أخبره بموافقتهم علي طلبه لخطبة غزل فقاموا بتحديد موعد الغد للتعارف و قراءة الفاتحه.
علي مضض و بين بكاءٍ و نواح تجهزت غزل فإرتدت ملابس بسيطه و لم تتزين بل تركت بشرتها صافيه دون أي مساحيق تجميل و عكصت شعرها للأعلي بأنشوطه ثم خرجت لتقوم بمصافحة الجالسين و من ثم جلست إلي جانب والدها ليبادر بالحديث قائلاً: نورتونا يا جماعه.
نطق والد إسلام مبتسماً وقال: ده بنورك يا حج إبراهيم.
_نورتنا يا إسلام يا إبني.
قالها إبراهيم مبتسماً وهو يتحدث إلي إسلام الذي نظر بإتجاه غزل و أفتر ثغره عن إبتسامه مختاله لتطالعه غزل بنظرات فارغه أحبطته فقال: البيت منور بناسه يا عمي.
قال والده: دلوقتي يا أستاذ إبراهيم خير الكلام ما قل و دل و بما إن حضرتك عارف سبب الزيارة دي فـ الأفضل ندخل في الموضوع طوّالي.
أومأ إبراهيم موافقاً وقال: إتفضل يا أستاذ عبدالله.
_دلوقتي إحنا كنا سبق و طلبنا من حضرتم إيد كريمتك الآنسه غزل و الحمد لله جالنا الرد بالقبول، فبما إن الموافقه موجوده الحمد لله يبقا خير البر عاجله.
أومأ إبراهيم مؤيداً ليردف الآخر متابعاً ويقول: النهارده بإذن الله غزل و إسلام يقعدوا مع بعض يتعرفوا على بعض أكتر و بإذن الله الخطوبه تبقا آخر الأسبوع.
تمتم إبراهيم قائلاً: وهو كذلك.. علي خيرة الله.
جلس إسلام و غزل بغرفة الصالون بصمت لم يقطعه أياً منهما ليردف إسلام قائلاً: عامله إيه يا غزل؟
تمتمت بهدوء و قالت: كويسه الحمد لله.
أومأ بإبتسامه صافيه و قال: مفيش حاجه عايزة تسأليني عنها.
نظرت إليه بشرود وقالت: إشمعنا أنا؟!
نظر إليها مستفهماً ببلاهة و تسائل فقال: إشمعنا إنتي إيه مش فاهم؟!
_إشمعنا إتقدمتلي أنا؟!
أجاب بعفوية: عشان متربيين سوا من صغرنا و عارفك و عارف طبيعتك و عارف تربيتك شكلها إيه!
قالت بتهكم: عشان كده بس؟!
أومأ موافقاً و قال: أيوة، بس بتسألي السؤال ده ليه مش فاهم!
هزت رأسها بلا مبالاه و قالت: لأ أبداً، بسأل بس.. كنت عايزة أشوف سبب إصرارك ده إيه؟!
نظر إليها متلعثماً متخطباً لتنتشله هي من حيرته تلك و تقول: خلاص يا إسلام، مش لازم تجاوب.
أومأ علي الفور موافقاً و كأنه تخطي إختباراً صعب للغايه و قال: لو مفيش عندك حاجه عايزة تعرفيها ممكن نخرج نقعد معاهم.
راقتها الفكرة لتنهض علي الفور و تخرج اليهم برفقته و يبلغانهم بالموافقه لينصرف إسلام و أهله علي إتفاق بأن الخطبة يوم الخميس المقبل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إستيقظت يُسر من نومها بضيق داخلي يملؤها فتململت بفراشها لتقع عيناها بغتةً علي صورة يحيـي المعلّقه علي جدار الغرفه لتشيح بوجهها جانباً و كإنما تتحاشي النظر إليه فنظرت إلي الجهة الأخري لتصطدم بصورته التي تقبع فوق الصوانة الموجودة إلي جانب الفراش فشعرت بالإختناق و كإنما يلاحقها و يحاصرها لتمسك بصورته و تزچ بها في الجارور ثم تنهدت بريبة و خرجت من غرفتها لتذهب إلي المغسل.
كان سليمان يرقد فوق فراشه بملل و ينتظر إفاقتها حتي يراها ليستمع إلي حركتها بالخارج فتصنع النعاس و خرج من الغرفة مسرعاً قبل أن تعود إلي غرفتها مجدداً فوجدها تخرج من المغسل ليقف مصډوماً و قد إزدرد ريقه بصعوبه وهو يراها تقف أمامه بـ طلّتها تلك و هو لا يستطيع أن ينتزع عيناه من عليها.
_إحممم.. صباح الخير يا عمو.
قالتها يُسر بحرج و قد أخفضت بصرها أرضاً ليردف هو قائلاً: يا صباح الجمااااال.
إزدهي داخلها و شعرت بالإنتشاء لإطراءه البسيط ذلك فـ وأدت إبتسامةٍ كانت تتسلل إلي شفتيها و تصنّعت الخجل و قالت: معلش خرجت براحتي بقا مكنتش أعرف إنك صاحي.
تمتم مسرعاً: لأ معلش إيه، إنتي تاخدي راحتك عالآخر، هو أنا معقول يعني هقيد حريتك في بيتك!
ثم أضاف بنبرةٍ واهية: بصي؛ إعتبريني مش موجود.
أومأت بإبتسامة هادئة و قالت: طيب بعد إذنك هغير هدومي و آجي أعمللك فطار.
همّت بالإنصراف ليمسك بيدها سريعاً يستوقفها فقال: لا ملوش لزوم تتعبي نفسك، إرتاحي و أنا اللي هعمل الفطار.
نظرت إليه بتعجب سرعان ما تحوّل إلي سرور فأشارت له بالموافقة و إنصرفت من أمامه بينما كان ينظر هو في أثرها بـ وقد أوشك صبرهُ علي النفاذ.
ذهب لإعداد طعام الفطار بينما دلفت هي إلي غرفتها و قد بدأت تستعيد يُسر تِلك المتفاخرة المتعاظمه بجمالها الأخّاذ.
جلست هي و سليمان و أطفالها يتناولون طعام الإفطار فنظر سليمان إليها قائلاً بمشاكسة: فطار ولا فطار في فندق خمس نجوم أهو، أي خدمه.
ضحكت عالياً و أردفت قائلة: معاك حق، تسلم إيديك.
تمتم مبتسماً: بألف هنا.
برز صوت الصغير قائلاً: هو إنت بتاكل عندنا ليه يا عمو؟!
نظر إليه سليمان و قال: إيه يا سي زياد مش عايزني أفطر معاكوا ولا إيه؟! أقوم أمشي؟!
أجابه الصغير بإيماءه موافقة و أردف بعدها قائلاً: أيوة عشان إنت قاعد في المكان بتاع بابا.
أصابه الخَرَس و إمتدت يده ليتناول كأساً من المياه تجرّعهُ ليزدرد غصّته و من ثَمّ نهض عن مائدة الطعام و دخل ليبدل ثيابه فإستوقفته يُسر قائلة: متزعلش من زياد، ده عيل صغير مش فاهم حاجه.
إبتسم بلطف قائلاً: و مين قال إني زعلان، أنا بس ردّه فاجئني.
_طب إنت رايح فين دلوقتي؟معقول هتنزل؟!
أومأ أن نعم و قال: هنزل أطلّ علي أبويا و أشوف صافيه عشان متزعلش و هبقا أرجع عالغدا.
أومأت بموافقة ليغادر هو الشقه و ينزل إلي شقة صافية فوجدها تلتزم فراشها و قد تملّك الإكتئاب و اليأس من وجهها ليرسم أسفل عيناها لوحةً سوداء ذات محجرين غائرين و شفاه عابسه إنقشعت عنها البسمة.
تعجّب سليمان من هيئتها الحزينه ليتسائل قائلاً: مالك يا صافيه، إنتي تعبانه ولا إيه؟!
ألقت عليه نظرةٍ قاسېة وقالت و الحزن يخيّم علي معالم وجهها: لا مش تعبانه يا سليمان، أعمللك تفطر؟!
قال ببساطه: لا أنا فطرت قبل ما أنزل.
رآها تنظر نحوه نظرات لم يستطع فك شيفرتها ليردف مكملاً: العيال كانوا بيفطروا و فطرت معاهم.
تسائلت مجدداً وهي تعلم مسبقاً بما سيجيبها و قالت: طب تحب أعملك إيه عالغدا؟!
أتاها جوابه كما إنتظرت فقال: لا أنا هتغدي مع العيال النهارده.
إبتسمت بتهكم و قالت: ربنا يخليلك العيال و أم العيال.
تبيّن ضيقها ليردف قائلاً: معلش يا صافيه هو عشان أول يوم بس.
نظرت إليه و بداخلها تعتمل الكثير من الأحاسيس إلا أنه أخمدها جميعاً و أوقظ لهيب الحب عندما إقترب منها مردفاً بحنية لم يفشل يوماً في إتقانها وقال: صافيه يا حبيبتي، إنتي طول عمرك بنت أصول و بتفهمي في الأصول، عايزك تساعديني بس لحد ما أعدي اليومين دول و أصالح أبويا و أكسب رضاه من تاني، أنا نمت فوق إمبارح ڠصب عني و حاسس إن السرير عليه شوك لإنك مش جمبي، بس إتغصبت علي نفسي عشان مينفعش مكنتش أنام فوق إمبارخ منتي عارفه دماغ أبويا و تحكيم رأيه.
: أنا معرفتش أنام يا سليمان، عنيا مداقتش طعم النوم طول الليل و حاسه إن الفرشه بارده من غيرك، أنا حاسه إني ظلمت نفسي و ظلمتك لما شجعتك علي قرار الجواز ده.
إضطرب و أخذ منه التوتر كل مأخذٍ و أردف قائلاً: معادلوش لزوم الكلام ده يا حبيبتي اللي حصل حصل، بس أنا مش عايزك تقعدي حزينه و مضايقه كده و شايله الهم، كده إنتي بتعجزيني، قومي يلا إفطري و فرفشي نفسك، و أقوللك أنا مفطرتش فوق بـِ نفس، إعمليلنا فطار ملوكي من بتاعك ده و تعالي نفطر يلا عشان أنزل أشوف أبويا.
تهللت أساريرها و أسرعت لتعد له طعام الإفطار و مِن ثَم جلسا يتناولان الطعام سوياً ثم مرّ بشقة والده و من بعدها إلي المتجر الخاص به.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أتي يوم خطبة غَزَل التي إستقبلته بحزن و بؤس شديد، كانت صافيه تجلس إلي جوارها ټحتضنها وهي غارقه في سيْل دموعها الجارف.
_خلاص بقا يا غزل يا حبيبتي، في عروسه ټعيط يوم خطوبتها بردو؟
نظرت غَزَل إليها وقالت: مش عيزاه يا عمتو، حاسه إني هيجرالي حاجه لو إتجوزته، حاسه إني كده هبقا بخون يحيـي!
دُهِشت صافيه مما إستمعت إليه فأردفت بحدة تقول: پتخوني يحيـي!! إيه العبط اللي بتقوليه ده يا غزل؟! يحيـي ماټ يا بنتي الله يرحمه، و حتي لو كان عايش إنتي لا كنتي مراته ولا خطيبته عشان تقولي كده.
و أضافت بإستهجان: ده مراته معملتهاش!!
لم تجيبها غَزل لتتابع عمتها حديثها و تقول: قومي يلا بلاش خيابة، إغسلي وشك كده و غيري و حطي ميكب و حاجات من بتاعة العرايس دي زمان المعازيم علي وصول.
علي مضض، نهضت غَزل و قامت بتبديل ملابسها إلي رداء فضفاض بسيط من اللون الوردي و لم تضيف أي زينه إلي وجهها و خرجت لتجلس وسط الحضور بوجهٍ عابس شاحب اللون.
تقدم منها والدها فنهضت لتصافحه ليقول: حبيبة قلبي يا غزل أخيراً ربنا إستجاب ليا و شوفتك عروسه زي القمر.
إحتضنت والدها بشده وقد أجهشت بالبكاء ليقول محذراً: لاا بلاش عياط عشان مزعلش منك، هو في عروسه قمر كده ټعيط.
ثم ربت علي كتفها قائلاً: ربنا يسعدك يا بنتي و يتم عليكي بخيرر.
ثم إنصرف لتجلس هي مجددًا إلي جوار إسلام و يستكملان حفل الخطوبة حتي إنتهاءه و مغادرة الجميع.
في نهاية حفل الخطوبة تقدم سليمان من غَزل و صافحها مهنئاً إياها و متمنياً لها أياماً سعيدة ثم إنفرد بزوجته و همس إليها قائلاً: يلا عشان الوقت إتأخر.
_لا يا سليمان معلش روّح إنت و أنا هفضل مع غَزَل يومين لإن نفسيتها تعبانه و مش عايزة أسيبها لوحدها.
نظر إليها مستفهماً وقال: يعني مش هترجعي معايا؟
أومأت بالنفي ليصطنع الضيق ثم قال: مش معقول يا صافيه كده، مش كفايه إن إمبارح كنت بايت فوق!
منحته إبتسامه هادئة و قالت: معلش يا حبيبي ڠصب عني والله، عشان مسيبش غَزَل لوحدها، و كلها يوم ولا اتنين و هاجي بإذن الله.
: ماشي يا صافيه، طيب محتاجه فلوس ولا حاجه؟!
_لا معايا متحرمش منك.
أومأ موافقاً لينصرف سريعاً ثم قام بالإتصال بـ يُسر التي أجابت علي الفور فقال: أيوة يا يُسر.
_أيوة يا عمو.
=العيال ناموا ولا لسه؟!
_زياد نام أيوة بس نور لسه مغلباني.
=طيب محتاجين حاجه أجيبها لكوا و أنا جاي؟!
تسائلت بتعجب وقالت: إنت هتبات هنا النهارده؟
=أيوة لو مش هيضايقكوا، صافيه هتبات عند أخوها يومين ولا حاجه، قولت بدل ما أنام لوحدي أطلع أبات عندكوا.
_تمام ماشي، تنور.
إبتسم قائلاً: منور بأهله، عايزين حاجه أجيبها وأنا طالع؟
_طالما جاي دلوقتي هات عشا بقا لإني ملحقتش أعمل عشا و الوقت إتأخر.
=حاضر من عينيا، سلام.
إبتاع سليمان طعام العشاء و صعد علي الفور إلي الشقه و من ثم بدأوا يتناولون طعام العشاء سويّاً و من بعدها ذهبت يُسر كي تضع الصغيرة في سريرها و من بعدها خلدت إلي النوم.
أمّا هو فـ خاصم النعاس جفنيه ليسهر ليلته يطوف بالغرفه ذهاباً و إياباً وهو يقوم بتدخين سېجارة تلو الأخرى حتي إستمع إلي وَقْع خطواتـها ليسرع خارج الغرفه فوراً فوجدها تخرج من المغسل و كعادتها ترتدي ملابس نوم قصيرة.
تصنّع اللامبالاه بهيئتها المهلـكه تلك وقال بتعب مزيف: مفيش هنا برشام مسكن؟
أومأت علي الفور قائلة: أيوة في، إنت تعبان مالك؟
ترنّح ليمسك برأسه فأسرعت هي تتمسك بِخصرهِ تمنعه ألّا يسقط استند عليها و مما كان السبب في خفقان قلبِها بشدة لتنظر إلي عيناه بترقب بينما كان يدنو منها ببطء ليتبيّن ردة فعلِها فوجدها ساكنةً لا تُحيد ببصرها عنهُ مما دَفَعهُ لإتمام ما نَوَي فِعله.
في الصباح و بينما كان هو شارداً بها يحفر ملامح وجهها ذو الجمال الفتّان بمخيّلتهِ و كإنه يَخشي أن تكون تلك هي المرة الوحيده التي سينالها بها، أمعن النظر بها ليجد جبينها وقد تصبب عرقاً متناثراً و وجهها يتحرّك بعشوائية و كإنها تطارد شبحاً في منامها مما أثـار تعجبّه ليوقظها علي الفور فإنتفضت هي بشدة و راحت تحملق به دون النّبس بِكلمـة بِضع ثوانـي حتي قال: مالك بتبصيلي كده ليه؟! إنتي قايمة مفزوعه!!
تنهدت مطولاً بضيق ثم تذكرت ما حدث بينهما لتردف بغتةً: أكيد زعلان مني!
تسائل بإيماءه من رأسه و قال: مين اللي زعلان؟! أنا؟!
أومأت بالنفي و قالت: لأ؛ يحيـي!
تجهم وجهه و صاح مستنكراً: يحيـي؟!!
أومأت أن نعم و قالت: يحيـي جالي في المنام و كان پيصرخ و حوالين رقبته حبل، و أنا كنت بحاول أفك الحبل بس مش بيتفك، كإني كنت بلفه حوالين رقبته بالغلط، وهو عمّال ېصرخ و يبكي و كان بيتخنق قدامـي!
تأفف بِضيق وقال: طب تفّي علي شمالك 3مرات، و إبقي إتغطي كويس بعد كده!
نطق بها ساخراً لتنظر إليه و تقول: هو ممكن زعلان مننا فعلآ؟!
طالعها بقوة حانقاً و قال بحدة: يُسر، يحيـي الله يرحمه ماټ و شبع مۏت، و إحنا لا عملنا حاجه حرام ولا حاجه عيب، و تاني مرة إبقي خدي بالك من كلامك عشان إنتي بقيتي مراتي؛ يعني ميصحش ولا هقبل إنك تتكلمي عن واحد تاني قدامي حتي لو كان أخويا.
إضطربت و شحب وجهها فإقتربت منه و إمتدت يداها لتمسك كفه وقالت بهدوء: إنت زعلت؟! أنا مقصدش حاجه....
: لأ مزعلتش، مقدرش أزعل منك أصلاً بس نبهتك عشان متعيديهاش تاني!
...عمو
قاطعها مشاكساً: عمو؟! ده إنتَ اللي عمو.
إبتسمت ليستأنف حديثه قائلاً: قولي سليمان.
نظرت إليه بصمت ليكرر حديثه قائلاً: عشان خاطري نفسي أسمعها منك ولو مرة واحده بس! قولي سليمان.
إصراره لنطقها بإسمه جعلها تشعر بِحجم لهفته عليها و شغفه بها مما زادها غروراً و زهواً فقالت بِغنح هي أهله: سليمـان.
أفتر ثغره عن إبتسامه و حثها بِحماس عينيه علي تكرارها لتقول مجدداً: سليمـان.
مسح وجهه بحركةٍ فوضويه وقال: أيوووووه عالحلاوة يا ناس.
لترتفع ضحكاتها عالياً فقال: بصي إنتي تثبتي علي كده؛ مسمعش عمو دي منك تاني، مفهوم؟
أومأت أن نعم ليقول مرة أخري: و إثبتي مكانك كمان متتحركيش، أنا نازل أستلم البضاعه الجديدة و طالعلك، و متطبخيش أنا هجيب أكل و أنا جاي.
أومأت بموافقة ليستعد هو منصرفاً نحو الأسفل وهو ينزل درجات السلم.متحمساً و صوت صفيره قد إرتقي عالياً ليلتقي بشقيقه و زوجته علي الدَرج فقال أخيه: صباح الخير يا سليمان، ماشاء الله عليك صاحي رايق و فايق.
إبتسم سليمان بهدوء و لم يعقّب فقالت زينب: عروستنا أخبارها إيه يا عمي سليمان؟
زمّ شفتيه مقتضباً و تشدق قائلاً: كويسه.
ثم عاد ينظر لأخيه و قال: إبقا حصّلني عالمحل يا قدّورة، عشان في فواتير هتتراجع و أنا مش فاضي.
أومأ شقيقه موافقاً لينصرف هو مغادراً بينما كانت زينب تنظر في أثره بخبث وقالت: شكله كده مزاجه حلو، مانا عارفه يُسر دي مش سهله.
نعرها زوجها قائلاً: خلينا في حالنا، يلا.
ثم إنصرفا مغادرين ليلتقي عبدالقادر بِوالده الذي تسائل قائلاً: علي فين يا ولاد؟
أجاب عبدالقادر: رايحين نكشف علي يحيي يا حاج، صدره مكتوم و طول الليل عياط.
حمله الجد مربتاً علي ظهره بحنان وهو يقول: سلامتك يا حبيب جدو، سلامتك يا يحيـي.
قالت زينب: الله يسلمك يا عمي الحج و يباركلنا فيك، كان نفسي عمه سليمان يشوفه لإن مشافوش من زمان بس هو نزل مستعجل.
أضافت بكلماتها الأخيرة بمكر لينظر لها "علي" مضيقاً عيناه و يقول: هو سليمان نزل؟! إنتزا شفتوه؟!
نظر عبدالقادر إلي زوجته بعتاب و نظر إلي والده قائلاً: أيوة يابا لسه نازل قدامنا أهو.
قالت زينب: كان نازل بيصفر.....
لتبتلع كلماتها فور أن لكمها عبدالقادر لكمةً قويه بيده و نظر إليها بتحذير.
أومأ الأب بهدوء وقال: طيب يلا إتكلوا إنتوا علي الله روحوا مشواركوا، و إبقوا طمنوني لما ترجعوا.
إنصرفوا علي الفور و عبدالقادر يهمس إلي زوجته قائلاً: إنتي إيه! لسانك زايد حته دايماً كده، لازم يعني تقوليله كان نازل يصفر ولا يزمر؟!
طالعته بحنق وقالت: الله، وأنا كنت أجرمت يعني!
أشار إليها لتمتنع عن الحديث وقال: إتفضلي إركبي خلينا نخلص.
بينما كان "علي" يتمتم مستاءً: من أولها كده يا سليمان نسيت نفسك! ربنا يستر من اللي جاي!!